حب اليمام” قصة قصيرة “
أجلس على شرفة منزلنا الغربية الواسعة صباحاً، بملابس خفيفة، تهب أنسام أحسها باردة أحياناً، لكنني منتعش وأنا أشرب قهوة الصباح التي أعدّها عادة على الطريقة الأمريكية، يقوى هبوب النسيم فأهمّ بالنهوض لارتداء قميص ثانٍ، لكن شاغلتني اليمامة، وأظنه ذكر يمام يطير من غصن إلى غصن على أشجار حديقة منزلنا، وأنباء الانتخابات التي تمت في الأمس لم تستقر بعد، استغربت عدم ظهور نتائج اولية في الإعلام، لم أعرف ناجحي المنطقة الرابعة حيث أقيم حتى بعد عصر الأمس، مع انهم أعلنوا النتائج الأولية في جميع مناطق المملكة، تلوح في الأفق شذرات غيمة باهتة، ممتدة متشعبة كذيل فرس يلوح في الهواء، لم أمارس حقي الانتخابي لقناعتي بعبثية المرحلة وصعوبتها، الوجوه التي استطاعت الترشح للبرلمان الثامن عشر لم تتغير جوهريا، فهو إما برلماني سابق، أو وزير سابق او ضابط سابق او ابن عشيرة متنفذ وكل المرشحين من الأثرياء او أبنائهم، او برجوازيون منتفعون من التركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ارض اليمام لا تتوقع نجاح إنسان قليل الثروة او بلا جاه، ذكر اليمام يحلق لموقع أعلى فيحط على طرف المنزل المجاور أمام ناظري، ووجهي صوب الغرب، والغيمة تتضاءل وتتشتت، يبتختر متباهيا بحريته وربما هي ديمقراطية اليمام، أخذت شريكته في العش الدور عنه للرقاد على البيض، فهبّ الذكر مرفرفا سعيدا يمارس حريته في الحياة، والاستمتاع بجمال الطبيعة وسعتها لجميع المخلوقات، وتنوع موجوداتها، نسيت أن أذكر أن اليمامتين اختارتا جيرتنا، فوضعا عشهما في إحدى نوافذ بيتنا، اليمام يحب موطنه ويسعد فيه، يقول الإعلامي أجواء البلد يعمها الفرح والهدوء، وبعض الدول العربية تابعت سير انتخابات الأردن، لكننا لم نسمع آراء الغرب والمراقبين عنها بعد، أما تعليقات البسطاء الكثرة، والذين لا دور لهم في إدارة شئون البلد، تعكس مرارة وقنوطاً، فبعضهم يتململ تمردا، وآخر يعبر عن الخيبة علنا، ولم نتعلم العدالة من اليمام، أنهيت شرب فنجان قهوتي دون أن أشعر بذلك، وحتى قرن الموز لم أجد منه الا القشرة، يشعر العجوز برجفة برد في وحدته، مضطر أن ينشغل بنفسه، قمت لأملأ فنجان قهوتي ثانية، أغبط ذلك اليمام السعيد بتفاهمه بعدالة مع فرد آخر من جنسه، لضمان استمرار الجنس والحياة.
بقلم: نازك ضمرة
اديب فلسطيني مقيم في الولايات المتحدة