المرأة المطلقة في المغرب .. نظرة دونية وتحقير لـ”بضاعة مستعملة”

تقارير – التلغراف : لم تعد تخفى على أحد العلل التي أصابت مؤسسة الزواج بالمغرب، فالمجتمع يئن منذ زمن تحت وطأة داء لم تنفع معه مدونة الأحوال الشخصية القديمة ولا مدونة الأسرة الجديدة، وهو ما أدى إلى تدهور هذه التركيبة المجتمعية. ولعل أبرز تجليات هذا الداء هو كثرة النساء المطلقات بالمغرب، وسط مجتمع تقليدي لا يرحم ضحايا الزيجات التي لم يكتب لها النجاح.

وبالرغم من التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي في مسألة تمكين المرأة في الإعلام والمشاركة السياسية وتقلد مناصب المسؤولية، فإن نظرة نمطية لا تزال تحكم تعامل المجتمع مع المرأة المطلقة، إذ تصبح محط شفقة العديد من الناس، بمن فيهم أفراد العائلة. كما يتم تحميلها عادة مسؤولية فشل عش الزوجية دون إشراك الرجل في هذا الإخفاق.

وإن اختلفت أسماء ووظائف المطلقات، فإن قصصهن تتوحد في أغلبها في نظرة دونية تحكم مصير مستقبلهن، وتقلل فرص ارتباطهن مستقبلا، كما يوصفن بـ”البضاعة المستعملة”. وغالبا ما يتم النظر إلى المطلقة بكونها سبب فشل زواجها، وأنها غير صبورة، وهذا حكم قيمة ينأى عن البحث المطلوب في السبب الحقيقي لهذا الانفصال.

“ولا يختلف اثنان حول الانعكاسات السلبية للطلاق على الزوجين معا، حتى وإن كانت تأثيراته تمس الطرفين بدرجات متفاوتة، سواء على المستوى النفسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي،” يقول عبد المومن علي، الباحث في علم النفس الاجتماعي، مضيفا أن المرأة المطلقة تظل حبيسة صراع دائم مع المجتمع، فهي في نظره فاشلة، وتخالف العقد الاجتماعي المتعارف عليه، على اعتبار أن الزواج ميثاق ترابط وتماسك شرعي بين المرأة والرجل، غايته الإحصان والعفاف وضمان استمرار الجنس البشري في مناخ يسوده الود والاحترام.

ويوضح الباحث نفسه أن “الإنسان اجتماعي بطبعه، ويميل إلى العيش في إطار جماعة والبحث عن شريك الحياة لتكوين أسرة، وكل من تخالف هذه القاعدة توصف بكونها حالة نشاز، ويصنفها الحس المشترك بين كل مكونات هذا المجتمع في خانة الساقطات الوالجات عن طواعية حياة الدعارة”، داعيا إلى ضرورة الترافع من أجل تحسين الصورة النمطية السائدة عن المرأة المطلقة.

وتكابد جل النساء، وفق عبد المومن علي، نظرة احتقارية في صمت، للحفاظ على بيوتهن حتى لو جاء ذلك على حساب حقوقهن، غير أن هذا المعطى، يضيف الباحث ذاته، “لا يجعلنا ننظر إلى المجتمع بعين الرضى، فالشريعة الإسلامية جعلت الطلاق مخرجا للإنسان في حالة عدم قدرته على تحمل ما لا طاقة له به، وبالتالي فهو شيء مباح، رغم إعطائه صبغة أبغض الحلال”.

وردا على الطرح القائل إن المرأة المطلقة تقل فرص زواجها بالمقارنة مع الرجل المطلق، الذي بإمكانه الزواج مثنى وثلاث ورباع، يقول عبد المومن علي إن هذا التصور مرتبط بالثقافة التي تتعايش فيها المرأة المطلقة فقط، مشيرا إلى شيوع هذه الظاهرة في شمال المملكة فقط، في حين نجد العكس في الأقاليم الصحراوية، حيث تقيم المطلقة حفلا للطلاق يضاهي حفل الزواج، وتزداد قيمتها في نظر الرجال، كما يزداد الطلب على الارتباط بها.

وأوضح الباحث ذاته أن الطلاق لا يفضي دائما إلى عواقب وآثار وخيمة على المطلقة، بل أحيانا يكون سببا في انعتاقها، ونقطة تحول نحو نجاحها وابتعادها عن الاحتقان والأجواء النفسية المشحونة والموبوءة.

هسبريس

شكرا للتعليق على الموضوع