إشكاليات الوثائقيات في دور عرض إيران

التلغراف – طهران – محمدرضا فرطوسي : كثيرة هي الدراسات المتعلقة بالسينما الإيرانية، وبدخولها مساحات جديدة. ولكن ما هو وضع السينما الوثائقية في إيران؟ هذا إذا عرفنا أن الانتاج السنوي الوثائقي في إيران سنوياً ما يُقارب 1000 فيلما وثائقياً، ويصل من بينها 100 إلى 150 فيلما للمهرجانات. بينما تثار أسئلة كبيرة عن مصيرة بقية الأفلام الوثائقية.

ولكن ما هو مصير هذه الأفلام؟ وهل تصل للمشاهد؟

منذ انطلاق مهرجان فجر السينمائي الدولي، وهو يخصص ركناً أساسياً للفيلم الوثائقي. وبينما يقلل بعض القائمون على المهرجانات من قيمة الفيلم الوثائقي يقول السينمائي الإيراني محمد تهامي نجاد: في بعض المهرجانات السينمائية العالمية يذهب القليل من المشاهدين للأفلام الوثائقية، ولكن نفس هذه المهرجانات يحصد جوائزها الاولى الأفلامُ الوثائقية. وهنا تظهر أهميتها.

ولكن ليس هناك دور عرض خاصة للأفلام الوثائقية في إيران، وتعرض عادة في مجموعات محدودة، أو في صالات الفنّ والتجربة.

في المقابل حدثت موجة إهتمام عالمية بالفيلم الوثائقي الطويل، واعتبر كفيلم سينمائي وليس هناك حدّ فاصل بين الروائي والسينمائي. وقد تكون حركة مهرجان البندقية السينمائي في تسليم الجائزة الأولى، الأسد الذهبي، لفيلم وثائقي من إخراج جان فرانكو روزي. وبعد هذا الحدث بما يقارب السنتين قام مهرجان برلين السينمائي، بتسليم جائزة الدب الذهبي لفيلم وثائقي، وكانت من نصيب نفس المخرج جان فرناكو روزي. ولكن قبل ذلك بعشر سنوات قام مهرجان كان باعطاء السعفة الذهبية لفيلم مايكل مور وهو نفس الفيلم الذي فاز بجائزة الأوسكار للفيلم الوثائقي “فرنهايت 9/11”.

ثم حدثت موجة في إيران عبر تأكيدها على الاهتمام بالفيلم الوثائقي لكي يقبل عليه المشاهد. وبعد انفصال مهرجان فجر الداخلي عن مهرجان فجر الدولي، قام المخرج مير كريمي “رئيس المهرجان” بتطبيق نفس الفكرة في مهرجان فجر الدولي. أي أقصى القسم الوثائقي وبات الفيلم الوثائقي الطويل منافسا للفيلم الروائي، وتبنى مهرجان فجر الداخلي نفس الفكرة ليبطبقها في دورته الجديدة. وانقسم الوثائقيون الإيرانيون إثرها إلى قسمين، مَن يؤيد الفكرة قائلين: مهرجان فجر وهو أهم مهرجان إيراني، إذا أعطى الجائزة الأولى للفيلم الوثائقي، سيكون هناك اقبال جماهيري أكبر، وستفتح دور العرض له أبوابها، مما يؤدي لحدوث مبيعات. لكن المعارضين للفكرة يقولون، إنّ هذه الطريقة سوف تقلل من حضور الفيلم الوثائقي، فوجود قسم مستقل له، كان يتيح عرض إثنى عشر فيلماً، ولكن الآن سيأخذ فيلما وثائقيا واحداً حق بقية الأفلام.

وحين نتحدث عن تاريخ الفيلم الوثائقي ودور العرض في إيران، فمن المفارقة أنّ أول فيلم وثائقي عرض عرضاً عاما كان فيلم مايكل مور الوثائقي، ومن أسباب عرض الفيلم أنه يوجه نقدا لسياسات جورج بوش وتدخلات أمريكا العسكرية، والمفارقة الثانية أنّ أول عرض لفيلم وثائقي في دور السينما الإيرانية كان لفيلم أمريكي. ومن بعدها جاءت تجارب عروض وثائقية غير ناجحة، حتى جاء الفيلم الوثائقي الإيراني “من الصفر حتى المنصة” والفيلم يتحدث عن ثلاث اخوات من عائلة فقيرة جدا في قرى مدينة اصفهان، باتت كل واحدة منهن بطلة عالمية في لعبة الوشو القتالية. ولا ننسى هنا دور المخرجة في صعود الفيلم وعرضه على مستوى جماهيري، فهي الممثلة الإيرانية مهتاب كرامتي، وهي نفس الممثلة التي مثلت في فيلم “أصحاب الكهف”.

يبقى مهرجان فجر الدولي هو مَن بنى لهذه الفكرة في إيران وأسس لها، فكل فيلم يتعدى ال70 دقيقة هو فيلم سينمائي إن كان روائي أو وثائقي. ويعدُ مهرجان فجر السينمائي في دورته السادسة والثلاثين بادخال أفكار، يقول بأنها ستكون أساسية في تغيير النظرة السابقة للفيلم الوثائقي.

شكرا للتعليق على الموضوع