فريد لفتة يكتب: تساوت الرؤوس

كانت جدتي رحمها الله تقول لمن صدعها بقصص صرفه للأموال وغناه الفاحش ورؤيته الدونية للفقراء ثم وبين ليلة وضحاها تضيع أمواله ويعود لمن ذمهم يوم أمس، بأن اليوم “تساوت الرؤس” أي تساوت الرؤوس بمعنى كلنا سواسية ولا فرق بينك وبيني.

   ما مارسه رامز جلال سادية صريحة ونرجسية لا جدال فيها وما قام به الضيوف مازوخية (1) صريحة سواء كان بعلم منهم وهي مصيبة -لأنهم قبلوا ثمناً بخساً لأهدار كرامتهم – أو بدون علم وهي مصيبة أكبر(لأنهم أكدوا تشخيصي لهم بالمازوخية) .

 الكل متورط بهذه الفضيحة التي سمحت بتعذيب الناس وإعتبارها متعة رغم أننا كنا نسمع أن التعذيب مقصور حصراً في مباني أمنية تتبع أنظمة ديكتاتورية مستبدة أو مجاميع إرهابية ، لكن أن نشاهد على التلفاز أناس يعذبون وبالصعق الكهربائي فهذه سابقة خطيرة يفترض بكل المنظمات الدولية بدءاً بالأمم المتحدة بالتنديد بفاعليها ومروجيها وإدراجهم تحت العقوبات الدولية ، أو يتم الاعتذار لأجهزة القمع والسماح للأجهزة الأمنية للدول المستبدة أو المجاميع الإرهابية أن تصور أفلاماً عن تعذيب معتقليها وتبثه في رمضان القادم لتنافس رامز جلال.

   ما مورس أعلاه كان ولا يزال مخالف للمواثيق الدولية لحقوق الأنسان ، لكن باعتبار أننا في العالم الثالث فلا ضير في ذلك لأنه يعتبر طبيعي ومن ضمن مفردات حياتنا اليومية رغم استهجانه من العقلاء منهم ، لكن أن يمارس الخرافة والتجهيل وأن يطلب من الناس أن يمارسوا على أنفسهم التعذيب والقتل من قبل رئيس أكبر دولة في العالم (ترامب): “أحقنوا أنفسكم بمحاليل التعقيم” ويسكت العلماء حوله ولا تعترض مؤسسة الرئاسة (على افتراض أنها مؤسسة) ولا يعترض الناس (على اعتبار أنهم مجتمع عالم أول) فهذا دليل لا يقبل الشك بأن الرؤوس تساوت ،  وأن قلعة العلم والثقافة والتطور التي عاشت لقرنٍ من الزمان تهاوت اليوم وصار الغرب والشرق بمستوى واحد.

 وبناءاً على ما تقدم أعتذر لرامز جلال على ساديته ولضيوفه على مازوخيتهم وأرفع أكفي مهللاً لهم وداعياً لهم بالتوفيق ليرسموا لنا مستقبلاً مليء بالخرافة والجهل والعذاب … 😒

ملاحظة:

أرجو من المراهقين عمراً وفكراً أن لا يقلدوا القدوة رامز جلال ويعذبوا ذويهم أو أصدقائهم بهدف الضحك والتلذذ بالتعذيب، أو القدوة ترامب في حقن أنفسم بمحاليل التعقيم ظناً منهم بالشفاء والوقاية من كورونا.

(1) – مازوخية تعني : استعذاب تلقي الألم، ومقابلتها كلمة السادية التي تعني استعذاب إحداث الألم في الآخر.

الكاتب : كابتن  طيار ومغامر عراقي ومؤسس ورئيس مهرجان أوتنابشتم الدولي للأبداع

شكرا للتعليق على الموضوع