فؤاد الصباغ يكتب: الاقتصاد التونسي في أزمة…. ارتفاع الأسعار واختلال القدرة الشرائية
إذ مع بداية هذه العشرية أضحت تونس تعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة والتي بدورها لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة تراكمات سنين طويلة.
أما الأهم في هذا الصدد فهو بداية بروز بوادر التضخم الجامح Hyper-Inflation في الأفق داخل ذلك الاقتصاد الهش بطبعه وهذا وفقا لمؤشرات اقتصادية بدأت تبرز في ظل تلك الهشاشة الهيكلية المالية والجبائية والقطاع الخاص الضعيف وغير قادر علي الصمود والمجابهة لتراكم الأزمات الداخلية والخارجية.
فارتفاع الأسعار خاصة للمواد الأساسية واختلال القدرة الشرائية يعود بالأساس إلي عدة عوامل و من أهمها التضخم المالي و تجميد الزيادة في الأجور. كذلك والأهم هو بداية رفع الدعم التدريجي عن تلك المواد تحت ما يعرف إصلاحات هيكلية للقطاع الخاص وغياب اليد الخفية للدولة لتحقيق التوازن بالأسواق.
أيضا توجد عوامل خارجية وطبيعية خاصة منها المتعلق بالواردات لبعض المنتجات على غرار البذور أو الأعلاف وغيرها أو مواسم الجفاف التي مرت بها تونس والنقص الحاد في المخزون المائي. أما الجوهر الأساسي في ذلك الاختلال يكمن في طرق الخداع الصادرة من السياسات الرأسمالية المقيتة التي تروج للتحرر وتعتقد أن تونس في بنيتها التحتية مشابهة لإقتصادياتها القوية والصامدة رغم أي أزمة تمر بها وتعتقد أنه من السهل بعث المشاريع الخاصة وصمودها في الأسواق المحلية والعالمية عبر تلك القدرة التنافسية الوهمية في مخيلتهم.
فتلك الفقاعات من تكرار بروز تلك الأزمات المالية أو الاجتماعية سببها الأساسي سياسات التحرر التي يسوق لها صندوق النقد الدولي وأنصاره من بقية المؤسسات والأسواق المالية. فعلي سبيل المثال الاقتصاد الصيني قاعدته الأساسية الاقتصاد الحكومي الداعم للقطاع الخاص والمحقق للتوازن الاجتماعي واستقرار الأسعار والأهم تحقيق أعلي نسب “نمو اقتصادية” والتي تحقق التوازن في القدرة الشرائية.
أما الاقتصاد التونسي فهو يعاني من خلل عميق في ميزان الأسعار والسلع والذي يعكس ذلك الخلل في ميزان الأجور والقدرة الشرائية.
فانخفاض الإنتاجية وضعف القطاع الخاص وارتفاع التضخم في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الأجور يعتبر أساس ذلك الاختلال.
أما مؤشر ارتفاع المديونية وانخفاض الاستثمارات تعد بدورها مفعل لتلك الاختلالات وتزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية ككل.
ففي المقابل التجاء الدولة خلال السنوات الأخيرة بطباعة كمية من الأوراق النقدية في فترة ركود اقتصادي ونظرة إستشرافية سلبية من مؤسسات التصنيف السيادي الائتماني تعتبر سبب رئيسي في بوادر ظهور التضخم الجامح في صلب اقتصاده خاصة إذا تواصلت الزيادة في الأسعار بنسق سريع.
الأستاذ فؤاد الصباغ – كاتب تونسي وباحث اقتصادي
اقرأ للكاتب
فؤاد الصباغ يكتب: إستراتيجيات التنمية الاقتصادية التونسية