تَحَدِّيَات خَمْسَةِ تُعَانِيهَا اَلْمَرْأَةُ فِي عَالَمِ رِيَادَةِ اَلْأَعْمَالِ
إيمان العبد الغني
باحثة دكتوراه في قوة التأثير والتحول التقني
ومؤسس منصة ستارت اب وحاضنة ياسمين
تقارير – التلغراف: برزت المرأة الكويتية في عالم المال والاعمال منذ سنوات عديدة حيث تميزت بالإبداع والابتكار والاستقلالية في العديد من المجالات، لكنها بالرغم من نجاحها في عدة قطاعات، إلا أنها مازالت تواجه العراقيل المجتمعية والمعرفية والاقتصادية التي تقف حائلا دون نموها وازدهارها، لكن هذه التحديات تتضاعف عند الحديث عن ريادة الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة.
سأخوض في غمار تجربتي الشخصية باعتباري أول امرأة كويتية تؤسس منصة رقمية ومجلة ستارت اب ديجيتال في عام 2017، في وقت لم يكن خيار المنصات الرقمية أو حلول الأعمال الرقمية دارجا في الكويت. حيث كانت المنصة صانعة محتوى رقمي تسلط الضوء على العديد من قصص النجاح البارزة للشباب الكويتي وكيفية تأسيس الشركات الناشئة وتقدم خدمات تقنية لأصحاب الأعمال من أهمها الديجيتال ماركتنج وتحويل الشركات الى منصات ويب من استخدامات العملاء والوسطاء وباتت خبرتنا في تطوير المنصات التكنولوجية وصناعة المحتوى الرقمي هي العلامة المميزة لنا. فقد استطعنا خلال فترة وجيزة وبلا دعم حكومي أو خاص ان نجمع العقول الفكرية والديناميكية من الكويت وخارجها في مؤتمرات محلية وإقليمية وعرضها في منصتنا الرقمية بالإضافة الى تنظيم عدة لقاءات ناجحة بين الرواد والمستثمرين لنقل الخبرات والمعرفة وتبادل الأعمال التجارية. بجهد بالغ عملنا على تشجيع التجارة الإلكترونية وفتح آفاق التعاون الدولي بين رواد الأعمال بل اننا ساهمنا في خلق وتقديم واجهة ريادية للمشاريع الناشئة الكويتية الى العالم. وبالرغم من النجاح الباهر الذي حققناه وخصوصا في السنوات الأولى إلا أنني واجهت العديد من المعوقات والمصاعب ومن واقع عملي سأطرح أهم التحديات الخمس التي قد تعاني منها رائدات الأعمال في عالمنا العربي وفي الكويت خاصة:
التوقيت: تأسست منصة ومجلة ستارت اب ديجيتال في وقت لم يكن للتكنولوجيا والمنصات الرقمية أي اهتمام يذكر لدى المؤسسات الحكومية الكويتية والمستثمرين والأفراد بشكل خاص، لذلك كان علي بذل جهدا مضاعفا لإقناع المستثمرين في أهمية إنشاء مثل هذه المنصات الرقمية الا انني تعرضت للعديد من التهميش والاستخفاف، والضغط النفسي أحيانا كثيرة مع كبار المستثمرين بأن ما اقدمّه لا يتوافق مع اتجاهات السوق الكويتي الذي كان متخما حقيقة بقطاعي المطاعم والفاشون، وبان خياراتي كإمرأة يجب أن تنحصر في هذه القطاعات التي تعتبر ناجحة جدا ولاقت رواجا في الخليج العربي فمعظم النساء اللامعات قد نجحن في إنشاء دور الأزياء والتجميل ومحلات التجزئة والغذاء.
إلا أنني كنت أرى عكس ذلك تماما، فالآفاق والفرص مفتوحة في المجالات الرقمية وكانت عملية تشجيع قطاعات التكنولوجيا والمنصات الرقمية والصناعة والفنون بالنسبة لي تحمل فرصا واعدة في السوق الكويتي.
1–التوقعات الاجتماعية ونظرة المجتمع
قد تزداد بعض الأمور صعوبة لكونك رائدة اعمال وخصوصا في المجتمعات العربية التي انعكست عليها طبيعة المجتمع الذكوري والذي ينظر للنساء عموما بأنهم أقل كفاءة وقدرة على إنجاز الأعمال َوخصوصا في التكنولوجيا والاستثمار والصناعة.
إن فقدان الثقة في تمكين المرأة وقدرتها على القيادة والتأثير والابتكار تشكل حاجزا أساسيا عند الخوض في المسائل المتعلقة بالأعمال، في الواقع تظل مفاتيح نجاح رائدات الأعمال في مجتمعاتنا العربية صعبة للغاية حيث أنها تحتاج أن تبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لتثبت للآخرين بأنها جديرة بالثقة. وقد يلاحظ اصحاب القرار والمستثمرين بأنها بارعة في إدارة الأعمال ولكن هناك ما يدعم الفكرة السائدة في عقولهم، وهي النظرة المجتمعية التي تفضل وجود النساء في المنزل او العمل ضمن اطار نسوي واداري معين والذي يعتمد أحيانًا كثيرة على الثبات الوظيفي بعيدًا عن المخاطرة.
هذا النظام الذكوري والنظرة الناقصة للمرأة في عدم قدرتها على انجاز بعض الاعمال يؤثر سلبيا على الأهداف التنموية الرئيسية التي يجب ان تكون بعيدة عن فروقات التصنيفات الجسدية والذهنية والعاطفية بين الجنسين. ولمحاربة هذا الفكر علينا الاستمرار بالدفع نحو المزيد من التمكين النسوي وبناء المهارات القيادية والثقة بالنفس لارتباطه الوثيق بتحقيق هوية رائدة الأعمال الناجحة. ركزي جيدا على أهدافك واعملي ضمن دوائر مساندة ومشجعة تساعدك على الاستمرار والتطوير. كانت ومازالت منصة ستارت اب سباقة في تسليط الضوء على خبرات ومسيرات رائدات أعمال ناجحات استطعن كسر ذلك الحاجز الزجاجي يمكنك الاطلاع عليها من خلال مواقعنا.www.startupskw.com
2–التعامل مع محدودية فرص الحصول على التمويل والدعم
تأمين رأس المال يمثل مشكلة كبيرة في ريادة الأعمال إلى جانب قلة المستثمرين والمستثمرات العرب في الشركات الناشئة بالإضافة الى قلة حاضنات ومسرعات الأعمال في العالم العربي والتي تعمل بشكل حرفي. إننا نتحدث عن الكويت الدولة الغنية التي يشح فيها الاستثمار الملائكي والمغامر وصعوبة الإجراءات المتعلقة بالاقتراض التمويلي الخاص بالمشاريع النسائية. لم نسمع يوما عن صندوق لدعم مشاريع النساء مثلا أو تخصيص الشركات الكبرى جزء من ارباحهم لدعم مشاريع المرأة الكويتية وكل هذه الأمور تجعل فرص الحصول على تمويل المشروعات محدودة للغاية مرتبطة بمخاطر الاقتراض بينما انحرف الصندوق الكويتي لدعم المشروعات عن مساره في تنمية ودعم المشاريع شخصيا لم أجد أي تعاون أو دعم منهم.
ولذلك كان علي التعامل مع هذا التحدي من خلال تنمية مهاراتي الذاتية والتقنية والتسويقية، بالإضافة الى الانفتاح نحو أسواق ناشئة جديدة مهم جدا في هذه المرحلة واللجوء إلى المجموعات أو الكيانات التي ظهرت مؤخرًا بالعالم من أجل دعم المستثمرات، وبالتالي تشجيع رائدات الأعمال وزيادة الوعي والتثقيف حول الاستثمار الملائكي.
3– الأعمال المبتكرة والتكنولوجيا
هناك قطاعات معينة يهيمن عليه الرجال مثل الصناعة والتكنولوجيا مشاريع الاستدامة البيئية والذكاء الاصطناعي، ويصبح من الصعب أن تؤخذ المرأة فيها على محمل الجد، وأن تحقق إنجازها الشخصي، وخاصة في العالم العربي الذي يفترض في الغالب أن نجاح المرأة يتمثل في المنزل وليس العمل ومعظم الاعمال التي تتبلور حول قطاعات الغذاء والفاشن.
وللتغلب على هذه المعوقات السلبية، عليك الانصهار في عالم قطاع الأعمال الذي تنتمين اليه، وتطوير المعرفة والتقنيات المتبعة من قبل المنافسين. هناك العديد من المبادرات التي تعزز من اكتساب المهارات الرقمية والتي تعتبر اليوم ميزة تنافسية يمكنك المشاركة في المبادرات المختلفة في مجال ريادة الأعمال مثل حاضنة “ياسمين” التي تنظم فعاليات مختلفة من حلقات نقاشية وورش عمل في مجالات مثل التسويق والتدريب وتمكين النساء نحو استخدام التطبيقات الذكية والمهارات الرقمية والتعرف على مشاريع نسائية أخرى مما يقدم لك خبرات مهمة تساعدك في التعرف على الإجراءات التنظيمية لتأسيس شركة رقمية ناشئة، واختيار الكيان القانوني الملائم لفكرة مشروعك. اعمل اليوم مع عدة منظمات دولية ومنها ومبادرة غلوبل ثنكرز فورم ومقرها في بريطانيا والعديد منهم منتشرين في العالم العربي ويمكنك الوصول لهم بسهولة عبر منصات البحث المختلفة.
4–تحقيق التوازن بين العمل والحياة العائلية
انه الهاجس الاكبر للنساء من الطبيعي ان تتعرض الامهات والنساء لمشاعر الذنب والتقصير باتجاه الابناء ولعل من المهم ان نذكر هنا الضغط النفسي الذي تتعرض له الام العاملة باعتبارها امرأة لديها مسؤوليات مزدوجة وكثيرة تجاه عملها الذي يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا، وأسرتها وحياتها الخاصة؛ والقرار الصحيح هو تحقيق التوازن بين العمل والحياة وعدم جلد الذات.
عندما تطلقين شركتك الناشئة ستضطرين إلى العمل لساعات إضافية طويلة وتحت ضغط كبير يتطلب منك مهارة عالية في الانضباط وضبط الوقت لتحقيق اكبر قدر من الانتاجية. وقد يبدو تحقيق هذا التوازن أمرًا صعبًا في البداية، لكن مع الوقت سيمكنك الموائمة بين الأمرين، علينا تغيير أنماط التفكير في منهجية العطاء الذي سوف يساعدك على تخطي هذه العقبة وهي أن تفكري أن التوازن في الحياة والعمل هي مهارة يحتاجها كلا الجنسين لضمان النجاح والرضا الذي سينعكس حتما على الابناء وسيكون مصدر فخر لهم يساعدهم في بناء مستقبل أفضل لهم.
5–التعامل مع الخوف من الفشل
الفشل هو جزء من رحلتنا في هذه الحياة وهو الطريق لاستكشاف الافاق البعيدة لدينا، وهناك احتمال حقيقي ووارد جدا في أي مشروع تجاري بان يفشل مرات عديدة وتعاد الكرة من جديد، لكن هذا لا يجب أن يكون عذرًا أو سببًا للتخلي عن حلمك، بل يجب أن تؤمني بقدراتك وتتجاوزي لحظات الشك في ذاتك، ولا تبحثي عن نظرية الكمال في مشروعك، أو تنتظرين تمويلًا كبيرًا بل اعملي على دراسة السوق بدقة، واختاري فكرة تلبي احتياجات جمهورك، وفي نفس الوقت تلاءم قدراتك المادية في بداية التأسيس.
وأيضا عليك ألا تخافي من مواجهة المجتمع إذا تعثر مشروعك، لأن ذلك يحدث لأكبر المشاريع العالمية، وحتى بعد تأسيسها قد تتعرض لموجات وهزات قد تكون اقتصادية او سياسية او صحية كما نرى الان التأثير الكبير لكوفيد 19 على جميع الاعمال والشركات الكبرى.
إن اندماجك داخل عالم ريادي مبتكر ومجاميع تدفعك الى الأمام هو المهم فاحرصي على التواصل والتواجد في المبادرات التي تخص قطاعك واهتماماتك التي تعتبر محركا ودافعا لك، لبناء علاقات استراتيجية خارج الإطار الذي وضعتيه لنفسك.
رغم كل هذه التحديات في بيئة الأعمال الكويتية الا ان المرأة الكويتية وبجهودها الشخصية استطاعت أن تشكل أحد اهم محركات التغيير والإلهام لغيرها من النساء في مجالات التمكين والتكنولوجيا والابتكار.
من أهم عناصر النجاح التي شكلت وبلورت نجاح شركاتنا هي المهارات الرقمية التي تعتبر قيمة مضافة لما نقدمه من خدمات وبرامج لعملائنا من مختلف دول العالم. ان تلك المهارات التكنولوجية والتقنية تعزز من نجاح الشركات الناشئة في عالم متسارع ومتغير يتطلب المزيد من الابداع والمعرفة التقنية المتجددة .
الجدير بالذكر بأننا في الكويت نعمل في بيئة مضربة للغاية تختلط فيها المصالح السياسية والأعراف الاجتماعية والتهميش لفئات عديدة من المجتمع ونحن كنساء رياديات كويتيات نعمل بجهود فردية ونبحث عن شراكات محلية وعالمية للدفع بعجلة التغيير.
اقرأ ايضاً
لهذه الأسباب تحتاج المرأة لساعات نوم أطول من الرجل