مينا عازر يكتب: الدولار وبريتون وودز

عزيزي القارئ، دعك من أخبار التعويم والتكهنات بل والجزم بضرورته، وتعالى معي في رحلة في تاريخ الاقتصاد لنكتشف معاً لماذا العالم كله يقيم عملاته بالدولار؟ فربما نكتشف مناص من هذه المسألة المجحفة بعض الشيء، ولعلنا نطمئن إذا ما عرفنا أننا قد نكون قد قطعنا شوطاً في المناص من هذا، وأن لم يزل علينا أمور جليلة علينا اتباعها للتخلص من هذه الورطة المؤسفة.

بداية علينا أن نسأل أنفسنا سؤال،  وهو لماذا تقيم العملة بما يقابلها من دولار أكثر مما تقيم من سعرها أمام باقي العملات؟

 – هيمنة الدولار: يُعتبر الدولار الأمريكي العملة الأكثر استخدامًا في التجارة الدولية واحتياطيات البنوك المركزية، مما يجعله العملة المرجعية الرئيسية في تقييم العملات الأخرى.

 -الاستقرار النسبي: يُنظر إلى الدولار على أنه عملة مستقرة نسبيًا مقارنةً بالعديد من العملات الأخرى، مما يجعله ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي.

  -تأثير الولايات المتحدة: تُعد الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، ولها تأثير كبير على النظام المالي العالمي، مما يُعزز من قوة الدولار.

هل هناك حلول للخروج من هذه الوضعية الاقتصادية؟

 -تنويع احتياطيات النقد الأجنبي: يمكن للدول تقليل اعتمادها على الدولار من خلال تنويع احتياطيات النقد الأجنبي لتشمل عملات أخرى مثل اليورو واليوان.

 -تعزيز التجارة البينية: يمكن للدول تعزيز التجارة البينية باستخدام عملات محلية بدلاً من الدولار.

 – دعم الاستثمار في الصناعات المحلية: يمكن للدول دعم الاستثمار في الصناعات المحلية لخلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي، وتقليل الاستيراد وزيادة الصادرات التي تجلب العملات الأجنبية.

 -متى بدأ تقييم العملات بسعرها أمام الدولار؟ بدأ تقييم العملات في أوائل القرن العشرين بعد اعتماد نظام بريتون وودز، الذي ربط قيمة العملات بالذهب، بعد إلغاء هذا النظام في عام 1971، أصبح الدولار العملة الرئيسية في تقييم العملات الأخرى.

إلغاء نظام بريتون وودز وتأثيره على تقييم العملات

ما الذي ألغى نظام بريتون وودز؟

تم إلغاء نظام بريتون وودز في عام 1971 لأسباب متعددة، أهمها:

 -العجز التجاري الأمريكي: عانت الولايات المتحدة من عجز تجاري كبير في الستينيات، مما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار وبالتالي ضغط على قيمته.

 -مضاربة العملات: أدى المضاربة على العملات إلى تقلبات كبيرة في قيمة العملات، مما هدد استقرار النظام.

 -رغبة الدول في التحكم في عملاتها: رغبت الدول في التحكم في عملاتها وسياستها النقدية، وهو ما لم يسمح به نظام بريتون وودز.

كيف كان إلغاء العمل بهذا النظام سبباً في أن تقيم العملات بسعر الدولار؟

بعد إلغاء نظام بريتون وودز، لم تعد العملات مرتبطة بالذهب، مما أدى إلى تحرير سعر صرف العملات. أصبح الدولار العملة الرئيسية في التجارة الدولية واحتياطيات البنوك المركزية، مما جعله العملة المرجعية الرئيسية في تقييم العملات الأخرى.

نتائج إلغاء نظام بريتون وودز:

 -تقلبات العملات: أدى إلغاء نظام بريتون وودز إلى تقلبات كبيرة في قيمة العملات، مما أثر على التجارة الدولية والاستثمار.

 -هيمنة الدولار: أدى إلغاء نظام بريتون وودز إلى هيمنة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.

 -عدم الاستقرار المالي: أدى إلغاء نظام بريتون وودز إلى زيادة عدم الاستقرار المالي في العالم.

يُعد إلغاء نظام بريتون وودز أحد أهم الأحداث في تاريخ النظام المالي العالمي. كان لهذا الحد تأثير كبير على تقييم العملات والتجارة الدولية والاستثمار.

ما هي الصلة بين سعر الدولار وسعر الذهب في الأسواق؟

يُنظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن للمستثمرين في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، مما يجعله بديلاً للدولار. عندما يرتفع سعر الذهب، يُنظر إلى ذلك على أنه علامة على ضعف الدولار، والعكس صحيح.

هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على قيمة العملات، مثل:

 -العوامل الاقتصادية: مثل الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التضخم والفائدة.

 -العوامل السياسية: مثل الاستقرار السياسي والنزاعات الدولية.

 -العوامل النفسية: مثل توقعات المستثمرين.

أخيراً،، أكثر ما يجب علي الإشارة إليه هنا أننا بالفعل وكما نعرف قد قطعنا مشوار عظيم في التخلص من هيمنة الدولار، لكن هناك  أمور علينا فعلها بجدية كإيجاد صناعة محلية محترمة تجعلنا قادرين على أن نكافح هيمنته، وثمة أمر أخر، أنه من الضروري الإشارة إليه قبل ختام هذا المقال، وهو أن ثمة عوامل نفسية تؤثر في قيمة الجنيه في مصر ترجع لنفسية المستثمر، كالشائعات الي تطلق على السوشيال ميديا وما يترتب عليها من أمور خطيرة، العوامل النفسية معترف بها عالميا، ولا تمس مصر فقط ولكن على الحكومة المصرية حسن التعامل معها، وإلا سنبقى فريسة قلق المستثمر من اقتصادنا ما يبقينا تحت تأثير الدولار للأسف.

المختصر المفيد رأينا كيف أن خبر ضخ مليارات الدولارات في السوق المصرية أثر إيجابياً على نفسية المصري والمستثمر، وعلى سعر الدولار، فهل فهمنا أن الاستثمارات الجادة والتفصيلات النفسية لهم تأثير مباشر على حياتنا؟!

د. مينا ملاك عازر

اقرأ للكاتب

شكرا للتعليق على الموضوع