هبة بنداري تكتب: فقاقيع الهواء

وعُدنا كما كنا الكثير منا بدون ماسك.. العمال يلتصقون ببعضهم بالعمارة المجاورة لي يكملون أعمال البناء.. السناتر فتحت أبوابها والطلبة هنا وهناك في مجموعات مع بعضهم وأيضا بدون ماسكات.. في البنوك تكدس كبير لم يكن حتى بهذا الشكل في أيام ما قبل الوباء..طوابير على ماكينات الصراف والتي فقدت حساسيتها وأصابها العجز من شدة استعمال الناس لها حتى أنها سحبت الفيزا بدون سبب.. لن أدخل في أسباب التكدس والتي ربما تكون قرارات الحد الأقصى للسحب والإيداع هي من ضمنها ولكنني أخاف على بلدي الجميلة.

*** الوباء ينتشر ولا يفرق بين غني وفقير .. شاب وكهل.. جاهل ومتعلم.. ساكني القصور وقاطني العشش حتى الأطفال الرضع لم يتركهم ولم يرحم برائتهم.. نحن أمام وحش لا يعقل.. بالله عليكم ألا نعقل نحن ونأخذ بالأسباب وقد حبانا الله العقل الذي نميز به.. كل منا له عُمر محدد وقدر معلوم ولكن هذا لا يمنع الحيطة وقد قال رسول الله “مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ”

صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (828) .و قال أيضا عليه الصلاة والسلام “مَن باتَ على ظهرِ جدارٍ وليسَ ما يدفعُ رجلَيْهِ فوقعَ فماتَ فقد برِئتْ منهُ الذِّمَّةُ”.

إن حفاظنا على أنفسنا من ضروريات الدين ومن يفرط في حفظ نفسه وروحه فقد فرط في أمر من أمور دينه لأنه يؤذي نفسه ويؤذي غيره بهذا التهاون.

***مهزلة الأمس في الدقهلية ورفض الناس دفن الطبيبة وغيرها الكثير من الأمور التي نتفاجأ بها من يوم لآخر نتاج ثقافة اللامبالاة والأنانية ولا أجد لها أي مبرر سوى الجهل وعدم الوعي الذي تعج به شعوبنا العربية.. الوباء عالميا وليس محليا والحالات الكثيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ليس لأنه يستبيحهم و يدخل إلينا على استحياء ولكن لأنهم يُشخصون الحالات لديهم جيدا ورغم هذا يحاول الأفراد بتلك المجتمعات أن يكونوا على قدر المسئولية.

*** غضب الجميع أمس واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وخرج المثقفون على صفحاتهم كالعادة باتفاقات تشنجية بما سوف يفعلونه إزاء جهل بعض الناس ولكن هيهات.. هي فقاقيع في الهواء سرعان ما سوف تتبخر بمجرد أن تهدأ الأمور .. بناء المجتمعات وتشكيل وعي الأمم بالتفكير السليم لا يكون في ليلة وضحاها ولا بمجرد أن تكتب هذه قصة وهذا قصيدة وذاك يصرخ وتلك تبكي ولكن بتكاتف جميع أفراد المجتمع.. كل فرد حسب ما يستطيع القيام به حتى ولو كانت لبنة صغيرة في جدار هذا المجتمع الذي نود تشييده ومن لا يرغب في المساعدة أو البناء يكف لسانه ويده ويجلس بجوار الحائط يشاهد ربما يأتي يوم عليه ويحمل معنا مشعلا أو يقيم معنا بناء.

اقرأ ايضآ

رؤية العالم في المتوالية السردية ( وَسَن ) للكاتبة هبة بنداري

شكرا للتعليق على الموضوع