الا من “ناصر” يناصر “الاقصى”؟ اين الاحرار في دنياهم؟ في ذكرى ٢٣ يوليو؟
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية
ان ذكرى حركة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر التغييرية في ثورة 23 يوليو 1952 هي مناسبة تحمل بداية “مشروع نهضوي” عاشه شباب عربي قدموا التجربة والمثال على إصرار مجموعة مخلصة هادفة لصناعة “الاستقلال” والتحرر من الأجانب وطرد الغرباء وتحقيق عودة للحالة الحضارية المفقودة من الواقع، لعل ذلك “المشروع” مع كل سلبياته وايجابياته الذي عاشه العرب …. كل العرب وتفاعلوا معه انطلاقا من “مصر” هو ما نفتقده حاليا ولعل ذلك ما أبقي هذه الذكرى تعيش في الضمير وتبقى في الوجدان ونتذكرها في كل عام.
هو انقلاب عسكري صحيح ولكن جمال عبد الناصر كان عنده “هم الوطن المصري” وبعد الفشل العسكري وحصاره هو ومجموعته في الفالوجة في فلسطين في حرب ١٩٤٨ .
هذه المجموعة المسلحة عملت الانقلاب العسكري لكي يحاولون مع قائدهم صناعة حل لهذا “الهم المصري ” وتفريغ غضبهم لمن صنع لهم ولأمتهم الهزيمة امام الحركة الصهيونية العنصرية؟.
بعدها في سنتين اخذ او استعار او سرق او تأثر في شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي مع حركة القوميين العرب وكون بدايات تأسيس مشروعه الانقلابي الخاص اذا صح التعبير وتحول الانقلاب العسكري الى مشروع انقلاب ثقافي اجتماعي واقتصادي وسياسي ضمن شعارات واهداف كانت تمثل خارطة طريق له وك شخص ولباقي الطبقة العسكرية التي كانت معه ، واستطاع بذلك التحرك ضمن هذه “الخارطة” خاصة بعد ان تخلص من تأمر حركة الاخوان المسلمين و”محمد نجيب” ومن ثم ابتدأ مشروعه الشامل في الحركة والتأثير ضمن الدوائر الثلاث الوطنية والعربية والأفريقية والاسلامية.
لقد كان جمال عبد الناصر زعيما قائدا لهذا “المشروع” على مدى الثمانية عشرة عاما كان فيها رئيسًا للجمهورية العربية المتحدة مع أقليم جنوبي مصري وشمالي سوري، في اول تجربة للوحدة عاشها بلدين عربين مهمين هو ك “شخص” ملام لأنه لم يدافع عن استمرارها ب “قوة العسكر” والامن ضد التأمر الاستخباراتي وتركها تسقط وهذا تفصيل طويل ولكن نقول:
ان هكذا “بعد قومي” عاشه الرجل ومشروعه ساهم في تشكيل وتوجيه السياسة العربية حيث كان مع هكذا التزام مبادئي معرفي ثقافي على خط التطبيق والتنفيذ يصنع بذلك خارطة طريق ليعود العرب… كل العرب الى موقعهم الطبيعي لصناعة التاريخ وليس البقاء على هامشه متلقين للحدث وملعب للأخرين بل ان يكونوا الفاعلين في دائرتهم الوطنية وضمن بعدهم القومي العربي ومجالهم الإسلامي الاوسع ضمن حالة تعيش الاستقلال وتريد صناعة مصلحة العرب بعيدا عن الاجانب وانطلاق دورهم المفقود من جديد.
ان المرحوم جمال عبد الناصر عاش هذا الالتزام الحركي لكي يغير الواقع العربي الى شيء مختلف افضل و هو في تلك المسألة واجه الكثير من الصعاب والتحديات، ومن ثم دخل في تجارب الصح والخطأ على كامل هذه المستويات الوطنية والقومية والأفريقية والاسلامية ضمن دعم او تحريك او مساندة من حركة القوميين العرب واعتمد على حركة الجماهير العربية كذلك.
ولعل حركة القوميين العرب قد ذابت فيه او هو ذاب فيها او هو ك “قائد” بلد ورئيس للجمهورية العربية المتحدة اصبح اكثر تمكنا وسيطرة ونفوذ من حركة سياسية وهذا كله موضوع اخر وحديث مختلف وجدل اكاديمي.
ان من السهل علينا في وقتنا الحالي ان نعيش “الحكمة” في اثر رجعي!؟ و ان نعيش دور الموجه و المعلم و الناقد , و لكن من يقرأ الظروف و الموقع الصعب التي كان يعمل به المرحوم جمال عبد الناصر, ان من يدرس كل هذه المسائل في عين حيادية علمية يعرف المشاق والصعاب العظيمة التي عاشها الرجل و مشروعه , و يكفيه فخرا انه صنع الاستقلال الوطني وأمم قناة السويس واعادها لأهل الارض و صنع الإصلاح الزراعي و بدأ في التصنيع و فرض مجانية التعليم و اسهم في خروج بلدان عربية كثيرة و افريقية من سيطرة الأجانب , و صنع نفوذا للعرب و كلمة مسموعة دوليا و ما ظهوره على منبر الأمم المتحدة و وقوف ممثلين المجتمع الدولي له احتراما و تقديرا الا مثال واحد على امثلة كثيرة.
ان ثورة يوليو ك انقلاب عسكري تحولت الى “مشروع” وقائدها “جمال عبد الناصر” كانت تجربة رائدة بكل سلبياتها وايجابياتها وذكراها تعود ومعها يعود السؤال العربي لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟ وهذا السؤال حاول ان يعيشه جمال عبد الناصر ورفاقه حركة على ارض الواقع؟ فاجتهدوا ما استطاعوا؟ فماذا قدم الاخرين من بعدهم؟
ان الرجل قدم تجربة لها سلبياتها وايجابياتها كأي حالة بشرية اخرى نفتقده في زمن طوفان الأقصى وخاصة ان من بعد تصفية جمال عبد الناصر الشخص استخباراتيا والتأمر والغاء رجاله والملتزمين معه من مؤسسات الجمهورية العربية المتحدة بل الغاء هذه الجمهورية نفسها وتقزيمها لحالة قطرية محدودة لم تستطع الا صناعة المأساة المتواصلة لشعبنا العربي فيها والغاء مكتسبات الاستقلال الحقيقي والحرية والعدالة الاجتماعية واعادة الغرباء الاجانب وخدم الاستعباد البريطاني لمواقعهم.
من كل تجربة جمال عبد الناصر ومشروعه على العرب كل العرب ان يعرفوا ان الوحدة العربية ضمن قاعدة للفكر والحياة وعلى اساس مشروع علمي حقيقي للوحدة ضمن نطاقات ادارية واقتصادية ومالية ونقل وتربية ومنظومات رعاية للمواطن في مجالات السكن والصحة والبنية التحتية والمواصلات والمعيشة في ظل سيادة دولة المؤسسات الوحدوية العربية هي حلهم الوحيد ليخرجوا من هامش التاريخ الى صناعة الحاضر والمستقبل وان تكون لهم كرامة و وزن واهمية بدلا من حالة الاهانة والذل المتواصل على يد الحركة الصهيونية العالمية العنصرية بدعم وتأييد بلا حدود من منظومة دول الحلف الطاغوتي الربوي العالمي.
من أراد الكرامة فعليه ان يتحد ويتوحد ليعيش الاستقلال الحقيقي والحرية والعدالة الاجتماعية.
اقرأ ايضاً