باحث سياسي: داعش يسعى لتحويل العالم إلى منطقة صراع وتوحش
قال الكاتب الصحفي مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي، إن الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب غير مكتملة، بسبب تركيزها على الجانب الأمني على الرغم من أهميته، لكنها قللت اهتمامها في الوقت نفسه بالجوانب الأخرى، مطالبًا بوضع استراتيجية شاملة طويلة المدى تعتمد على المواجهة الفكرية جنبًا إلى جنب مع المواجهة الأمنية، لأن الأفكار المتطرفة لا تموت بموت أصحابها.
وأشار خلال حواره مع برنامج (رؤية) الذي أذاعته القناة الأولى المصرية صباح الأربعاء إلى أنه لا يوجد تعريف عالمي لمصطلح الإرهاب، وأن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أن يظل التعريف ضبابيًا، حتى تصف أي دولة عربية بالإرهاب متى أرادت ذلك، فما تراه فلسطين مقاومة للعدو الإسرائيلي المحتل تصفه أمريكا بالإرهاب، ومن تصنفهم مصر بأنهم إرهابيون تراهم تركيا وقطر غير ذلك.
ونفى حمزة علاقة الإرهاب بالأديان السماوية لا سيما الدين الإسلامي الحنيف، مؤكدًا أن قادة التطرف يستغلون حب الشباب للإسلام وحماسهم له، وجهلهم بالفهم الصحيح لنصوصه، لترويج الإرهاب على أنه من الجهاد المشروع في الإسلام.
وأضاف أن ما فعله الرومان من طرد اليهود وتشتيتهم يعتبر إرهابًا، وما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية هو من الإرهاب، واستعانة البروتستانت والكاثوليك بالنصوص الدينية في إيرلندا كان تبريراً لإرهابهم، ومحاكم التفتيش، التي نصبها البابوات للانتقام من كل من لا يدين بالولاء للكنيسة البابوية إرهاب حقيقي، وما يفعله اليهود في فلسطين هو الشكل العصري للإرهاب.
وأوضح مدير مركز دراسات الإسلام السياسي، أن هناك ازدواجية في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الإرهاب حيث تعلن دعمها للدول التي تواجه الإرهاب من ناحية، وتمد يدها للجماعات الإرهابية في هذه الدول من ناحية أخرى، لتضعف الجيوش النظامية للدول العربية المحيطة بإسرائيل، وتشغلها بمواجهة الإرهاب الداخلي بدلًا من تأمين حدودها من العدو الإسرائيلي.
وألمح إلى أن وسائل الإعلام تقوم بدور كبير في نشر الإرهاب بسبب السطحية في طرح الموضوعات، وتفجير مشكلات بدون طرح حلول مناسبة، وإثارة غرائز الشباب، وترويج الإسفاف من خلال الأفلام والمسلسلات، لافتًا النظر إلى أن مزيد من الإسفاف يؤدي إلى مزيد من الإرهاب.
وحذر الدول العربية من الإعلان عن الإرهاب الداخلي قبل تحقيق أهداف ناجزة في القضاء عليه، لأن هذا الإعلان يشعر الدول الغربية بضعف الدول العربية، ومن ثم تعمل على إذلالها حتى تقدم لها المساعدات المشروطة للمواجهة الوهمية الإرهاب، مطالبنًا مصر والدول الشقيقة ببعث الأمل في نفوس الشعوب، لأن الإرهاب هو دعوة إلى الموت، والأمل دعوة إلى الحياة.
وعن الدوافع الاجتماعية للإرهاب استبعد حمزة عامل الفقر، قائلًا: «الفقر لا علاقة له بالإرهاب كما يعتقد البعض، والدليل على ذلك أن عددًا كبيرًا من المتطرفين هم من الأغنياء أمثال أسامة بن لادن، وقادة داعش الذين يهاجرون من بلاد أجنبية ويتركون ثرواتهم خلف ظهورهم بحجة الجهاد المزعوم في دولة الخلافة الوهمية، ولكنه ربما يكون عاملًا مساعدًا في استقطاب العناصر الإرهابية في البلدان الإفريقية مثل الصومال ونيجيريا.
أما عن الأسباب السياسية فأكد أن الظلم والاستبداد يؤدي إلى الإرهاب حيث تستغل الجماعات الإرهابية ظلم الأنظمة كعامل محفز لنشر تكفير المجتمع وإرهابه، والمجتمع الغربي يسعى لزيادة درجة الظلم داخل المجتمعات العربية لتؤدي في النهاية إلى سخط شعبي ينتج عنه إرهاب ضد النظام.
وأكد على وجود دوافع نفسية تجعل الإرهابي يقتل وهو هادئ النفس مستريح الضمير، اعتقادًا منه بأن ما يفعله هو من الجهاد الذي يؤدي إلى الجنة، أو بدافع الوطنية غير المنضبطة التي تؤدي به للقتل السياسي بزعم أن المقتول خائن للوطن ويستحق القتل.
وستطرد قائلًا إن انتشار الإنترنت ساعد على سهولة تحرك الإرهابيين عبر العالم الافتراضي دون ملاحقات أمنية حقيقية، وضاعف قدرتهم على حشد وتجنيد أكبر عدد من الأتباع والتواصل معهم عن بعد لتصبح التنظيمات الإرهابية عابرًة للقارات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى معرفة كل ما هو جديد في عالم الأسلحة وطريقة تصنيع القنابل يدويًا في المنزل عن طريق اليوتيوب.
واختتم حواره بالحديث عن «داعش»، قائلًا: «هذا التنظيم يسعى إلى نشر الإرهاب في جميع أنحاء العالم، من خلال تحويل جميع الدول إلى مناطق صراع وتوحش، وبرنامج داعش يعتمد على جر الجميع (الأنظمة والشعوب والجيوش) إلى المعركة، لأن اشتداد العنف والتقتيل يؤدي لتمايز الصفوف ويدرك الجميع أنهم هالكون فينضمون لداعش ليموتوا على الحق –حسب معتقدهم الباطل».