خالد علي يكتب : كيف يفقد حزب سياسي انصاره في خطوة واحده حزب النور (انموذجًا)

كشفت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر عن خسارة فادحه لقى بها حزب النور السلفي (مدرسة الإسكندرية) ففضلًا عن خسارة الحزب لجميع المقاعد التي نافس عليها في نظام القائمة، لم ينجح سوى حدد محدود جدًا من الاعضاء في نظام الفردي، وذلك بالمقارنة بالنسبة التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي اجريت عام 2012 واتى حظى فيها بنسبه تقارب 23 % من إجمالي عدد المقاعد،  خاصة أن خسارة الحزب في هذه المرحلة لم تشمل فقط مناطق يضعف انتشار الحزب فيها، بل امتدت إلى مناطق نفوذه ونشاته  بمنطقة غرب الدلتا (الإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح).

وسنحاول في هذا المقال أن نلقى الضوء على الأسباب التي قد تؤدي إلى خساره الحزب لمعظم مؤيديه في خطوة واحدة.

فالبداية يعرف الحزب السياسي بأنه: مجموعة من الأفراد لهم تصور فكرى مشترك وتربطهم مبادئ مشتركه وتعمل على تعبئة الرأي العام لصالحها من أجل الوصول إلى السلطة.

ويتضح من التعريف السابق أن للحزب السياسي أهداف وقيم ومصالح مشتركه قد تكون دينيه أو اقتصاديه أو سياسيه يهدف من خلال وصوله إلى الحكم تطبيق هذه المبادئ والقيم، وتلك القيم تشكل أهم أركان الحزب السياسي فإذا تخلى الحزب عن القيم والمبادئ والأيدولوجية المشتركة  التي يستند عليها في أحد خطواته في العملية السياسية سيفقد انصاره الذين انضموا اليه أو ناصروه استنادًا على هذه القيم والمبادئ والتي تعنى للكثيرين الثوابت التي لا يمكنهم الاستمرار في تأييد الحزب من دونها.

فإذا غير أحد الأحزاب الاشتراكية  الايدولوجية التي يستند عليها وساند النظام الرأسمالي فبالطبع سيفقد معظم من يناصروه من أجل تبنيه النظام الاشتراكي.

وكذلك إذا غير أحد الأحزاب الدينية خطابه للجمهور من المناداة بتطبيق الشريعى الإسلامية والالتزام بأحكامها إلى خطاب مدنى يؤكد على أن الحزب مدنى ولم ينشا على اساس ديني، فسيفقد مصداقيته أمام الجماهير التي كنت تسانده سابقًا ويزداد الحزب انهيارًا إذا خالف جماهيره وسكت عن قضايا جوهريه لم يكن السكوت عنها واجبًا في نظرهم، وهذا ما حدث في النموذج الذي طرحناه.

حزب النور من الحشد باسم الدين إلى الحشد من أجل استمالة النظام

في الاستفتاء الذي أجرى عام 2011 عقب ثورة 25 يناير حشد حزب النور انصاره للتصويت بنعم لصالح التعديلات الدستورية ولم يترك سبيل من سبل الحشد ولم يتبعه وابرزهم هو اقناع الجماهير بأن التصويت بنعم هو تصويت لصاح الشريعة الإسلامية وخطوه في سبيل تطبيقها، وكان حزب النور سببًا في ووصول نسبة المصوتين بنعم إلى أكثر 77% من إجمالي عدد المصوتين واستمر حزب النور على هذا النهج حتى الانتخابات البرلمانية التي اجريت عام 2012 والتي حصل فيها حزب النور على المركز الثاني في الأحزاب الأكثر تمثيلًا في البرلمان.

ولكن بعد الثلاثين من يونيو تحول الحزب تحولًا جزريًا من المطالبة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية إلى السعي إلى استماله النظام الحاكم بعد 30 \6  بكافه الطرق التي كان ابرزها إعلانه الوقوف ضد الإرهاب وتوجيه الاتهامات إلى الإخوان وحلفائهما بالمسئولية عن المشهد برمته  بل كان حزب النور جزء من المشهد بمشاركة د. يونس مخيون بيان (خارطة المستقبل) الذي القاه الفريق عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو 2013.

وبعدها استمر الحزب في دعم السلطة الحاكمة وشارك د.بسام الزرقاء ممثلًا لحزب النور  في لجنة الخمسين التي شكلها النظام لتعديل الدستور والتي حشد الحزب للتصويت بنعم عليها بالرغم من حذف المادة 2012 التي حارب الحزب من أجلها في دستور 2012.

ولم تنقطع مسيرة الحزب في تقديم التنازلات إذا أعلن في خطوه صادمه لأنصاره بأنه ليس حزب ديني ولذلك رفضت جميع الدعاوى التي رفعت أمام القضاء والتي تطالب بحل الحزب الذي انشئ على أساس ديني بالمخالفة لأحكام الدستور التي تحظر انشاء الأحزاب على أساس ديني  وأعلن الحزب مرارًا دعمه للدولة فيما يسميه معركتها ضد الإرهاب.

وكان يأمل حزب النور بأن يحل محل جماعه الإخوان المسلمين وأن يدعمه النظام في ذلك ويسمح له بالحصول على نسبة عالية في الاستحقاق الانتخابي، ولكن ظهر أن الدولة لا تريد حزب النور ظهيرًا لها وأن قبولها بوجود الحزب في المشهد عقب الثلاثين من يونيو كان ظرفًا طارئًا، وأنها لن تقبل بوجود أيًا من تيارات الإسلام السياسي في الحكم مرة أخرى.

وبذلك ينتهى المشهد بأن انصار الحزب قد تخلو عنه لفقدان الحزب مصداقيته وابتعاده عن القيم التي ساندوه من اجلها وبذلك لم يعد الحزب زراعًا أحد فلا السلطة فبلت بوجوده ولا القوى المدنية ستقبل بوجوده على الساحة هي الأخرى.

ويبدو أن حزب النور قد ارتضى الحدود المرسومة له وهي ألا تتجاوز حصته في مقاعد البرلمان 20 مقعدًا.

ويجب على حزب النور الآن الانسحاب من المشهد السياسي والعودة إلى الدعوة مرة أخرى.

خسر حزب النور ولكنه ترك درسًا للأحزاب والقوى الأخرى أهمها أن الانظمة السلطوية لا تفئ إلا لما يدعم بقاؤها ويعزز مصالحها واستمرار سلطتها.

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *