دراسة قانونية عن القانون الأمريكي ( العدالة ضد رعاة الإرهاب )

القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي مؤخرا والمسمى ( جاستا ) العدالة ضد رعاة الإرهاب 

نعرض في هذا التقرير أولا لفسلفة ذلك التشريع و نطاقه ثم نتناول أوجه مخالفة التشريع الأمريكي لقواعد القانون الدولي العام ، وذلك علي النحو التالي .

أولا : معالم ونطاق قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب :

القانون يسمح بعد إقراره للمحاكم الفيدرالية الامريكية بالنظر في قضايا تتعلق بمطالبات ضد أي دولة أجنبية ترتبط بعمل إرهابي .

القانون يعدل من نصوص تشريع قديم صدر عام 1967 ، والذى كان يعطي حصانة من الملاحقة القضائية داخل الولايات المتحدة الأمريكية لبعض الدول .

القانون الأخير سيمكن أهالي الضحايا في أحداث 11 سبتمبر عام 2001 ، من مقاضاة دول اجنبية ومسؤولين مرتبطة بقضايا الإرهاب .

كما يعطي القانون للمحاكم الفيدرالية الامريكية الاختصاص بنظر قضايا تتعلق بمطالبات ضد أي دولة أجنبية من الإصابات والقتل و الأضرار المادية التي حدثت داخل الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة عمل إرهابي يرتكب في أي مكان في العالم وذلك قبل دولة أو مسؤل اجنبي .

يمكن بمقتضى ذلك القانون رفع دعاوى مدنية ضد أي دولة أجنبية أو مسؤل اجنبي نتيجة للإضرار عن أي فعل من أفعال الإرهاب .

ويعطي قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أيضا للمحاكم الفيدرالية الأمريكية الاختصاص بممارسة الولاية القضائية الشخصية وفرض المحاسبة لأي شخص يرتكب مثل هذه الأفعال أو يقدم المساعدة أو التحريض أو الشروع في ارتكاب أي عمل من أفعال الإرهاب الدولي ضد أي مواطن أمريكي .

ومن ثم فإنه وفقا للبند الوارد في القانون الماثل والمتعلق بالمحاسبة للدول الأجنبية نجد مايلي :

 لايجوز لدولة اجنبية أن تكون في مأمن من اختصاص المحاكم الأمريكية في أي قضية من القضايا التي تطالب بتعويضات مالية ضد أي دولة أجنبية جراء إصابات جسدية لشخص أو ممتلكات أو حوادث قتل تحدث في الولايات المتحدة الأمريكية وتكون نتيجة لعمل من الأعمال الإرهابية .

 وكذلك أي عمل من الأعمال من أي دولة أجنبية أو من أي مسؤل أو موظف أو عميل لتلك الدولة الأجنبية خلال عمله في وظيفة أو وكالة بغض النظر عن موقع حدوث هذه الأعمال من الدولة الأجنبية  .

القانون يسري بأثر رجعي حيث يستفاد منه أهالي الضحايا لطلب التعويض جراء الأحداث التي وقعت في 11 سبتمبر 2001 .

ثانيا : أوجه مخالفة التشريع الأمريكي للقانون الدولي :

يعد هذا القانون سقطة في مجال القانون الدولي العام وذلك للأسباب التالية :

– يمثل القانون انتهاك لمبدأ سيادة الدول وهو مبدأ رئيسي من المبادئ القانونية في القانون الدولي وكذا ميثاق منظمة الأمم المتحدة ، ويتفرع عنه نتيجة قانونية هامة وهي تساوي سيادات الدول علي الصعيد الدولي بما يعني المساواة القانونية بين الدول عند التصويت ، وأن كان الوضع الاقتصادي والسياسي للدول يلعب دورا في مجال صنع القرار الدولي والتأثير في مجريات العلاقات الدولية .

– القانون أيضا يخالف نصوص و أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية والتي اعتمدت ونشرت علي الملأ وفتحت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 59 / 38 بجلسة 2004 ، الدول الموقعة أقرت في صلب ديباجة الاتفاقية المذكورة أن حصانة الدول وممتلكاتها تعد من مبادئ القانون الدولي العرفي ، كما تضع في اعتبارها مبادئ القانون الدولي المجسدة في ميثاق الأمم المتحدة ، كما أكدت المادة 5 من اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها علي تمتع الدول لنفسها وممتلكاتها من ولاية دولة أخري رهنا بأحكام هذه الاتفاقية ، وبموجب المادة 6 من ذات الاتفاقية بالامتناع عن ممارسة الولاية القضائية في دعوي مقامة أمام محاكمها ضد دولة أخري وتضمن من أجل هذه الغاية أن تقرر محاكمها من تلقاء نفسها احترام حصانة تلك الدولة بموجب المادة 5 من هذه الاتفاقية .

– القانون محل الدراسة ينتهك مبدأ أصيل وأساسي علي هديه نشأت منظمة الأمم المتحدة وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كضمانة للاستقرار الدولي ومنع نشوب المنازعات بين الدول .

نخلص من هذه الدراسة الموجزة الي ان القانون الأمريكي ( العدالة ضد رعاة الإرهاب ) ينتهك ثوابت قانونية دولية راسخة ومعترف بها في سائر الأنظمة والقوانين الداخلية وهي مباديء (عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، سيادة الدولة )، والأهم انه ينتهك الأحكام التي جاءت بها اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها حيث أن هذه الاتفاقية وضعتها الأمم المتحدة – الكيان القانوني – المعبر عن إرادة المجتمع الدولي بشتى أطيافه .

وتأسيسا علي ماتقدم فإننا نرى أن التصدي لهذا القانون لايقتصر علي الدول العربية فحسب ، ولكن لابد من حشد كافة الجهود الدولية علي مستوي المنظمات الإقليمية والتي جزء اصيل من المجتمع والتنظيم الدولي ، كما أن القانون المذكور يمثل اعتداء علي قيم وثوابت المجتمع الدولي بأسره ومن شأن أعماله خلق حالة من الاضطراب والتنازع بين الدول ،ومن ثم تهديد حالة الاستقرار العالمي ،

لذا ، نري أهمية تواصل جامعة الدول العربية مع المنظمات الإقليمية المختلفة وعقب ذلك التوجه صوب الأمم المتحدة .

10

المستشار الدكتور : مساعد عبدالعاطي شتيوي

خبير القانون الدولي العام

شكرا للتعليق على الموضوع