تفاصيل مثيرة عن موقعة يوم بدر الكبري
التلغراف – عبدالله الناصر – القاهرة : معركة انتصر فيها المسلمون على قريش يوم 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة، محققين أول نصر ساحق على أهم القبائل العربية في ذلك الوقت.
دفع النصر الغاضبين من الدولة الوليدة (قريشا واليهود والأعراب والمنافقين) لإنشاء حلف حاول استئصال المسلمين وكسر شوكتهم، لكن دون جدوى.
سياق المعركة
– كذّبت قريش برسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم، وقتلت عددا من المسلمين، وعذبت آخرينن وشردتهم وصادرت أموالهم، لكن ذلك لم يقض على أتباع الدين الجديد، خاصة بعد نجاح ثلة منهم في الهجرة إلى الحبشة، ثم انعقاد بيعة العقبة التي قرر بعدها رسول الله الهجرة إلى يثرب وقد سبقه إليها عدد كبير من المهاجرين الذين حظوا باستقبال متميز من طرف الأوس
والخزرج الذين حملوا اسم الأنصار منذئذ.
– حاولت قريش استدراك ما فاتها والتوجه مباشرة إلى قتل الرسول الكريم، وخصصت لذلك فتيانا من جلّ بطون قبائل مكة ليتفرق دمه بين القبائل فيعجز بنو هاشم عن المطالبة بالثأر لدمهم. ولكن نام مكانة ابن عمة الصحابي الجليل وأفضل الصحابة رضوان الله عليهم بعد رسول الله صل الله عليه وآله وسلم على بن أبي طالب عليه السلام فارس الإسلام الأول بدون منازع.
– واستطاع الرسول صل الله عليه وآله وسلم الخروج من مكة والوصول إلى المدينة، على الرغم من أن قريشا قلبت الأرض رأسا على عقب بحثا عنه.
ورغم ابتعاده عنهم، حرص القرشيون على الكيد للمسلمين والبحث عن وقف مدّهم، خاصة وقد انضافف لصفّهم أعداء جدد للإسلام داخل يثرب بقيادة عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان يستعد ليتولى مُلك المدينة قبيل وصول رسول الله صل الله عليه وآله وسلم.
– فإذا كانت قريش تريد الانتقام لكرامتها بعد فشلها في وقف الإسلام ونجاح المهاجرين والرسول الكريم في الوصول إلى المدينة، فإن اليهود كانوا متذمرين من بعثة النبي عليه الصلاة والسلام الذي كانوا ينتظرون أن يرسل منهم، بل كانوا يتهددون به الأوس والخزرج، لكن عندما بعث من قريش كفروا به رغم أنهم كانوا يجدون أوصافه وتفاصيل عنه في كتبهم.
في هذه الأجواء العدائية المنذرة بالخطر، تحرك المسلمون بقيادة رسول الله صل الله عليه وآله وسلمم لفرض معادلة قوة جديدة على الأرض.
– وقد بدأ نبي الإسلام باستهداف القوة الاقتصادية لقريش المتمثلة في تجارتها وقوافلها التي كانت تمر عبر طرق المدينة المنورة في اتجاه الشام، وفي هذا السياق جاءت معركة بدر الكبرى يوم 17 رمضان في السنة الثانية للهجرة.
عير قريش
– بدأت قصة معركة بدر الكبرى بعد وصول أنباء عن قافلة تجارية كبيرة لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب،، وتذكر الروايات أنها كانت تتكون من ألف بعير محملة بمختلف أنواع البضائع التجارية، ويحرسها فقط نحو أربعين شخصا.
– فـقرر رسول الله صل الله عليه وآله وسلم الخروج إلى القافلة للسيطرة عليها والرد على قريش، التي صادرت أموال المسلمين في مكة وسلبتهم كل ما يملكون.
أبو سفيان من جهته وصلته أنباء خروج المسلمين لاعتراض قافلته، فأرسل يستنجد بقريش التي رأت أن الفرصة جاءت لإبادة المسلمين ولا يجب أن تفوتها، وذلك على الرغم من أن أبا سفيان بعث إليها يخبرها أنه غيّر مسيره وأنقذ القافلة.
– فقد حرّض أبو جهل عمرو بن هشام قريشا على القتال واستغلال الفرصة لتوجيه ضربة قاصمة للمسلمين، وفرض هيبة قريش على القبائل العربية.
خرجت قريش في نحو ألف مقاتل، في وقت لم يتجاوز عدد المسلمين -بحسب الروايات- 314 شاؤوا، فالقوافل التي تغذي الاقتصاد المكي لم تعد تُسيّر بنفس الطريقة، بل وجدت قريش نفسها ملزمة باتباع خط سير طويل في طرق لم تألفها لتبتعد عن خطوط السير العادية التي تمر عبر المدينة المنورة ، وحتى هذا الحل لم ينفع قريشا لأن المسلمين قطعوه عليهم.
بني سليم واليهود ومشركين قريش
– وبالنسبة للأعراب المحيطين بالمدينة، فقد أزعجهم قيام قوة أعلنت عن نفسها بهذا الوضوح عبر نصرر سريع وحاسم على أعتى قوة عربية في المنطقة ممثلة في قريش، فقرروا التجمع لضربها سبعة أيام بعد نصر بدر.
فما كان من رسول الله صل الله عليه وآله وسلم إلا أن جمع المسلمين وخرج إلى بني سليم الذين سارعوا للفرار إلى الجبال بعدما رأوا المسلمين ولم يجرؤوا على مواجهتهم.
– النصر الساحق الذي تحقق ببدر أفرز طائفة جديدة في المدينة المنورة، وهي الطائفة التي عرفت في التاريخ بالمنافقين، إذ إنهم اضطروا لاعتناق الإسلام تقية بعدما كانوا يعادونه في البدايات، فثبوت قوة المسلمين لم تترك لهم مجالا للمناورة إلا عبر باب النفاق، كي يحفظوا مصالحهم ويستطيعوا الدفاع عن تحالفهم مع اليهود وقريش.
– ومن نتائج معركة بدر كذلك سيطرة المسلمين على دائرة جغرافية اتسعت لتشمل شمال مكة ومنطقة الساحل والمدينة، مما قطع لقريش أي أمل في استمرار تجارتها مع الشام، فبدأت تفكر وتعد لجولة جديدة.
– ورغم نجاحها في توجيه ضربة قوية للمسلمين في معركة أحد في السنة الثالثة للهجرة بعد مخالفة عدد من الرماة أمر رسول الله صل الله عليه وآله وسلم بالتزام أماكنهم، فإن قريشا لم تسعد أبدا بما حققته، إذ سرعان ما التأم صف المسلمين من جديد، وانطلقت المسيرة التي انتهت بفتح مكة في العشرين من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة .
د: عبدالله الناصر حلمى
امين عام تجمع آل البيت الشريف واتحاد القوى الصوفية