هل يصلح فان نيكرك لخلافة بولت على عرش ألعاب القوى؟

يعتقد البعض أن اعتزال العداء الجامايكي الأسطوري يوسين بولت، بعد مشاركته في سباق التتابع 4 × 100 متر، غدا السبت، ببطولة العالم لألعاب القوى المقامة حاليا بالعاصمة البريطانية لندن، بمثابة النهاية الحقيقية للعبة، لكن البعض الآخر يرى أنها فرصة ذهبية لمنح تلك الرياضة منظور أوسع.

ويمكن القول أن بولت كان يمثل الشعاع الوحيد الذي أنار السماء الحالكة لألعاب القوى، التي غرقت في مستنقع فضائح الفساد، وتعاطي المنشطات، في الفترة الماضية.

ونجح بولت في كسب تعاطف وحب الملايين من الجماهير، من خلال روحه المرحة وسجله الحافل بالإنجازات، على مدار أكثر من عقد من الزمان، حيث توج بـ11 لقبا طوال مشواره ببطولات العالم، بجانب حصوله على ثماني ذهبيات في الدورات الأولمبية، فضلا عن تحطيمه الرقم القياسي العالمي لسباقي 100 و200 متر.

ولم تكن خسارة بولت سباق 100 متر، الذي حصل خلاله على الميدالية البرونزية في النسخة الحالية لبطولة العالم، يوم السبت الماضي، سببا في فقدان النجم الجامايكي لبريقه، حيث يتطلع لمحو آثار تلك الهزيمة من خلال مشاركته في سباق التتابع، غدا السبت.

وأبدى البريطاني سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، حزنه العميق لانتهاء مسيرة بولت، حيث قال الأسبوع الماضي: “إنني حزين لاعتزاله.. لقد ترك أثرا عميقا في تلك الرياضة، ونال شعبية جارفة لم يحصل عليها أي رياضي آخر، باستثناء محمد علي كلاي”.

وأوضح كو: “بولت يمتلك شخصية قوية وبصيرة ووجهة نظر.. هذا ما سوف نفتقده، يتعين على أي رياضي أن يسير على هذا النهج، لقد كان منافسا استثنائيا ولكن الرياضة ينبغي أن تستمر”.

وشدد كو على أن مسيرة ألعاب القوى لن تتوقف عقب اعتزال بولت، تماما مثل رياضة الملاكمة التي ظلت تنتج المزيد من النجوم عقب انتهاء مسيرة كلاي، وكذلك كرة القدم التي قدمت الكثير من الوجوه الجديدة بعد بيليه ومارادونا.

وظلت ألعاب القوى تمضي في طريقها، رغم فقدانها للعديد من الأساطير، مثل كارل لويس، وميرلين أوتي، ومايكل جونسون، وجيل ديفيرز، حيث نالوا احتراما بالغا من الجماهير لأدائهم، لكنهم لم يحصلوا على الشعبية الطاغية التي تمتع بها بولت.

ومازالت ألعاب القوى تستقطب اهتمام الكثير من المشجعين، والدليل على ذلك الأعداد المتزايدة من متابعي اللعبة، التي تكشف عنها أرقام مواقع التواصل الاجتماعي.

ويمتلك بولت 4.8 ملايين متابع عبر حسابه على (تويتر)، بالإضافة إلى 18.8 مليون متابع في حسابه على (فيسبوك)، و 7.4 ملايين على (إنستجرام).

ويتوقع الكثير من المتتبعين أن يحمل وايدي فان نيكرك راية التألق والإبداع من بولت، لاسيما في ظل الأداء اللافت للعداء الجنوب إفريقي الشاب، المتخصص في سباقي 200 و400 متر، الذي يمتلك 80 ألف متابع على موقع تويتر، و46700 على فيسبوك، و195 ألفا على إنستجرام.

وتحدث بولت عن فان نيكرك قائلا: “إنه شخص رائع، ولكنني نصحته بضرورة أن تكون شخصيته أكثر انفتاحا قليلا، لأنه يتسم بالهدوء حقا”.

من جانبه، قال فان نيكرك “25 عاما”: “إنه لشرف عظيم أن يتحدث بولت عني”، مضيفا أنه على استعداد لتنفيذ نصيحة النجم الجامايكي.

أكد فان نيكرك: “إنه مجال بحاجة إلى تحمل المسئولية وخلق صورة جديدة.. سوف أسعى دائما للتطور في المستقبل، أحتاج للتحدث مع المزيد من الأفراد، أستمتع بالتعلم وأعشق دائما التحدي”.

وأبرزت صحيفة (جارديان) البريطانية، في عددها الذي صدر أول أمس الأربعاء، الفارق بين بولت وفان نيكرك.

وذكرت الصحيفة: “بولت يمتص كل الأكسجين من الملعب، ويخطف أبصار الجميع تجاهه، ولكن قبل أن ينهض فان نيكرك ويقف على قدميه استعدادا للانطلاق، فإن أنظار الحاضرين تتحول إلى نهائي منافسات القفز بالزانة، في الناحية الأخرى من الملعب”.

وأكدت جارديان على أن “ألعاب القوى لديها بطل جديد ورياضي عظيم ورجل مثير للإعجاب، لكنها لا تمتلك بولت جديد”.

ورغم ذلك، يرى الجميع أن فان نيكرك، البطل الأولمبي في سباق 400 متر، وصاحب الرقم القياسي العالمي للسباق، سيكون بمثابة “نجما جديدا” في بطولة العالم بلندن.

ومن المؤكد أن الوصول للمكانة التي يتمتع بها بولت حاليا، سيكون أمرا شاقا على الكثير من الرياضيين، لكن البعض يرى أنها فرصة لوضع ألعاب القوى على الواجهة مرة أخرى.

ويؤكد العداء الألماني، جوليان ريوس: “بالنسبة لي، كانت الضجة حول بولت غير عادلة.. لقد قدم أداءً مذهلًا، لكن ألعاب القوى أكبر من أن تقتصر على شخص وحيد، من الممكن أن يتراجع مستواه في أي وقت”.

وربما تكون وجهة نظر ريوس صحيحة من حيث المبدأ، حيث كان بولت يجذب كل الاهتمام إليه، بل كان يطلق عليه المنقذ لألعاب القوى، عندما فاز بسباق 100 متر في النسخة الماضية للبطولة عام 2015، على حساب منافسه الأمريكي، جاستين جاتلين، الذي تم إيقافه مرتين بسبب تناوله للمنشطات.

غير أن العداء الجامايكي خسر أمام جاتلين في السباق نفسه، بالنسخة الحالية للمسابقة، يوم السبت الماضي، في تغير قاس للقدر.

DPA

شكرا للتعليق على الموضوع