جنوب إفريقيا تستيقظ على فجر جديد.. أحفاد “مانديلا” يعقدون الآمال على “رامافوسا”

يحمل الرئيس الجديد لجنوب إفريقيا سيريل رامافوسا عبئا ثقيلا على كتفيه، حيث يتعين عليه إصلاح حزب قاد حركة التحرير في البلاد بعد أن تلطخ جراء تسع سنوات من رئاسة جاكوب زوما وسلسلة من فضائحه.

وبعد استقالة زوما التي جاءت بعد ممانعة من جانبه، استيقظ شعب جنوب إفريقيا يوم الجمعة على فجر جديد، حيث احتفل الكثيرون برحيله وأداء رامافوسا اليمن رئيسا جديدا للبلاد.

ويبدي جيل الألفية في جنوب إفريقيا الذي لم يسبق له مطلقا أن مر بأحداث الفصل العنصري، سعادته برحيل زوما الذي يرونه مصدرا للارتباك في بلادهم.

وتقول المواطنة الجنوب إفريقية ماكاليمى “25 عاما”: “خلاص جيد، أقول هذا”، وتضيف: “هذا الرجل – وتقصد زوما – وضعنا في كثير من المشاكل خلال فترة طويلة”.

وتابعت: “بعمليات الاحتيال المالي واتهامات الاغتصاب، لم يكن (زوما) يمثل قدوة جيدة لشعب جنوب إفريقيا”.

وقالت ماكاليمي التي ترتدي الجينز الممزق وأحمر الشفاه الساطع: “آمل فعلا أن يقدم سيريل رامافوسا تغييرا إيجابيا”.

وتولى زوما، الذي انتخب حتى بعد محاكمته وتبرئته من الاغتصاب، الرئاسة لفترتين تقريبا بينما كانت تطارده فضائح تتعلق بالفساد، وإساءة استخدام أموال الدولة واستغلال النفوذ.

كان زوما، متعدد الزوجات، الذي يعد شخصا متباسطا وذا تعليم متواضع ويهوى دائما الرقص والغناء بلغة الزولو وهى لغته الأم ، أبعد ما يكون عن العديد من الخصال التي يريدها الشباب وأصحاب الأخلاق الرفيعة وذوو الدهاء السياسي، في شخصية زعيم البلاد.

وفي حين أن زوما كانت لديه مسوغات “نضال” قوية حيث قضى وقتا في سجن جزيرة روبن وسنوات في المنفى لدوره في مكافحة نظام الفصل العنصري، فإن رامافوسا، على النقيض من ذلك، سيكون أول رئيس لجنوب افريقيا لم يكن جزءا من هذا الجيل من المنفيين.

ورامافوسا “65 عاما” لم يقاتل مطلقا ولم يغادر جنوب إفريقيا، وبدلا من ذلك، تمكن من بناء سمعته من خلال الحركة النقابية، وكان له دور فعال في التفاوض مع حكومة الفصل العنصري وصياغة الدستور الجديد التقدمي.

وكتب نيلسون مانديلا في سيرته الذاتية “المسيرة الطويلة إلى الحرية” عن أنه كيف التقى لأول مرة مع سيريل رامافوسا بعد أن تم إطلاق سراح مانديلا من السجن وأعجب به، ووصفه بأنه “واحد من أكثر جيل القادة الجدد براعة”.

ومن المعروف أن مانديلا فضّل رامافوسا خلفا له، ولكن المنصب ذهب في النهاية إلى تابو إمبيكي وهو من جيل المنفى.

وقالت سوزان بويسن، الأستاذة في معهد ويتس للحكم في جوهانسبرج، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي كان ملوثا بفضائح زوما، لديه الآن فرصة لتحويل نفسه وتغيير صورته السلبية .

وأضافت: “هناك رد فعل كبير ضد حقبة جاكوب زوما”. وأوضحت “أنه (رامافوسا) سيقع على عاتقه حمل ضخم “.

وفي محل مزدحم لقص الشعر للرجال في حى برامفونتاين في جوهانسبرج، ينتظر ماندلا، وهو عامل في تجارة التجزئة “37 عاما” دوره لقص شعره.

وقال ماندلا لـ (د.ب.أ): “إن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي كان ملوثا، لكنني أعتقد أن سيريل (رامافوسا) يمكن أن يعيد روح المؤتمر الوطني الأفريقي”.

وأضاف أن قدرات ومسوغات الرئيس الجديد في مجال الأعمال والاقتصاد مثيرة للإعجاب، فهو مليونير عصامي وحصل على امتياز فتح سلاسل مطاعم ماكدونالدز في جنوب افريقيا، داعيًا إلى محاكمة الرئيس السابق زوما.

وتتفق المواطنة تيفاني “24 عاما” مع ماندلا بضرورة محاكمة زوما.

وعلى الرغم من النشاط المفاجئ الذى يحيط بإهانة زوما وصعود نجم رامافوسا، لم يقتنع الجميع بذلك.

وأشار حزب “مقاتلو الحرية الاقتصادية” المعارض إلى أن الرئيس الجديد كان نائبا للرئيس القديم لسنوات عديدة.

وقال المحلل السياسي مليتسي مبيكي لـ (د.ب.أ) إن “رامافوسا كان في حكومة زوما نائبا للرئيس، فما الجديد”.

لكن الناخبين الشباب في جنوب افريقيا سيراقبون الآن عن كثب الأوضاع في البلاد.

وكان رامافوسا قد أدى يوم الخميس الماضي اليمين الدستورية رئيسا لجنوب افريقيا، بعد يوم واحد من إرغام جاكوب زوما على تقديم استقالته تحت ضغط من حزبه، المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم.

وتعهد رامافوسا، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس بالإضافة لترأسه حزب المؤتمر الإفريقي الحاكم، بمحاربة الفساد والمحسوبية اللذين شابا فترتي رئاسة سلفه زوما.

الألمانية

شكرا للتعليق على الموضوع