عن حرب النفط والغاز في سوريا
بات معروفًا أن الحضور العسكري الأمريكي في سوريا لمحاربة تنظيم “داعش” حجة واهية، فواشنطن لم تحضر لولا مصالحها وطمعها بثروات سوريا الباطنية الوفيرة، كما غيرها من المناطق العربية بالإضافة إلى أطماع أخرى، وما يحدث اليوم قبالة السواحل اللبنانية من صراع على الحقول النفطية والغازية البحرية بين لبنان وإسرائيل دليل على ذلك.
وهذا ما كان واضحاً من كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حين قال في آخر مؤتمر صحفي له: “إن بقاء أمريكا في سوريا مشروط بنجاح مشروع التقسيم وبالسيطرة على حقول النفط والغاز”.
على ما يبدو فإنّ المنطقة قد دخلت فعلاً وعلناً معركة النفط والغاز، النزاع على الثروات الباطنية بدأ في لبنان وفي شرق سوريا من قبله.
وفي هذا السياق، قال مصدر حكومي سوري في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية: “إن سوريا قرأت أسباب الاستهداف الأمريكي الحقيقية للبلاد منذ اللحظة الأولى، وكان في تلكَ الأسباب بعد اقتصادي متمثل بطمع واشنطن بالسيطرة على ثروات سوريا الباطنية، و لا سيما أنّ الثروات التي ما تزال في طور الاكتشاف تحت الأرض وفي مياه سوريا الإقليمية من المتوقع أن تجعل سوريا في مصافي الدول الكبيرة المنتجة والمصدرة للنفط والغاز في العالم لأنها تحمل آمالاً مبشرة جداً بذلك، ولهذا وضعت واشنطن خططها لقلب نظام الحكم في سوريا وبدأت بتنفيذها منذ عام 2011 لإيجاد نظام حكمٍ موالٍ لها بالكامل وبالتالي سيطرتها على نفط وغاز سوريا كما تفعل في دول الخليج”.
ولفت المصدر إلى أنّ “إدارة أوباما كانت تخفي هذا الأمر ولا تتكلم عنه أبداً عكس إدارة ترامب التي جاهرت بذلك حين قال ترامب ذاته أنّه يجب على الأمريكان أن يمتلكوا حصةً كبيرة ومعتبرة من النفط و الغاز السوريين، وهذا يعني أنّ ما كانت تتشدق به واشنطن من دعمٍ لحرية الشعب السوري والشعارات الديموقراطية الرنانة من مشاركة سياسية لكل المنظمات ليس إلّا كذباً وكلاماً فارغاً يهدف لسيطرة اقتصادية مباشرة وذلك حسب تعبير المصدر الحكومي السوري ذاته”.
وأضاف قائلاً: “إنّ أمريكا تعرقل المسارات السياسية كافة ولا تريد لمؤتمر سوتشي النجاح لأنها تعتقد أنّ الضغط الكبير الذي تمارسه لإبقاء التمثيل المعارض محصوراً في المعارضة الخارجية المرتبطة بها في مسار جنيف سيمكّنها في المستقبل من تحقيق مصالحها و أطماعها عن طريق هذه المعارضة، بالإضافة إلى إيجاد مجموعات مسلحة عملية لها من بقايا “داعش” وبعض المنظمات المسلحة الأخرى مثل قسد لتشكيل “جيش جديد لسوريا”، يمكنها من إقامة قواعد عسكرية كبيرة في الشرق و بالتالي سيطرتها على الحقول النفطية والغازية في تلك المنطقة”.
وأكد المصدر ذاته أنّ “أفق تلك المطامع الأمريكية مغلقة فالقرار ليس لأحد سوى سوريا وأي حكومة وحدة وطنية سورية لن تقبل ولن تمرر تلك المطامع الأمريكية وثروات سوريا ستبقى لسوريا ولشعبها وجيشها، وواشنطن تتخلى عن جميع أدواتها وقد رأينا هذا الأمر مراراً وتكراراً ولتعتبر تلك الأدوات من الدروس السابقة، أما وجودها العسكري الحالي فهو وجود لا يكفي من أجل أن تقوم واشنطن باستثمارات نفطية، يمكن لهذا الوجود أن يهدد قدرة الحكومة السورية على الوصول لتلك الأماكن النفطية في الوقت الحالي ولكنها فيما بعد لن تكون لا هي ولا أدواتها قادرةً على ذلك”.