اوليفر ستون: إيران واحدة من أكبر المراكز الثقافية والحضارية في العال مؤتمر
التلغراف- طهران – محمد أبو الجدايل : عرّج المخرج الامريكي العالمي “أوليفر ستون” Oliver Stone خلال مؤتمر صحفي في مهرجان فجر السينمائي الدولي الـ36 في طهران) على مواضيع عدّة هامة من قبيل صناعة الافلام في الشرق الاوسط، حرب نظام صدام ضد ايران، فيلم “الاسكندر”، والقيود التي تعرض لها في صناعة فيلمي “دبليو” و”اسنودن”.
وعن وجوده في إيران تابع ستون قائلا: “أولا وقبل كل شيء، لا بد لي أن أشكركم على العمل العظيم الذي قمتم به، وأنا سعيد جدا لدعوتي”. ما أستطيع أن أقوله بأمان في تجربتي الأولى للسفر إلى إيران هو أن الإيرانيين هم أحفى المضيفين لي، ورأيتكم ابتساماتكم الدافئة أمام وجهي على الدوام في الاجتماعات سواء في الشارع أو في المؤتمرات. إن ابتسامتكم وترحيبكم الحار هذا هما تشجيع كبير لي، ويذكرانني بأهمية صناعة السينما.
أشار ستون الى الأفلام الإيرانية التي شاهدها قائلا: “لقد شاهدت 10-20 فيلمًا إيرانيًا على مر السنين، لكن لا ينبغي أن أتوقع أن يتم تسميتهم من بين آلاف الأفلام التي شاهدتها خلال مسيرتي. خلال الأيام التي جئت فيها إلى إيران شاهدت حوالي 10 أفلام في دور عرض الفندق والسينما من العراق وألمانيا و… أهم شيء في هذه الأيام هو أنني أشعر براحة كبيرة في مشاهدة الأفلام لأنني لم أعد مشتركًا في نقد فيلمي.
أما عن وجهة نظره بإيران قال صاحب الاوسكارات الخمس: “تعتبر إيران واحدة من أكبر المراكز الثقافية والحضارية في العالم، ولها تاريخ يعود لأكثر من 2500 سنة ، وداريوش وسيروس والإمبراطورية الفارسية. كنت دائما مهتما برؤية إيران، لكن الفرصة لم تأت. لقد قام ولدي “شون ستون” فيما سبق برحلة إلى إيران، وكنت أتوق لرؤية هذا البلد، والآن أتيت إلى إيران مع زوجتي من كوريا الجنوبية.
كما تطرق ستون في بداية مؤتمره الى علاقته بالأفلام الوثائقية قائلا: “أنا لا أعتبر نفسي صحافيًا بل كاتباً، وعندما أتعب من كوني مسرحيًا أتجه إلى الفيلم الوثائقي لأنه يمنحني روحًا جديدة فالوثائقي يتفاعل مع أشخاص وقادة حقيقيين. عملت أيضاً مع شخصيات مثل كاسترو وتشافيز وبوتين ونتنياهو وياسر عرفات، وهذه الأفلام الوثائقية سمحت لي بالعودة إلى العالم الحقيقي وجعل الحياة تبدو ملموسة.
وتابع مخرج فيلم “نيكسون” قائلا: “ليس لديّ حالياً برنامج خاص لصناعة أفلام حول قائد سياسي إيراني.
ويقول: “كانت هناك شائعات تقول أنني طلبت مقابلة محمود أحمدي نجاد الرئيس السابق لإيران، إنني لم أتخذ مثل هذا القرار أبداً. وبطبيعة الحال، عندما يصل شخص ما إلى قمة القصة سيتم إطلاق مثل هذه الشائعات حوله لكنني لست بهذا الطموح.
وأضاف: اذا سنحت لي الفرصة يوما ما سأجري مقابلة مع سياسي ايراني بارز.
ويتابع هذا المخرج والمؤلف الهوليوودي، رداً على سؤال آخر: إن اللواء قاسم سليماني هو بطل المعركة ضد داعش الارهابي في إيران، ويتساءل ستون هل سيتم صناعة فيلم سينمائي عن هذا القائد الايراني.
وتابع: إن سليماني هو قائد عسكري ما زال على قيد الحياة. نحن نواجه مستقبلاً ساحقًا، وعلينا الانتظار لنرى ما يحدث. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تقوم العديد من القوات بمنع هذا المشروع (صناعة فيلم حول شخصية اللواء سليماني). هناك العديد من السيناريوهات حول داعش، وبعض الدول مثل أمريكا والسعودية وإسرائيل لا تقبل وجهات نظر إيران بشأن ذلك، ولكن لا يمكنك القول بأنه لا يمكنك صنع مثل هذا الفيلم.
وبشأن وجهة نظر سابقة لستون قال فيها أن بعض الأفلام الايرانية والهندية التي شاهدها خلال اليومين الماضيين كانت مملة، يجيب المخرج الامريكي: طلبت من مسؤولي المهرجان توضيح المسألة بالنسبة لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام. بشكل عام، أود أن أقول في ذلك الاجتماع أن قصة الأفلام في المهرجانات مملة، ومعظم الأفلام متعبة ورتيبة. وبينما كنت أتحدث إلى طلاب الجامعات، كان لدي نصيحة صادقة لهم وهي “توظيف الصراع في أفلامهم.
وتابع معيدا للأذهان: انتقد “بيلي وايلدر” فيلمي (نيكسون) بسبب مدّته الطويلة، بينما أعتقد أن “نيكسون” كان على قدر كاف من التشويق. وعلي أن أقول أن هذه التعليقات شخصية وطبيعية تمامًا.
وعبّر هذا المخرج الامريكي عن رغبته بصناعة فيلم حول حروب الشرق الأوسط وقال: “لا أعرف كيف أصنع دراما من هذه الحروب الخمس في الشرق الأوسط”.
وقال في اشارة الى ردود الفعل داخل بلاده على فيلم “سنودن” الذي كشف عن الخطط الإلكترونية للتجسس الأمريكي: كانت ردة فعل الأمريكيين حول هذا الفيلم غير مبالية، وأنا شعرت بالضيق عندما رأيت الناس في أمريكا قد وصلوا الى هذه النقطة من عدم المبالاة.
وعن حرب أمريكا على العراق قال: لقد دمرنا العراق وننشر الإرهابيين وهجرنا الجميع، لكن للأسف، الجميع يقول ما الخطأ الذي ارتكبناه في الشرق الأوسط!
وقال ستون: “إنها مأساة هذه الأيام” ، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية “مشينة” على أنها “دمار إبداعي”. بغض النظر عن رئيس الولايات المتحدة ، فهو في النهاية يقوض أي معاهدة دولية ويشن هجومه. للأسف ، نترك الكثير من النفايات في المنطقة ونعطيها اسمًا للسلام.
وقال: إن عددا من الجوائز الدولية منحت للسينما الإيرانية بعضها كان لأسباب سياسية مناوئة لايران، وأنا أرى أن الثورة الايرانية بعثت الرقة والحياة الواقعية في البلاد أكثر من السابق، وهو أمر ساعد السينما كثيرا.
كما انتقد المخرج العالمي أوليفر ستون سياسات المملكة العربية السعودية، وقال إنها مصدر تهديد كبير للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كما استعاد مخرج فيلم الوجه المرعب بعض المحطات في حياته الفنية، وصناعة الأفلام التي أحدثت جدلا كبيرا بسبب انتقادها السياسة الأميركية.
وفي سؤال وجّه لنجم الإخراج السينمائي في هوليود حول قراءته للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، قال ستون إنه يعتقد بأن السعودية هي أحد أكبر التهديدات للاستقرار في المنطقة.
وتابع ستون قائلا لاحد المراسلين العب: “أنت تعرف بصفتك قطري كيف يمكن أن تكون السعودية خلّاقة إذا تعلق الأمر بالدمار”.
واستذكر ستون الصعوبات التي واجهته أثناء إخراج فيلم “دابليو” (2000) الذي تناول الرئيس الأميركي جورج والكر بوش، والفوضى التي أحدثها هو وفريقه بعد قرار غزو العراق دون أي مظلة أممية.
وفي هذا السياق، أشار أوليفر ستون إلى تحفظ الممولين على إنتاج الفيلم، قائلا إن هناك توجها سائدا في أميركا يرفض انتقاد السياسات الخارجية لواشنطن.
ستون اعترف بأنه شخص غير مرغوب فيه بأميركا، وأنه أخرج الأفلام التي تزعج السلطات الأميركية انسجاما مع مبادئه وقيمه الإنسانية
ومن بين أفلام ستون السياسية، برز فيلم “جي أف كي” (1991) الذي انتقد التحقيقات الرسمية التي تمت حول اغتيال الرئيس الأميركي جون كيندي، والتلاعب الكبير بالأدلة، وإخفاء الحقائق الذي انتهجته مؤسسات أميركية، على رأسها وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه).
وتحدث عن الشرق الأوسط وما يعتريه من تحولات، مشيدا بدول بينها لبنان موطن زوجته السابقة، حيث زار البلد عام 1974 وأعجب بأهله.
وعاد ستون إلى فيلمه الملحمي عن “ألكسندر” (2004)، وقال إن التعاقد مع شركة “وارنر بروذرز” لإنتاج الفيلم كان سيئا، لأنهم أرغموه على تقليص حجمه واختزال مشاهد كان يرى أنها مهمة.
وأوضح ستون أنه أعاد إنتاج الفيلم بعد عشر سنوات -أي في 2014- وأصدر نسخة جديدة تفوق الثلاث الساعات، ومن أراد مشاهدة الفيلم كما يريده هو ويرغب فيه فليشاهد النسخة الجديدة.
وفي ندوة سابقة بالمهرجان، قال المخرج العالمي أوليفر ستون إن صناعة الأفلام انتهت في أميركا، وانتقد السياسة الأمنية والاستخباراتية في بلاده.
وكان ستون اعترف بأنه شخص غير مرغوب فيه بأميركا، وأنه أخرج الأفلام التي تزعج السلطات الأميركية انسجاما مع مبادئه وقيمه الإنسانية، وأنه لا يرضى بحال أن يكون بوقا للدعاية التي تعارض معتقداته وقيمه.