بردة الأشواق … “شعر” حسن الحضري

شعر : حسن الحضري

شوقٌ دعاكَ فلا أرى أنْ تَكتُمَهْ

فوقفتَ تَسفَحُ دمعَ عينِكَ واجلًا

أرسلتُ شِعري نائبًا فتحيَّرَتْ

خشعَ القصيدُ جلالةً في رَكْبِهِ

ماذا يقولُ الشِّعرُ في أوصافِه

لمَّا رأيتُكَ في منامي زائرًا

ألقيتُ في نومي تحيَّةَ عاشقٍ

بـشَّرتَني والحقُّ ما بـشَّرتَني

لبَّيكَ يا نُورًا تجلَّى بالهدَى

أُرسِلتَ غيثًا للبريَّةِ كلِّها

هشَّتْ إليكَ الأرضُ تزهو مثلما

والكائناتُ تزيَّنتْ لِلقائِه

والجِنُّ قد عرفتْ بأنَّ سبيلَها

أصغَتْ إليكَ وسبَّحتْ باسمِ الذي

والطُّيرُ هشَّتْ في عُلاها فرحةً

في لحظةٍ حَلَفَ الزمانُ بربِّها

جادتْ بها بينَ الليالي ليلةٌ

هو رحمةٌ مِن ربِّكَ الرحمنِ قد

شَقَّ المهيمِنُ صدرَه فحَمَاه مِن

تلك السحابةُ أيقنتْ أنَّ الذي

سبحان مَن أسرَى به سبحان مَن

واختاره الرحمنُ أمِّيًّا فلمْ

اصعَدْ كما تبغِي وربُّكَ رافعٌ

يا سيِّدَ الثَّقَلَيْنِ هلْ لمعذَّبٍ

لولاكَ ما خلقَ الوجودَ مَلِيكُه

يا بْنَ العواتِكِ مِن قديمٍ صانَها

ثُمَّ اصطفاكَ فليس مِن أحَدٍ لِمَا

بكَ أشرقتْ شمسُ الهدايةِ بعدما

أنقذتَ قومًا قارَبُوا سُبُلَ الرَّدَى

آتاهُمُ الرحمنُ أعظمَ شِرعةٍ

لا فرقَ بينَ غنيِّهِم وفقيرِهِم

هدَّمتَ صَرحَ الـشِّركِ بعدَ شُيوعِه

بالعدلِ والشُّورَى وفيضِ سماحةٍ

وبسطتَ يومَ الفتحِ عفوَكَ بعدما

وبذلتَ فيهم ما بذلتَ فأقبَلُوا

ولِغيرِ دِينِ اللهِ لمْ تَغضبْ ومَن

سمَّاكَ ربُّكَ أحمدًا ومحمدًا

وشهادةُ الإسلامِ ربُّكَ رافعٌ

سبحان مَن وهبَ الحصَـى نُطقًا فقا

والجِذعُ حنَّ وناشدتْكَ غزالةٌ

وانشقَّ في عليائِه القمرُ المنيـ

أنتَ المشفَّعُ حِين كلٌّ خاشعٌ

صلَّى عليكَ اللهُ فوقَ سمائِه

هذِي إليكَ قصيدتي في نَظْمِها

فتقبَّلَنْ منِّي بربِّكَ إنها

 

 

ورماكَ بالأشجانِ فهْيَ مُحَتَّمَهْ

والليلُ يأبَى أنْ يسـرِّحَ أنجُمَهْ

أبياتُه وترقَّبَتْ متوسِّمَهْ

وخشعتُ مِن فيضِ المهابةِ فاعلَمَهْ

واللهُ في قرآنِه قد عظَّمَهْ

هنَّأتُ نفسـي واغتنمتُ المَكْرُمَهْ

صَبٍّ مَشُوقٍ ما يُبيِّنُ هَمْهَمَهْ

فأفَضْتُ في صبري ولمْ أسألْ لِمَهْ

والحقُّ وضَّاحٌ لقلبٍ يَمَّمَهْ

تنمو به تلك المكارمُ مُفْعَمَهْ

تزهو العروسُ فلا تزالُ منعَّمَهْ

بِثيابِ شُكرٍ أقبلتْ مُتَرَنِّمَهْ

بالشُّهْبِ قد حُرِستْ فباتتْ مُرغَمَهْ

فطرَ الخلائقَ، ثُمَّ جاءت مُسْلِمَهْ

والوحشُ تمرحُ في الفلاةِ مُخَيِّمَهْ

ما إنْ لها مِثْلٌ فنرجُوَ مَقْدَمَهْ

مَنَّتْ على تلك الليالي المظلِمَهْ

جادت على الدنيا بأعظمِ مَرحَمَهْ

حسدٍ ومِن حقدٍ ومِن أنْ يُؤثِمَهْ

ستُظِلُّه، ربُّ الخلائقِ قدَّمَهْ

آتاه خيرَ المعجزاتِ وعلَّمَهْ

يقرأْ قُبَيْلَ الوحيِ حَرفًا قدَّمَهْ

ومقدِّمٌ إيَّاكَ أسنَى تَقْدِمَهْ

مِثلي يُرجِّي القُربَ، في أنْ يغنَمَهْ

ولَمَا اصطفَى الإنسانَ ثُمَّتَ كرَّمَهْ

ربُّ البريَّةِ في العفافِ مُقدَّمَهْ

ثأوتيتَ أهلًا يَرتجِي أنْ يغنَمَهْ

ضلُّوا حقيقتَها فكانت مُبْهَمَهْ

فاللهُ أكبرُ أنْ نعدِّدَ أنعُمَهْ

فحَباهُمُ مِن كلِّ خيرٍ أعظَمَهْ

لا والفضلُ للتقوى ودِينِ القيِّمَهْ

وأقمتَ بالتوحيدِ صرحًا أفحَمَهْ

وشمائلٍ عندَ الإلهِ مُعظَّمَهْ

ظنَّ الشَّقيُّ بأنْ سَتَسْلُبَه دَمَهْ

يتصايحونَ بقولِهِم: ما أكرَمَهْ

يزعمْ سوى هذا فحِلمُكَ ألجَمَهْ

لتكونَ أحمدَ خلقِه إنْ قسَّمَهْ

فيها لِذِكرِكَ ما أجلَّ وأعظَمَهْ

مَ مناجيًا خيرَ الأنامِ وكلَّمَهْ

والشَّاةُ قد حلبتْ وكانت مُعدِمَهْ

ـرُ لِمَن أرادَ بحكمةٍ أنْ يَفهَمَهْ

لا يجترِي أحَدٌ بأنْ يُجرِي فَمَهْ

وملائكُ الرحمنِ فهْيَ معلَّمَهْ

صِدقُ المحبِّ لِمَن أرادَ تفهُّمَهْ

مِن وحيِ قلبٍ شوقُه قد أضرمَهْ

شكرا للتعليق على الموضوع