رانيا كفروني فرح تكتب: كيف يتدرّب المرء على أن يحبّ ما لا يحبّه في الحياة؟!

لقد بات معلومٌ لدى المطلعين على علوم باطن الإنسان-الإيزوتيريك أنّ تفتيح وعي النفس البشريّة باتجاه فهم غوامضها (النفس) لهو تحدٍّ شرس. ويرتكز هذا التحدي كنقطة محوريّة على قراءة أوجه تعبير هذه ’النفس‘ وتفاعلاتها بتجرّد وموضوعيّة في خضم الواقع الحياتي المعاش… ومن جملة ما تظهّره هذه القراءة مستوى القبول (أو الانفتاح) نسبة إلى الرفض (أو الانغلاق) في مختلف الشؤون الحياتيّة…     

إنّ قراءة أوجه تعبير النفس على النحو المذكور لهو أمر مفيد وضروري. فيما تكتمل هذه القراءة وتتكامل عبر تقييم الممارسة وتقويمها؛ أي عبر الإنفتاح على ما لا يحبّه المرء في الحياة، بعد تحديد مكامن الإنغلاق كمرحلة أوليّة، تليها مرحلة التطبيق العملي- بمعنى خوض التجربة (العمل).

ويُقصَد طبعًا الانفتاح على تلك الأعمال أو الممارسات التي توسّع وعي النفس إيجابًا في الحياة… وقد تعود جذور الرفض أو الانغلاق إلى عدة عوامل، منها:

أولًا- الجهل بمعنى عدم الدراية بالعمل بحدّ ذاته.

ثانيًّا- الخوف من الفشل في تأدية العمل أو الخوف من الألم الذي قد يستولده احتواء الجديد…

ثالثًا- نواقص النفس ونقاط ضعفها، كالكسل والعناد والغرور والأنا السلبيّة… ناهيكم عن وَهْم الاكتفاء بما سبق وحققه المرء…

رابعًا- عدم تفعيل حريّة الاختيار إيجابًا. وهذا ما يُضعف الإرادة الفرديّة وبالتالي يضعف الفكر في ترويض المشاعر، فتتحكم هذه الأخيرة (أي المشاعر) بمسلك النفس.

والسؤال الجدير طرحه في هذا السياق هو: “كيف يتدرّب المرء على أن يحبّ ما لا يحبّه في الحياة؟!…”. أمّا الجواب فببساطة السؤال: إنّ لكل نفس بشريّة مفتاح. وإنّما أمور عديدة قد تساعد في ذلك، منها:

-الإيمان الواعي بالهدف الجوهري وراء أي عمل.

-الثقة بالمقدرة الذاتيّة على تحقيق هذا العمل في ظل صدق الهدف. وتقدم علوم الإيزوتيريك لكلّ مريد للمعرفة مجمل مستلزمات النجاح لا بل التفوّق في تأديّة الأعمال، عبر سلسلة مؤلفاتها بقلم مؤسسها الدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م).

-شخصيّة إيجابيّة جريئة محبّة للحياة وللعطاء، تهوى التحدي والمجابهة بشجاعة المنطق الباطني كما تدعوه علوم الإيزوتيريك. أي منطق فهم الأسباب الخافية وراء النتائج الظاهرة للعيان.

-إرادة فذّة تترجمها مثابرة النفس على التحقيق والإتقان. كما ويكلّلها فكر منفتح على إدراك نواقص النفس، ودوزنة أحاسيسها بهدف انتشالها من بؤرة الانصياع وراء النزوات والرغبات ورفعها إلى مراقي المسؤوليات والالتزامات؛ حيث محبّة العمل والتفاني من أجل إتقان العمل هي الشرط السائد…

أمّا نتيجة هذا الانفتاح فيحصدها المرء تفتحًا لملَكَة الصبر وطول الأناة. أيضًا قوّة تركيز، ومرونة وابتعاد عن التعقيد تستولدها حاجة الفكر إلى ايجاد الحلول وتحديد مخارج الأمور.

ببليغ الكلام أن يتدرب المرء على أن يحبّ ما لا يحبّه من أعمال مفيدة يصبّ في تهذيب النفس وتثقيفها، تمامًا كتربيّة الأبناء بنبُل ووعي. يفعّل من خلالها حريّة اختياره بالقرار الصائب، وفكرّه بالعمل المفيد والاحتواء المحبّ؛ فيحصد المرء انسيابيّة داخليّة تستتبعها انسيابيّة خارجيّة، تترجم نفسها عبر تحقيق أعمال مختلفة بشكل تلقائي وبأقل مجهود ممكن وبسرعة.

في الختام يطيب الإستشهاد في هذا السياق بقول مأثور للدكتور جوزيف مجدلاني (ج ب م):”إنّ أقصر طريق إلى اكتساب الحكمة العمليّة أن تجعل شخصًا يحبّ أمرًا أو عملًا (مفيدًا) لا يحبّه أو يرفضه في الحياة”…

اقرأ للكاتبة

رانيا كفروني فرح تكتب: الإنتاجية في الحياة كيف نحققها؟!

شكرا للتعليق على الموضوع