وجه وألف لون… رواية تحت النقد والتحليل

 

المهندس طوني عبد النور

نقد وتحليل: طوني عبد النور

 بين ريشة غُمست بألوان الفنون الجميلة… وريشة صَبَغت كيان الإنسان بأبهى ألوان الحياة… أشرقت رواية “وجه وألف لون…” للباحثة والكاتبة في علم الإيزوتيريك، المهندسة هيفاء العرب. رواية تلونت وجوه شخصياتها بألف لون ولون، لينسجم اللون-الوجه مع الظرف والتجربة التي يتفاعل معها…  

 تنساب شخصيات الرواية بشكل مترابط ومتسلسل، وهي تعمل على تفعيل ثلاثية “الرقة-الحبّ-الجمال”… وقد تجلت الرقة في مواجهة السلبيات، بعدما اختمرت الشخصيات بالحبّ الواعي… الحبّ الذي ينسج روابط ذبذبية بين مكونات النفس البشرية والذات الإنسانية، ما أضفى جمالًا براقًا في ألوان الأجسام الباطنية، نتيجة الانسجام في ما بينها.

 هذه الرواية هي دراسة متعمقة في فهم صراعات الأشعة البشرية… فصراعاتها هي مرآة لواقع وجود مساحات ذبذبية لونية مستنيرة، يقابلها مساحات داكنة. وقد عمد جبروت الإرادة على إضاءتها بنور الحبّ… وقد برز ذلك من خلال شخصيتيْ التوأم كارمن ودينا، اللتين لا يجمعهما أي شبه. ما سلّط الضوء على الكارما الفردية، الخاصة بكل شعاع بشري متجسّد على الأرض.

 تعتبر رواية “وجه وألف لون…” بحثًا منهجيًّا في محاربة تناقضات ألوان الشخصية البشرية، من خلال تفعيل عاطفة الحبّ الواعي التي يجب انتهاجها في حياتنا. فهذه العاطفة تنسج خيوطًا ذبذبية لامرئية بين مكونات الوعي الخفية في الكيان الإنساني، لتتوحّد ألوانها في تشكيل هندسي، متخذًا شكل نجمة نورانية… تشع مثلثات أشكالها أكثر صفاءً ونقاءً، كلما ازداد العطاء المعرفي.

 ولعلّ السر يكمن في ما أشار إليه المعلّم في الرواية في الصفحة 21 حين أشار إلى “الخيط الرفيع الذي يربط ما بين ألوان الشخصية الواحدة، نساءً أو رجالاً…”. هذا الخيط-الأحجية الذي يكشف المعلّم سرّه في كيفية توحيد ألوان الشخصية الواحدة حين يقول، متوجّهًا إلى بطلة الرواية، في الصفحة 158: “جِدي أولاً الرابط بين هذه الألوان، ثم اِسعي إلى إدراك ما ينقصها من ألوان…”. ما يدل على أنّ تعبئة فراغات ’كانفا‘ الشخصية البشرية، على امتداد دوران خيوط الزمن، يرسم دوائر نابضة بالألوان… دوائر تتوحد صفاتها اللونية في صورة مكتملة واعية هدفها المعرفي كلما أتقن السائر على درب المعرفة رسم شخصيته الواعية، ما يطلق مقدرة حرية التعبير الجمالي المعرفي.

 إنّ أبرز ما يميز هذه الرواية، البراعة في السرد المترابط بين روايتين ضمن الرواية الواحدة، ما جعل أحاديث المعلّم، تنساب بشكل متقن مع منطق هندسة أحداث الرواية، في أسلوب متسلسل ومترابط مع هدفها. فغدت حبكة الرواية سلسلة من إرشادات معرفية عملية تطبيقية.

 تقدم رواية “وجه وألف لون…” أدب باطني أصيل، الأدب الذي يغوص في أعماق الإنسان ليبدد التحايل الفكري. ما يمنع الشخصية البشرية من أن تتلون بألف لون ولون، فتبرز الأصالة على حساب الزيف من خلال الإخلاص الذي يتجلى صدقًا وأمانة ووفاءً لدرب المعرفة. 

اقرأ ايضاً

حوار مع الإعلامي والباحث والناشط في المجال الإنساني د. وسيم وني

شكرا للتعليق على الموضوع