خلود الحسناوي تكتب: جزء مـن النـص مفقـود

كما في كل عام وفي مثل هذا الوقت أي شهر كانون الأول وبكل العالم تنتهي صلاحية العام الذي نحن فيه ويبدأ يضمحل ويتلاشى شيئا فشيئا بكل ما فيه..

من حلوه ومره وسعادته وتعاسته وما الى ذلك، ويحل تدريجيا عام جديد تستقبله الناس بحلة جديدة وكل بطريقته الخاصة او وفق معتقده او عاداته الاجتماعية وأعرافه وتقاليده كل بحسب بلدته أو أسرته وهكذا. ولو وقفنا وقفة بسيطة لعدة دقائق وسألنا هذا العام قبل رحيله وعقدنا معه اجتماعاً صغيراً، او لنقل جلسة لشرب فنجان قهوة وأُسائِله: تعال بربك كيف مرت علَيّ أيامك وأوقاتك؟

 كم مرة ذرفتُ فيك الدمع حزنا؟

وكم مرة تعرضت فيها لأغرب المواقف وأتعسها؟

وكم مرة مرت عليّ أيامك ثقيلة مليئة بالحزن الذي يأخذ مني سعادتي ويستنزف طاقتي؟!

أسألك هل مرّ بيَ الفرح يوما؟

وهل أطال البقاء؟

أم إنه دوما على عجل؟

 يقامر بمستقبلي ويطلي ليلي بسواده المعتم ويغطي نافذتي بنقير دموع السحاب، بربك قف هنيئة وأوقف هذا السيل الجارف من الألم. وعاهدني على أن يكون القادم أجمل لم لا تكون البساتين مليئة بزهور الخزاما والكادي والياسمين لم لا يملأ عبقها كل الدروب؟؟ هناك موت وهناك حواجز وهناك أطفال يقتادون على حاويات النفايات ليتذوقوا خبز الأغنياء بنكهة الفانيليا ليتخيلوا إنهم حصلوا على قطعة خبز من اناء مترفٍ ليظنوا أنهم اولائك النبلاء ويمشوا بكل ذاك الخيلاء. لكن صغار الفقراء نبلاء المنبع لا يبتلعون مع وجبات طعامهم قطعة لحم من جثة فقير إنما أغنياء بعزتهم وجميل ابتسامتهم.

لأنهم يتقاسمون ما يحصلوا عليه مع قطة او كلب مشرد.

فلا يشعر بالبرد والجوع إلّا من قاساهما وذاق مرّهما. قد يتغير الإيمان والأفكار ذات يوم، ولكن جزءاً منه يبقى داخل ارواحنا وربما يتلاشى ذاك الإيمان، ولكن تبقى فينا له حاجة. لنُقِم حفلة وداعك أيها العام القديم ونشكرك على كل شيء وبذات الوقت نستقبل العام الجديد ونحن متفائلين فرحين وبلا سلبية متمنين عاما قليل الحزن كثير الهدوء والفرح يبحث عمن يزرع بيابه وردة. يرسل مسجات الحب متكاملة دون أن نفتحها ونجد إن جزءاً من النص مفقود. لم؟ أ هو الفقر، أم الجوع، أم هو ال.. فرهود نسيت ان أخبركم أن فرهود الان يرتدي بدلة من مناشيئ عالمية وينتعل حذاءا بكذا ألف دولار. يمشي بها في طريق لا يكلف إكساءه سوى بضعة آلاف من الدنانير. وتستمر حفلة الاستقبال للعام الجديد ونحن نستبدل الستائر القديمة بأخرى جديدة تفوح منها رائحة القماش المنشى.

ونصنع من عدة كرات من الثلج رجل ثلج وبأنفه جزرة كبيرة وفي عنقه وشاحاً من صنع جدتي وحتى إذا أصبح الصباح.

لم نجد الوشاح من شدة البرد ولا الجزرة. واما رجل الثلج طمرته العاصفة بعد ان أشبع اطفال الحاويات بما رزقه الله، ومن البرد اكتفى بإن يلتحف الثلج المنهمر فوقه. حينها انهمرت دموع أختي الصغيرة وعادت أدراجها الى لعبتها التي اعتادت احتضانها ونامت وفي عينيها دمعة تلمع. أ يرضيك أيها العام الجديد؟ علّك تسمعنا أفضل من غيرك.

 خلود الحسناوي – بغــداد

اقرأ للكاتبة

خلود الحسناوي تكتب : جزء من النص .. مفقود

شكرا للتعليق على الموضوع