فِلِسْطِينُ الْمُسْلِمَةُ وَانْتِفَاضَتُهَا الْمُبَارَكَةُ فِي شِعْرِ محسن عبد المعطي
تقريرالأستاذ الدكتور/ مصطفى مصطفى عطا أستاذ الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة جامعة الأزهر
اَلْقُدْسُ ضَاعَتْ عِنْدَمَا تُهْنَا عَلَى … دَرْبِ الْـمَـلاَهِـي كَـيْـفَ لاَ نَـأْبَـاهُ
اَلْقُدْسُ ضَجَّتْ مِنْ تَغَيُّبِ فَجْرِهَا … وَتَـوَسَّـلَـتْ بِـالـلَّـهِ مَــا أَقْــوَاهُ!!!
هَذَانِ بَيْتَانِ مِنْ شِعْرِ ذَلِكَ الشَّاعِرِ الَّذِي أُتَابِعُ بِإِعْجَابٍ شِعْرَهُ الْمَنْشُورَ عَلَى صَفَحَاتِ مُعْظَمِ الصُّحُفِ وَالْمَجَلَّاتِ فِي مِصْرَ وَالْعَالَمِ الْعَرَبِي وَالْخَارِجِي وَقَدْ تَنَاوَلَ الشاعر / محسن عبد المعطي فِي شِعْرِهِ –الَّذِي يَتَمَيَّزُ فِي مُعْظَمِهِ إِلَى الِالْتِزَامِ بِالشَّكْلِ الشِّعْرِيِّ الْقَدِيمِ مِنْ حَيْثُ الِالْتِزَامِ بِالْوَزْنِ الْوَاحِدِ وَالْقَافِيَةِ الْمُتَّحِدَةِ مَعَ التَّجْدِيدِ فِي الصُّوَرِ وَالْأَفْكَارِ- تَنَاوَلَ فِي شِعْرِهِ الْقَضِيَّةَ الْفِلِسْطِينِيَّةَ وَمَوْضُوعَاتٍ أُخْرَى كَثِيرَةً سَوْفَ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مَوْضُوعاً لِمَقَالٍ لاَحِقٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَمَّا عَنْ شِعْرِهِ الْمُتَعَلِّقِ بِفِلِسْطِينَ الْمُسْلِمَةِ وَانْتِفَاضَتِهَا وَقَضِيَّتِهَا الَّتِي تَهُمُّ كُلَّ إِنْسَانٍ مُسْلِمٍ فَهُوَ يَنِمُّ عَنْ شُعُورِ إِنْسَانٍ مُسْلِمٍ أَحَسَّ بِمَأْسَاةِ جُزْءٍ غَالٍ مِنَ الْوَطَنِ الْمُسْلِمِ وَبِمُصِيبَةِ شَعْبٍ عَرَبِيٍّ مُسْلِمٍ أُصِيبَ فِي أَعَزِّ شَيْءٍ يَمْتَلِكُهُ الْإِنْسَانُ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ تَرْجَمَ الشَّاعِرُ عَنْ هَذَا الْإِحْسَاسِ بِمَجْمُوعَةٍ مِنَ الْقَصَائِدِ الَّتِي صَوَّرَتِ الْقَضِيَّةَ الْفِلِسْطِينِيَّةَ وَاغْتِصَابَ الْيَهُودِ لِهَذَا الْجُزْءِ الْعَزِيزِ مِنَ الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ الْإِسْلاَمِيِّ كَمَا أَهَابَ بِبَعْضِهَا بِكُلِّ مُسْلِمٍ غَيُورٍ عَلَى دِينِهِ أَنْ يَقِفَ بِجَانِبِ أَبْنَاءِ فِلِسْطِينَ مِنْ أَجْلِ تَحْرِيرِ الْأَرْضِ وَتَعْمِيرِهَا بِالْعَرَبِ وَالدِّينِ الْإِسْلاَمِيِّ وَتَحَدَّثَ فِي بَعْضِهَا الْآخَرِ عَنِ الْأَمَلِ الَّذِي يُرَاوِدُ كُلَّ فِلِسْطِينِيٍّ فِي الْعَوْدَةِ إِلَى دِيَارِهِ وَإِبْعَادِ كُلِّ مَنْ هُوَ غَرِيبٌ عَنْهَا وَقَدْ دَعَانِي إِلَى كِتَابَةِ هَذَا الْمَقَالِ شَيْئَانِ:
أَوَّلُهُمَا: إِعْجَابِي بِشِعْرِ هَذَا الشَّاعِرِ الَّذِي تَنَاوَلَ فِيهِ- بِالْإجَادَةِ- قَضِيَّةَ فِلِسْطِينَ وَالدَّعْوَةَ إِلَى اسْتِعَادَتِهَا وَالْوُقُوفَ مَعَ أَبْنَاءِ الِانْتِفَاضَةِ بِجَانِبِ إِجَادَتِهِ فِي مَوْضُوعَاتٍ أُخْرَى عَدِيدَةٍ .
وَثَانِيهِمَا: هُوَ مَا نُشِرَ عَلَى بَعْضِ صَفَحَاتِ الْعَدَدِ رَقَم 9 لِلسَّنَةِ 48 اَلصَّادِرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ مِنْ عَامِ 1410هـ مِنْ مَجَلَّةِ مِنْبَرِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَدِيثٍ لِلدُّكْتُورْ عَبْدِ الْقُدُّوسْ أَبُو صَالِحْ عَنِ الْأَدَبِ الْإِسْلَامِيِّ ذَكَرَ فِيهِ حَاجَةَ الْأَدَبِ الْإِسْلَامِيِّ إِلَى النَّقْدِ وَالنَّاقِدِينَ وَشُعُورَهُ بِالتَّقْصِيرِ فِي مَجَالِ النَّقْدِ الْإِسْلَامِيِّ(1) مِمَّا جَعَلَنِي- كَدَارِسٍ لِلْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ وَنَقْدِهِ- أُمْسِكُ بِقَلَمِي وَأَكْتُبُ هَذِهِ السُّطُورَ حَوْْلَ بَعْضِ أَشْعَارِ الْأُسْتَاذِ محسن عبد المعطي كَشَاعِرٍ مِنْ شُعَرَاءِ الْإِسْلَامِ الْمُعَاصِرِينَ الَّذِينَ صَبَغُوا مَوْضُوعَاتِ شِعْرِهِمْ الَّتِي يَتَنَاوَلُونَهَا فِي مَجَالَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِالصِّبْغَةِ الْإِسْلَامِيِّةِ أَمَّا عَنِ الْجَانِبِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الشَّاعِرُ فِي شِعْرِهِ عَنْ فِلِسْطِينَ الْمُسْلِمَةِ وَهُوَ تَصْوِيرُ الْقَضِيَّةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ وَاغْتِصَابِ الْيَهُودِ لِلْأَرْضِ الْعَرَبِيِّةِ الْمُسْلِمَةِ فِي فِلِسْطِينَ فَيَبْرُزُ إِحْسَاسُ الشَّاعِرِ بِهِ فِي أَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ قَصَائِدَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَفِي مَوْضُوعَاتٍ أُخْرَى مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ فِي قَصِيدَتِهِ “سَعَادَةُ الْحَجِيجْ”(2)
إِلَــى الـلَّهِ أَشْـكُو مَـا بِـنَا مِـنْ تَـشَاحُنٍ … يَـــعُــودُ عَـلَـيْـنَـا بِــالْـوَبَـالِ الْـمُـحَـطِّـمِ
إِلَــى الـلَّهِ أَشْـكُو أَنَّ (إِسْـرِيلَ)أَصْبَحَتْ … تَـشُـنُّ حُـرُوباً فِـي سَـذَاجَةِ أَشْـرَمِ (3)
تُــهَــدِّدُ أَمْــــنَ الْـمُـسْـلِمِينَ بِـفِـعْـلِهَا … وَتَـسْـعَـى لِـتَـفْـتِيتِ الْــوِئَـامِ الْـمُـيَمَّمِ
وَتَــخْــدُمُ مَــكْــرَ الْـكَـافِـرِينَ وَلُـؤْمَـهُـمْ … وَتَـهْـوَى فِـعَـالَ الـسُّـوءِ بَـعْـدَ الـتَّـهَجُّمِ
وَتَـبْـغِي دَمَــارَ الْـكَـوْنِ وَالـنَّـاسِ كُـلِّهِمْ … وَتَنْسَى شِعَارَ السِّلْمِ فِي فِعْلِ مُحْجِمِ
فَقَدْ لَخَّصَ الشَّاعِرُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مَا تَقُومُ بِهِ إِسْرَائِيلُ الْمَزْرُوعَةُ مِنْ أَفْعَالٍ عُدْوَانِيَّةٍ لِزَعْزَعَةِ قَلْبِ الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَتَهْدِيدِ أَمْنِ الْمُسْلِمِينَ وتَفْتِيتِ وَحْدَتِهِمْ وَإِضْعَافِ الْإِسْلَامِ بَلْ وَالْقَضَاء عَلَيْهِ وَعَلى مُقَدَّسَاتِهِ وَقَدْ وُفِّقَ الشَّاعِرُ حِينَمَا جَعَلَ السَّبَبَ فِي قِيَامِهَا بِهَذَا كُلِّهِ رَاجِعاً إِلَى الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ وَمَا أَصْبَحُوا عَلَيْهِ مِنْ تَشَاحُنٍ وَفُرْقَةٍ وَخِلَافَاتٍ مَكَّنَتْ إِسْرَائِيلَ مِنْ تَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا الْعُدْوَانِيَّةِ فِي سُهُولَةٍ وَيُسْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّاعِرُ هَذَا السَّبَبَ أَوَّلاً لِيَجْعَلَ مَا بَعْدَهُ – مِمَّا تَقُومُ بِهِ إِسْرَائِيلُ- نَتِيجَةً طَبِيعِيَّةً لَهُ وَلِيُوَضِّحَ لَنَا أَنَّنَا إِذَا كُنَّا نَبْغِي الْقَضَاءَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَفْعَالِهَا الْقَبِيحَةِ ضِدَّ الْعَرَبِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ نُصْلِحَ مِنْ شَأْنِنَا أَوَّلاً وَقَدْ تَنَاوَلَ الشَّاعِرُ الْمَعْنَى السَّابِقَ نَفْسَهُ فِي قَصِيدَةٍ أُخْرَى مِنْ قَصَائِدِهِ الْجَيِّدَةِ عَنِ الْحَجِّ وَالْحَجِيجِ تِلْكَ الْقَصِيدَةُ الَّتِي يَقُولُ فِي أَبْيَاتِهَا عَنْ فُرْقَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ وَخِلَافَاتِهِمُ الَّتِي تُمَكِّنُ إِسْرَائِيلَ مِنْ تَحْقِيقِ أَغْرَاضِهَا الْعُدْوَانِيَّةِ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ(4)
إِلَـى الـلَّهِ أَشْكُو مَا بِنَا مِنْ تَسَاهُلٍ … بِـشَرْعٍ عَـظِيمٍ لِاكـتِسَابِ الْـمُعَجَّلِ
وَأَنَّ بِــــلَادَ الْـمُـسْـلِمِينَ تَـقَـاتَـلَتْ … وَقَـدْ بَـعُدُوا عَـنْ كُـلِّ دَرْبٍ مُـسَفَّلِ
تَرَى مُسْلِماً أَمْسَى يُقَاتِلُ مُسْلِماً … فَـيَا بُـؤْسَ مَـنْ خَاضُوا بِحَارَ التَّحَلُّلِ
وَ(إِسْـرِيلُ)- يَا رَبَّاهُ – قَاتَلَتِ الْهُدَى … وَظَـاهَـرَتِ الـشَّـيْطَانَ رَمْـزَ الـتَّذَلُّلِ
وَأَشْعَلَتِ الْفَوْضَى لِتَجْنِيَ شَهْدَهَا … فَـكَانَ جَـنَاهَا مِـثْلَ طَـعْمِ الْحُنَيْظِلِ
تَـقَـطَّعَ قَـلْـبُ الْـمُـسْلِمِينَ لِـفِعْلِهَا … فَهَلْ عِنْدَ رَبٍّ شَاهِدٍ مِنْ مُعَوِّلِ؟!!!
وَيَذْكُرُ الشَّاعِرُ فِي قَصِيدَةٍ ثَالِثَةٍ أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ لَمْ يَكْتَفُوا بِاحْتِلَالِ الْأَرْضِ بَلْ تَمْتَدُّ أَيْدِيهِمْ فِي كُلِّ حِينٍ إِلَى قَتْلِ النِّسَاءِ وَذَبْحِ الْأَطْفَالِ وَالتَّعَدِّي عَلَى الْأَعْرَاضِ وَانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ وَبَقْرِ الْبُطُونِ يَقُولُ مُصَّوِّراً ذَلِكِ فِي قَصِيدَةِ ” اَلطَّائِرُ..الْجَرِيحْ”(5)
أَفِــــي شَــرْعِـهِـمْ يَـقْـتُـلُونَ الْــوَلاَيَـا … وَيَمْشُونَ فِي النَّعْشِ وَسْطَ النُّوَاحْ ؟!!
أَفِــــي عَــدْلِـهِـمْ ذَبْـــحُ كُـــلِّ وَلِــيـدٍ … وَبَــقْــرُ الْـبُـطُـونِ وَمَــنْـعُ الـصِّـيَـاحْ؟!!
أَهَـــذِي حَــضَـارَةُ مَـــنْ يَـفْـخَـرُونَ؟!! … فَــبِــئْـسَ حَـــضَــارَةُ مَــــنْ لاَ يُــــزَاحْ
تُـــهَــانُ الْـــبَــرَاءَةُ مِــــنْ قَــاسِـيَـاتٍ … وَيُـعْـطِـي لَـهُـنَّ الْـجَـزَا مَــنْ أَبَــاحْ؟!!
وَلَكنَّ شَاعِرَنَا لَمْ يَيْأَسْ وَلَمْ يَفْقِدِ الْأَمَلَ فِي عَوْدَةِ كُلِّ فِلِسْطِينِيٍّ إِلَى وَطَنِهِ فَيَذْكُرُ أَنَّ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ تَعِيشُ فِي ضَمِيرِهِ وَضَمِيرِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَسَيَظَلُّ يُكَافِحُ وَيَدْعُو إِلَى الْكِفَاحِ حَتَّى تَعُودَ الْأَرْضُ إِلَى أَصْحَابِهَا وَتَعُودَ الْحَيَاةُ الْحُرَّةُ إِلَى مَنْ حُرِمُوا مِنْهَا يَقُولُ فِي قَصَيدَةِ” سَيَعُودُ الْقُدْسُ”(6)
إِنَّ أَرْضِي فِي ضَمِيرِي وَيَقِينِي … وَكِـتَـابُ الـلَّـهِ يُـعْطِينِي الْـحُدُودْ
أَزْمَتِي- يَا لَيْلُ- مَا انْحَلَّتْ وَلَكِنْ … هِـيَ فِـيَ قَـلْبِي كِفَاحٌ وَصُمُودْ
سَـأَجُوبُ الْأَرْضَ يَهْدِينِي إِلَهِي … وَأُضَــحِّــي وَأُعَــانِــي وَأَعُـــودْ
أَمَّا عَنِ الْجَانِبِ الثَّانِي مِنْ حَدِيثِ الشَّاعِرِ عَنِ الْقَضِيَّةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ – وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِدَعْوَةِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى الْوُقُوفِ بِجَانِبِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَعَدَمِ تَرْكِهِمْ مُنْفَرِدِينَ فِي مَيْدَانِ الْجِهَادِ – فَقَدِ اتَّضَحَ مِنْ خِلَالِ بَعْضِ الْأَبْيَاتِ فِي بَعْضِ قَصَائِدِ الشَّاعِرِ كَتِلْكَ الْأَبْيَاتِ الَّتِي قَالَهَا عَلَى لِسَانِ أَحَدِ الْفِدَائِيِّينَ فِي شَكْلِ حِوَارٍ لَهُ مَعَ بِلَادِهِ وَأَرْضِهِ مُعَاهِداً إِيَّاهُمَا عَلَى التَّصَدِّي لِلْعَدُوِّ وَحَمْلِ السِّلَاحِ حَتَّى اسْتِرْدَادِ الْحَقِّ الْمُغْتَصَبِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحِوَارِ دَعْوَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ إِلَى الْوُقُوفِ مَعَ هَذَا الْفِدَائِيِّ وَمُسَانَدَتِهِ فِي جِهَادِهِ يَقُولُ فِي قَصِيدَةِ “دَرْبُ..الْوَفَاءْ”(7)
إِنْ حَـادَ بَـعْضُ الْأَهْـلِ عَـنْ دَرْبِ الْوَفَا … وَتَـنَـكَّرُوا فَـأَنَـا أَصُـونُـكِ فِـي الـشِّدَادْ
صَـبْـراً فَـإِنِّـي فِــي الـطَّرِيقِ مُـنَاضِلٌ … يَهْوَى الشَّهَادَةَ إِنْ دَعَا دَاعِي الْجِهَادْ
جَـدِّي (صَـلَاحُ الـدِّيـنِ)يَتْبَعُ خُـطْـوَتِي … وَيَـشُـدُّ أَزْرِي فِـي اشْـتِيَاقٍ وَاعْـتِدَادْ
وَيَــقُـولُ: فِـــي ثِــقَـةٍ بِـنُـصْرَةِ رَبِّـنَـا- … هيا. بني وَكُــنْ لَـنَـا خَـيْـرَ امْـتِـدَادْ
إِنِّـــي عَـرَفْـتُـكَ يَـــا بُـنَـيَّ مُـجَـاهِداً … تَـشْوِي عُـدَاةَ الْحَقِّ فِي جَمْرِ الْعِنَادْ
هِــيَ عِـبْرَةٌ هِـيَ سُـنَّةٌ هِـيَ نُـصْرَةٌ … لَـيْتَ الْـعَدُوَّ مِـنَ الدُّرُوسِ قَدِ اسْتَفَادْ
وَقَدْ أَجَادَ الشَّاعِرُ فِي هَذِهِ الْقَصَيدَةِ حِينَمَا نَقَلَ لُغَةَ الْحِوَارِ فِيهَا مِنَ الْفَتَى مَعَ أُمِّهِ فِلِسْطِينَ إِلَى حِوَارٍ يَدُورُ بَينَ هَذَا الْفَتَى وَصَلَاحِ الدِّينِ الْأَيُّوبِيِّ الَّذِي حَرَّرَ الْقُدْسَ مِنَ الصِّلِيبِيِّينَ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِيِّ وَبِذَلِكَ أَثَارَ الْحَمِيَّةَ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ وَالْعَرَبِ لِلذَّوْدِ عَنْ قُدْسِهِ وَتَحْرِيرِهِ مِنَ أَيْدِي الْيَهُودِ كَمَا وَضَّحَ لَنَا الْحِوَارُ أَنَّ تَحْرِيرَ الْقُدْسِ لَيْسَ مُسْتَحِيلاً وَلَا أَمْراً صَعْباً فَكَمَا طَهَّرَهُ صَلَاحِ الدِّينِ قَدِيماً مِنْ رِجْسِ الصِّلِيبِيِّينَ وَكَانُوا أَشَدَّ قُوَّةً وَعَنَتاً مِنَ الْيَهُودِ فَكَذَلِكَ – بِاتِّحَادِنَا وَتَمَسُّكِنَا بِدِينِنَا- يُمْكِنُ لَنَا إِخْرَاجُ الْيَهُودِ مِنْهُ وَتَطْهِيرُهُ مِنْ إِثْمِهِمْ كَمَا تَحَدَّثَ الشَّاعِرُ عَنْ هَذَا الْجَانِبِ مِنَ الْقَضِيَّةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ حِينَمَا دَعَا الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً إلَى الْوُقُوفِ إِلَى بِجَانِبِ الشَّعْبِ الْفِلِسْطِينِيِّ وَتَأْيِيدِ كِفَاحِهِ وَدَعْمِ انْتِفَاضَتِهِ طَالِباً مِنْهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْعِبْرَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَصَحْبِهِ وَأَنْ يَقْتَدُوا بِهِمْ فِي جِهَادِهِمْ بُغْيَةَ نَصْرِ دِينِ اللَّهِ وَنَشْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ وَالسَّلَامِ يَقُولُ فِي قَصِيدَةِ “وَقْفَةٌ مَعَ..أَبْطَالِ الْحِجَارَةِ”(8)يَلُومُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَقَاعُسِهِمْ عَنِ الْجِهَادِ وَحِمَايَةِ الْقُدْسِ مِنْ بَرَاثِنِ الاسْتِعْمَارِ :
لَـــمْ نَــسْـرِ بِــالْإِسْـلَامِ يَــا إِخْـوَانَـنَا … لَــــمْ نَــفْـدِهِ لَـــمْ نَـسْـتَـفِدْ بِــهُـدَاهُ
لَــــمْ نُــعْــطِ لِـلْـمُـخْتَارِ نَــصْـراً بَـيِّـنـاً … لَــمْ نَـطْـرُدِ الـسُّـفَهَاءَ مِــنْ مَـسْـرَاهُ
***
لَــــمْ نُــجْـرِ إِصْــلَاحـاً يُـنِـيـرُ حَـيَـاتَـنَا … وَالْــكُـلُّ فِـــي وَادِي الـذِّئَـابِ شِـيَـاهُ
لَـــمْ يَـنْـتَـهِ الْـجُـبْنُ الْـمُـرِيعُ وَحَـالُـنَا … يَــرْثِــي لَـــهُ مَـــنْ يَـكْـتَـوِي بِـلَـظَـاهُ
***
أَيْنَ الشَّجَاعَةُ؟!!! أَيْنَ أَيْنَ عُيُونُهُا؟!!! … أَوَ تُـطْـفِئُ الــذُّلَّ الْـجَسِيمَ مِـيَاهُ؟!!!
عُـــودُوا إِلَـــى الـتَّـارِيـخِ يَــا أَحْـبَـابَنَا … تَــجِــدُوا الْــمِـثَـالَ وَكُـلُّـهُـمْ أَشْــبَـاهُ
***
تَـجِـدُوا رَسُــولَ الـلَّـهِ يَـقْتَحِمُ الْـوَغَى … يُــرْدِي الْـعِـدَا وَالـسَّـيْفُ فِــي يُـمْنَاهُ
تَـجِـدُوا الْإِمَــامَ يَـنَـامُ فَــوْقَ فِـرَاشِـهِ … هَـــذَا الْـمِـثَـالُ الْــفَـذُّ لَـــنْ نَـنْـسَـاهُ
وَقَدْ وُفِّقَ الشَّاعِرُ فِي مُخَاطَبَةِ الْمُتَقَاعِسِينَ عَنِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ (يَا إِخْوَانَنَا) وَهُوَ يَلُومُهُمْ عَلَى التَّقَاعُسِ فَهَذَا اللَّفْظُ يُخَفِّفُ مِنْ حِدَّةِ اللَّوْمِ وَيَجْعَلُ لِكَلَامِهِ لَدَيْهِمْ قَبُولاً وَارْتِيَاحاً وَيَامَا أَحْلَى تَعْبِيرَهُ عَنِ الْمُسْتَعْمِرِينَ الْيَهُودِ (بِالسُّفَهَاءِ) !!!فَهِيَ لَفْظَةٌ تُعَبِّرُ عَنْهُمْ وَعَنْ عَبَثِهِمْ بِالْمُقَدَّسَاتِ الدِّينِيَّةِ فِي الْقُدْسِ الْمُحْتَلَّةِ بِكُلِّ صِدْقٍ لِأَنَّهُ لَا يَجْرُؤُ عَلَى هَذَا الْعَبَثِ غَيْرُ السُّفَهَاءِ الْمُجَرَّدِينَ مِنَ الْعُقُولِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَالْأَفْهَامِ الصَّائِبَةِ أَمَّا عَنِ الْجَانِبِ الثَّالِثِ مِنْ حَدِيثِ الشَّاعِرِ عَنِ الْقَضِيَّةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمَلِ فِي اسْتِعَادَةِ شَعْبِ فِلِسْطِينَ لِأَرْضِهِ وَحُرِّيَّتِهِ فَقَدْ بَرَزَ فِي عِدَّةِ قَصَائِدَ تَحَدَّثَ فِيهَا الْأُسْتَاذُ / محسن عبد المعطي عَنْ هَذَا الْأَمَلِ وَبَقَائِهِ مَا دَامَ هُنَاكَ مَنْ يَحْمِلُ سِلَاحَهُ وَيُدَافِعُ عَنِ الْحَقِّ الْمُغْتَصَبِ وَمَا دَامَ هُنَاكَ مُسْلِمٌ غَيُورٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَحُرُمَاتِهِ اقْرَأْ مَعِي قَوْلَهُ: (9)
لَا تَـحْـزَنِي.. أُمَّــاهُ إِنْ طَــالَ الْـبُعَادْ … فَأَنَا – بِحُبِّي-سَوْفَ آتِي فِي الْمَعَادْ
لَا تَـقْلَقِي فَـأَنَا أَسِـيرُ عَـلَى الْهُدَى … وَأُسَـطِّرُ الْأَمْـجَادَ فِـي لَـيْلِ السُّهَادْ
يَـــا غَــايَـةَ الْأَحْـــرَارِ إِنِّـــي قَـــادِمٌ … أُهْـدِيكِ فَـجْرَ الـنَّصْرِ يَـا فَـخْرَ الْـبِلَادْ
ثُمَّ اقْرَأْ مَعِي قَوْلَهُ: (10)
لَا تَـظُـنُّي أَنَّـنِـي خُـنْتُ الْـعُهُودْ … فَـأَنَا – يَـا لَـيْلُ- عَـنْ دِينِي أَذُودْ
إِنَّ أَرْضِـي فِي ضَمِيرِي وَيَقِينِي … وَكِـتَـابُ الـلَّـهِ يُـعْطِينِي الْـحُدُودْ
أَزْمَتِي– يَا لَيْلُ- مَا انْحَلَّتْ، وَلَكِنْ … هِـيَ فِـي قَـلْبِي كِـفَاحٌ وَصُمُودْ
سَـأُعِيدُ الْفَجْرَ– يَا لَيْلُ- بِعَزْمِي … فَــأَنَــا وَالـصَّـحْـبُ لِــلَّـهِ جُــنُـودْ
سَـيَعُودُ الْـقُدْسُ– يَا لَيْلُ- وَلِيداً … وَنُـسَـمِّـيهِ (صَــلَاحـاً) سَـيَـعُودْ
وَقَدْ أَجَادَ الشَّاعِرُ هُنَا حِينَمَا خَلَطَ كِفَاحَهُ عِنْ أَرْضِهِ بِذَوْدِهِ عَنْ دِينِهِ الْإِسْلَامِيِّ وَعَنْ كِتَابِ اللَّهِ الْحَكِيمِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ صَبَغَ كِفَاحَ أَبْنَاءِ فِلِسْطِينَ فِي سَبِيلِ اسْتِرْدَادِ بِلَادِهِمْ بِصِبْغَةٍ دِينِيَّةٍ تَجْعَلُ كُلَّ مُسْلِمٍ فِي أَيِّ بَلَدٍ مِنَ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ يَقِفُ بِجَانِبِهِمْ وَيُمِدُّهُمْ بِعَزْمِهِ وَتَأْيِيدِهِ, وَيَذْكُرُ الشَّاعِرُ فِي قَصِيدَةٍ أُخْرَى أَنَّ إِرَاحَةَ الشَّعْبِ الْفِلِسْطِينِيِّ وَالشُّعُوبِ الْمُسْلِمَةِ أَجْمَعَ مِنْ هَذَا الْعَدُوِّ اللَّعِينِ لَنْ تَتَحَقَّقَ إِلَّا بِإِزَاحَتِهِ مِنَ الْوُجُودِ جَمِيعِهِ فَيَقُولُ مُخَاطِباً شَعْبَ فِلِسْطِينَ الَّذِي رَمَزَ إِلَيْهِ بالطائر. الجريح:
إِزَالَـتُـهُـمْ مِــنْ جَـمِـيعِ الْـوُجُـودِ … يُرِيحُكَ يَا طَيْرُ أَحْلَى ارْتِيَاحْ (11)
وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ بِعِبَارَةِ (أَحْــــلَى ارْتِيَاحْ) إِلَى أَنَّ الْحُلُولَ الْوَقْتِيَّةَ مَعَ هَذَا الْعَدُوِّ مَعَ بَقَائِهِ فِي فِلِسْطِينَ لَنْ تُجْدِيَ وَلَنْ تُفِيدَ وَإِنَّمَا الرَّاحَةُ الْكُبْرَى الدَّائِمَةُ مِنْ هَذَا الْعَدُوِّ وَمِنْ شُرُورِهِ إِنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِإِزَاحَتِهِ وَإِزَالَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُودِ. وَيَقُولُ الشَّاعِرُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَطْفَالِ الْحِجَارَةِ مُسْتَبْشِراً بِمَجِيءِ النَّصْرِ عَلَى أَيْدِيهِمْ (12):
إِنَّــهُـمْ أَلْــفُ (صَـلَاحٍ)عَـائِدٍ … أَبْشِرِي أُمَّاهُ بِالْفَتْح الْمُبِينْ
عَلَى أَنَّ الشَّاعِرَ لَمْ يَكْتَفِ بِمَا سَبَقَ مِنْ مَعَانٍ عَنِ الْأَمَلِ الَّذِي يَنْشُدُهُ فِي اسْتِعَادَةِ الْأَرْضِ وَوَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا لَجَأَ إِلَى رُكْنٍ آخَرَ يَتَعَاوَنُ كَثِيراً مَعَ الْمَعَانِي السَّابِقَةِ فِي تَحْقِيقِ آمَالِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعاً فَقَدْ أَبْرَزَ دَوْرَ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ عَنْ طَرِيقِ شَكْوَاهُ إِلَى اللَّهِ وَرَجَائِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُحَقِّقَ النَّصْرَ وَالْأَمَانَ وَالْعِزَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يريحه الحجيج (يْدِ عَدُوِّهِمْ بِإِزَاحَةِ هَذَا الْعَدُوِّ مِنْ جَمِيعِ سَاحَاتِ الْوُجُودِ فَيَقُولُ فِي قَصِيدَةِ: مَوْكِبِ الْحَجِيجِ(13):
إِلَــى الـلَّهِ أَشْـكُو عَـلَّ رَبِّـي يُـحِيطُنَا … بِـنَـصْرٍ جَـمِـيلٍ مَــا لَــهُ مِــنْ تَـحَـوُّلِ
وَيَسْحَقُ جَمْعَ الْبَغْيِ فِي كُلِّ سَاحَةٍ … وَيَــرْضَـى عَـلَـيْـنَا وَالْـغِـوَايَةُ تَـنْـجَلِي
وَنَـمْـضِي جَـمِـيعاً فِــي أَمَــانٍ وَعِـزَّةٍ … لِـكُـلِّ انْـتِـصَارٍ مُـشْرِقِ الْـوَجْهِ مُـقْبِلِ
وَقَدْ أُعْجِبْتُ بِتَصْوِيرِ الشَّاعِرِ لِلنَّصْرِ الْمُؤَمَّلِ الَّذِي يَرْجُوهُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يُحَقِّقَهُ لِلْمُسْلِمِينَ ,فَقَدْ صَوَّرَهُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنَ الْأَبْيَاتِ بِأَنَّهُ” نَصْرٌ جَمِيلٌ مَا لَهُ مِنْ تَحَوُّلِ “فَهُوَ لَيْسَ نَصْراً عَادِيّا أَوْ نَصْراً وََقْتِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ نَصْرٌ جَمِيلٌ يُحَقِّقُ كُلَّ مَا يَرْجُوهُ مِنْهُ الْمُسْلِمِونَ وَنَصْرٌ دَائِمٌ يُعِينُهُمْ عَلَى الْوُقُوفِ ضِدَّ أَيِّ عَدُوٍّ يُحَاوِلُ الْبَغْيَ عَلَيْهِمْ كَمَا صَوَّرَهُ فِي الْبَيْتِ الْأَخِيرِ بِأَنَّهُ انْتِصَارٌ مُشْرِقُ الْوَجْهِ مُقْبِلٌ حَيْثُ جَمَّلَ الْمَعْنَى بِهَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ الْبَدِيعَةِ الَّتِي أَبْرَزَتْ هَذَا النَّصْرَ فِي أَبْهَى صُورَةٍ وَأَجْمَلِ هَيْئَةٍ وَلَعَلَّكَ مَعِي – عَزِيزِي الْقَارِئَ- بِأَنَّ إِشْرَاقَ الْوَجْهِ مَعَ إِقْبَالِهِ يُوحِي بِرَغَدِ الْحَيَاةِ الَّتِي يَعِيشُهَا الْمُسْلِمِونَ بَعْدَ تَحْقِيقِ هَذَا النَّصْرِ وَبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الْأَمَانُ وَالْعِزَّةُ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّاعِرُ فِي الشَّطْرِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَيْتْ.
اَلْاِنْتِفَاضَةُ الْفِلِسْطِينِيَّةْ:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَمْ يَنْسَ الشَّاعِرُ أَنْ يَقِفَ فِي قَصَائِدِهِ عَنْ فِلِسْطِينَ مَعَ أَبْطَالِ الْاِنْتِفَاضَةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ وَاتِّخَاذِهِمْ مِنَ الْحِجَارَةِ سِلَاحاً يُوَاجِهُونَ بِهِ أَقْوَى الْأَسْلِحَةِ الْفَتَّاكَةِ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ الْمُغْتَصِبِ فَيَدْعُو الْعَرَبَ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى الْوُقُوفِ بِجَانِبِ هَذَا الشَّعْبِ وَمُسَانَدَتِهِ وَدَعْمِ انْتِفَاضَتِهِ مُوَجِّهاً لَوْمَهُ إِلَى هَؤُلَاءِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ انْشَغَلُوا بِخِلَافَاتِهِمْ وَتَقَاعَسُوا عَنْ مُسَانَدَةِ الشَّعْبِ الْفِلِسْطِينِيِّ وَدَعْمِ انْتِفَاضَتِهِ يَقُولُ فِي قَصِيدَتِهِ {وَقْفَةٌ مَعَ أَبْطَالِ الْحِجَارَةِ}(14)
يَــا قَــوْمُ مَـا هَـذَا الـتَّبَاطُؤُ طَـبْعُنَا … إِنَّ الــثَّـعَـالِـبَ أَنْــشَــأَتْ مَــبْـنَـاهُ
يَا قَوْمُ أَيْنَ الْعَقْلُ بَيْنَ عُرُوبَتِي؟!!! … عُــودُوا لَــهُ- يَـا قَـوْمُ-مَا أَجْـدَاهُ!!!
***
مَــاذَا نَـقُـولُ لِـرَبِّـنَا يَــا قَـوْمَـنَا؟!!! … مَـــاذَا نَــقُـولُ لَــهُ؟!!!غَـداً نَـلْـقَاهُ
أَنَـقُـولُ: أَبْـطَـالُ الْـحِـجَارَةِ وَاجَـهُوا … ظُـلْـمَ الـطُّغَاةِ لَـنَا فَـيَا بُـشْرَاهُ؟!!!
***
لَابُدَّ أَنْ نَقِفَ الْغَدَاةَ جِوَارَهُمْ … لِـيَعُودَ لِلْقُدْسِ الْبَرِيءِ ضِيَاهُ
***
وَيُعْلِنُ الشَّاعِرُ أَنَّهُ- كَعَرَبِيٍّ مُسْلِمٍ- رَاضٍ عَنِ الْاِنْتِفَاضَةِ وَ أَنَّ قَلْبَهُ مَعَ أَصْحَابِهَا كَمَا يَرْضَى عَنْهَا وَيُدَعِّمُهَا صَلَاحُ الدِّينِ الْأَيُّوبِيُّ رَمْزُ الْمُقَاوَمَةِ وَالتَّصَدِّي لِكُلِّ مَنْ يَعْتَدِي عَلَى الْقُدْسِ وَأَهْلِهَا يَقُولُ عَلَى لِسَانِ ذَلِكَ الْقَائِدِ مُخَاطِباً الْفَتَى الْمُجَاهِدَ لِتَحْرِيرِ الْقُدْسِ فِي قَصِيدَتِهِ {دَرْبِ الْوَفَاءْ}:
جَــدَّدْتَ مَـجْـدِي يَــا بُـنَـيَّ فَـمَرْحَباً … بِكَ وَانْتِفَاضَتُكَ الْمَجِيدَةُ فِي اشْتِدَادْ
هِـيَ عِـبْرَةٌ هِـيَ سُـنَّةٌ هِـيَ نُصْرَةٌ … لَـيْتَ الْعَدُوَّ مِنَ الدُّرُوسِ قَدِ اسْتَفَادْ
***
وَيَقُولُ فِي قَصِيدَةِ{اِذْكُرِينِي}:
اِنْــتِــفَـاضَـاتٌ بِــعَــصْـرٍ زَاهِـــــرٍ … سَوْفَ تُحْيِي ذِكْرَ كُلِّ السَّابِقِينْ
وَقَدْ أَجَادَ الشَّاعِرُ فِي الْبَيْتِ حِينَمَا جَعَلَ هَذِهِ الْاِنْتِفَاضَةَ إِحْيَاءً لِذِكْرَى السَّابِقِينَ مِنَ الْأَبْطَالِ الَّذِينَ دَافَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنِ الْبِلْدَانِ وَالْمُقَدَّسَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَيَقُولُ فِي قَصِيدَتِهِ {أَطْفَالِ الْحِجَارَةِ }(14)مُعْلِناً عَنْ رِضَاهُ عَنِ الْاِنْتِفَاضَةِ الْفِلِسْطِينِيَّةِ دَاعِياً الْمَوْلَى- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يُؤَيِّدَهُمْ بِالنَّصْرِ الْمُبِينْ:
وَفِّــــــــــــقِ الــــلَّــــهُــــمَّ سَــــعْــــيِـــي … وَأَعِــــــنِّــــــي فِـــــــــــي الْـــمَـــسِـــيــرِ
وَاحْــــــــــــمِ أَبْــــــطَــــــالَ بِــــــــــــلَادِي … مِــــــــــــــنْ لَـــــئِـــــيــــمٍ وَمَـــــكِــــيــــرِ
***
وَأَعِـــــــــــــدْ قُـــــــدْســــــاً عَــــــزِيــــــزاً … يَــــلْـــقَـــنَـــا كُـــــــــــــلُّ الــــــسُّــــــرُورِ
أَعْــــــــــــطِ أَبْــــــطَــــــالَ الْــــحِــــجَـــارَةْ … حَـــــــــــــقَّ تَــــقْــــرِيــــرِ الْـــمَـــصِـــيـــرِ
***
كُنْ لَهُمْ فَي كُلِّ كَرْبٍ … وَاهِبَ النَّصْرِ الْكَبِيرِ
وَيَقُولُ فِي قَصِيدةِ {عِيدِ الْمُؤْمِنِينْ}(15)مُخَاطِباً أَبْطَالَ الْحِجَارَةْ:
فَــأَنْـتُـمْ فَــخَــارٌ لِـلْـعُـرُوبَـةِ كُـلِّـهَـا … وَتَـبْـنُـونَ مَـجْـداً بَـيْـنَ لَـيْـلٍ مُـلَـيَّلِ
بِـأَحْـجَارِكُمْ وَبِـكُلِّ أَسْـلِحَةِ الْـوَغَى … سَـتَـرْضَوْنَ بِـالنَّصْرِ الْـعَزِيزِ الْـمُكَمَّلِ
إِذَا كَانَ هَذَا الْوَغْدُ قَدْ جَانَبَ الْهُدَى … فَـأَنْتُمْ حُـمَاةُ الْحَقِّ فِي كُلِّ مَدْخَلِ
وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ شَيْءٍ نَطْلُبُهُ مِنَ الشَّاعِرِ فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ فَهُوَ الْغَوْصُ إِلَى مَا وَرَاءَ الْاِنْتِفَاضَةِ مِنْ مِثْلِ عَوَامِلِ بَقَائِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا طَوَالَ هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ رَغْمَ بَسَاطَةِ السِّلَاحِ الَّذِي يَتَسَلَّحُ بِهِ الْقَائِمُونَ بِهَذِهِ الْاِنْتِفَاضَةِ, كَمَا نَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُصَوِّرَ لَنَا مَا تَقُومُ بِهِ هَذِهِ الْحِجَارَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي يَقْذِفُهَا هَؤُلَاءِ الْمُنْتَفِضُونَ فِي وَجْهِ عَدُوِّ الْعَرَبِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ قَلَقٍ زَائِدٍ وَاضْطِرَابٍ مُحْتَدٍّ وَاخْتِلَالٍ فِي صُفُوفِهِمْ وَفِي قِيَادَاتِهِمْ وَهَذَا مَا أَدْعُو الشَّاعِرَ إِلَى رَسْمِهِ لِقُرَّاءِ شِعْرِهِ فِي قَصَائِدَ تَالِيَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهْ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مَجَلَّةُ مِنْبَرِ الْإِسْلَامِ اَلْعَدَدِ الْمَذْكُورْ صـ72
2- دِيوَانُ الطَّائِرِ الْجَرِيحْ صـ87
3- (إِسْرِيلُ):اَلْمُرَادُ(إِسْرَائِيلُ) وَقَدْ رَسَمَهَا الشَّاعِرُ هَكَذَا مِنْ أَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَزْنْ.
4- دِيوَانُ أَجْمَلِ قَصَائِدِ الْحُبِّ النَّبَوِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقةصـ83
5- دِيوَانُ الطَّائِرِ الْجَرِيحْ للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ48
6- دِيوَانُ اِذْكُرِينِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ66
7- دِيوَانُ أَجْمَلِ قَصَائِدِ الْحُبِّ النَّبَوِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقةصـ34
8- دِيوَانُ أَجْمَلِ قَصَائِدِ الْحُبِّ النَّبَوِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقةصـ140
9- دِيوَانُ أَجْمَلِ قَصَائِدِ الْحُبِّ النَّبَوِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ34
10- دِيوَانُ اِذْكُرِينِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ66
11- دِيوَانُ الطَّائِرِ للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة الْجَرِيحْ صـ48
12- دِيوَانُ اِذْكُرِينِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه. شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ116
13- دِيوَانُ أَجْمَلِ قَصَائِدِ الْحُبِّ النَّبَوِي للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه. شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
14- دِيوَانُ أُنْشُودَةِ الْفُصُولْ للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه. شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة صـ12
15- دِيوَانُ الطَّائِرِ للشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه. شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة الْجَرِيحْ صـ75
اقرأ ايضاً
وجع الإبداع في قصيدة شموخ الهيفاء للشاعرة المبدعة هيفاء محمود السعدي