عادل رضا يكتب: دخان البنادق وحقائق الصراع…. ما العمل؟
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
فصلت 41:30
يقول المرحوم الامام روح الله الخميني في 20 /3/1963 ان ربنا ليس أمريكا و”لا” إنجلترا و”لا” إسرائيل، بل ان ربنا الله، فلم نخاف اذن، وعلام نحزن ؟! ان هؤلاء ليسوا بذي بال حتى نخشاهم! وبماذا يهددوننا؟!”
ان من الواضح ان الحركة الصهيونية تسير ضمن خطة واسعة تريد ان تعيد توظيف الانتصار العربي في معركة طوفان الأقصى في طريق اخر “مختلف” يصنع لها ما تريده من اهداف ، طبعا ضمن الاحداث الأخيرة و تطوراتها جائت ضربات متتالية ضد “حزب الله” مع استشهاد الأمين العام السيد حسن نصر الله و أيضا ضرب الطاقم الاداري الوسيط استخباراتيا ب “هجوم البيجرات” و اللاسلكي ، و بعد تصفية الكادر القيادي التأسيسي للحزب ، و انطلاق الكيان الصهيوني في القتل و تهجير المدنيين اللبنانيين من قراهم و كذلك امتداد التدمير الى بيروت العاصمة و الشمال اللبناني ومجمل الجغرافيا الوطنية اللبنانية ، طبعا “لا” زال لدينا ملاحظات من هنا و هناك فيها نقد و سلبيات حصلت و ما نراه سوء تقدير لموقف هنا او قرار خاطئ هناك و لكن هذا كله ليس هذا وقته و ليس هناك تكليف شرعي و”لا” واجب قومي في ذكرها والحديث عنها وسط المعركة ، فالهدف ان ينتصر العرب في معركتهم الوجودية ضد الحركة الصهيونية العنصرية الأجنبية الشريرة التي جاء بها الغرباء الى ارضنا.
وحاليا هناك استمرارية في الصراع يدفع فيه لبنان اثمان غالية ك “دولة” ومقاومة وشعب ، مع مليون وخمسمائة الف مواطن عربي لبناني يعيشون في الشوارع بدون سقف يؤويهم او مؤونة غذائية او امان او طبابة بما يمثل كارثة إنسانية كبيرة يدفع ثمنها شعبنا العربي هناك ، وسط تواصل قصف المدنيين كل ليلة.
ان “حزب الله” بدون قيادة ولكن علينا ان نعرف ان المقاومين والمدافعين وقوات الحزب “الخاصة” لم يكونوا “شخص” الشهيد السيد حسن نصر الله رحمه الله او قيادات القرارات الإدارية العسكرية إذا صح التعبير، لأن “حزب الله” ك منظمة عسكرية امنية ليس حزبا كلاسيكيا وليس تقليديا في التركيب والتشكيلات والامتدادات الشعبية والوظيفية ف أساسا هو تنظيم سري وتركيبه و تشعباته طويلة و ممتدة و متغلغلة من هنا و هناك و في كل مكان ، و الشخصيات الذين استشهدوا الاغلب الاعم منهم فوق الستين عاما ، و يشكلون كلاسيكيات التأسيس لمنظمة حزب الله منذ الثمانينات ، و لكن نحن نتحدث عن منظمة عسكرية امنية عمرها اكثر من أربعين عاما و لديها مؤسسات خدمية اجتماعية و صحية و تربوية و مالية و كادر من الالاف الموظفين المدنيين ناهيك عن الاعلام المرئي و المسموع و الإذاعات و كتلة برلمانية وازنة و اعضاء وزراء في الحكومة و كادر عسكري عدده مائة الف مقاتل مدربين مجهزين تحت الطلب و منظومة صاروخية ردعية و سلاح مسيرات كما قال ذلك الشهيد السيد حسن نصر الله في خطابات سابقة موثقة ، و كما تذكر ذلك التقارير الإعلامية المتكررة.
ان السلاح موجود والقوات الخاصة العسكرية من الاف العناصر حاضرين ميدانيا وأساسا هكذا منظمة حزبية تكون متأسسة على طريقة التوزيع ك “أجزاء” حيث في حال فقدان القائد تتحرك الخلايا الحزبية العسكرية ضمن استقلالية للقرار تلقائيا، لذلك فأن اسقاط الجنوب اللبناني لن يكون سهلا وليس نزهة، إذا كانت ضد هكذا عسكر هم أساسا قوات صاعقة وكوماندوز لديهم عقيدة دينية وهدف ومتأسسيين على العرفان الإلهي الذي يعتبر الشهادة في خط تحقيق الأهداف الشرعية القرأنية هو الفوز الاكبر، ناهيك عن انهم هم أبناء الأرض وهم عرب يدافعون عن ارضهم و وجودهم.
ضمن هكذا تطورات دراماتيكية تواصل معي الصديق البروفيسور فرانك بروس وتناقشنا فيما يجرى وسجلت نقاط مهمة من حديثه معي ضمن تحليله للصراع الحربي الدائر، تتلخص في الإضاءة على الدافع الذي يحرك الصهاينة حاليا وأيضا لكي نعرف ماذا يريدون؟ وأين يرغبون ان يتوجهون؟ وسط دخان المعارك، لذلك رأيت من الواجب القومي والتكليف الشرعي ان أحاول إعادة ابراز رؤيته لما وراء اللعبة في التحرك الصهيوني العسكري الحالي حيث يقول البروفيسور فرانك بروس:
” ان أي قراءة لما يحدث على ساحة الصراع العربي ضد الحركة الصهيونية واي محاولة لمعرفة حقيقة ما سيجري مستقبلا على الساحة العسكرية و الأمنية الصهاينة بحة و ستتجه الى مواقع خاطئة و استنتاجات كارثية اذا لم تتم معرفة المعتقدات اليهودية والهدف الأساس ل “أسرائيل” من التوسع وخاصة بما يسميه الصهاينة ب “إسرائيل الكبرى” وترقب خروج ما يعتبره الصهاينة “المسيح” في معتقداتهم ، حيث يؤمنون بأنه هو “المسيح الحقيقي” و هي مسألة ستحدث و خروج سيأتي اذا ما امتدت “إسرائيل” جغرافيا الى “إسرائيل الكبرى” مع قيام الهيكل ؟! فأن ذلك سيعني “خروج المسيح” عندهم؟! وهذا الامر يعتبره المسلمين والمسيحيين كذلك هو “المسيح الدجال”.
حيث يؤمن اليهود بأنه سوف يظهر لهم ملك يهودي يدعى المشيخ “messiah” في المستقبل والذي سوف يعيد دولة اليهود في ارض كنعان “فلسطين” وانه عندما يظهر فسوف تصبح دولة اليهود هي القوة العظمى في العالم، حيث السيادة لليهود.
ان عدم إدراك هكذا إيمائيات يهودية وهكذا قناعات عند الحركة الصهيونية وغيابها عند العرب فأنهم بالتالي وحتما لن يستطيعوا ان يفهموا كيف يتصرف قيادات الحركة الصهيونية وماذا يريدون؟ مهما تغيرت اسمائهم ومن أي حركة او حزب كانوا، لأنهم يؤمنون في الهدف ولكن يختلفون في الأسلوب، انهم كلهم صهاينة وعنصريون يعتبرون كل من هو ليس يهوديا “goyim” وهذا الجوييم بالنسبة لهم “أي الغير اليهودي” مستباح ف “لا” اثم عليهم إذا قتلوهم او سرقوهم او اغتصبوا نسائهم ف “لا” اثم عليهم في شريعة اليهود، وإذا وجد اليهودي فرصة لسرقة او إيذاء الغير يهودي فعليه اقتناصها لأن فيها “اجر”! له ؟! ويؤمن اليهود انهم مخلوقين من نور light”” وان غيرهم من غير اليهود مخلوقين من طينة قذرة لذلك هم شعب الله المختار وان من حقهم الإلهي حكم باقي البشر.
عندما نعرف وندرك تلك الحقائق فعندئذ سوف نستطيع فهم تحركاتهم على الساحات العربية في لبنان وباقي ارض دولة فلسطين المحتلة في الضفة وقطاع غزة وأيضا سوريا وهي الهدف الأساس القادم التي تريد اقتناصه الحركة الصهيونية.
ان الصهاينة في قاعدتهم العسكرية الأمنية الاقتصادية المقامة على “الجزء الأخضر” من دولة فلسطين العربية المحتلة ، ان هذه الحركة تحس حاليا انها في استطاعتها و ضمن قدرتها ان تتوسع مادام “حزب الله” قد خسر قيادته المتمثلة في السيد حسن نصر الله و باقي قياداته ، و هذا لأن الحركة الصهيونية تربط سقوط جنوب لبنان مع سقوط مدينة دمشق و هذه الأخيرة و اقصد “مدينة دمشق” مهمة جدا ب “لا” حدود للحركة الصهيونية لأن هي ضمن معتقداتهم الخزعبلاتية اليهودية انها ستكون المدينة التي سينزل فيها “المسيح الحقيقي” عندهم ، وهو “المسيح الدجال” عند المسلمين و المسيحيين ، لذلك اسقاطها و احتلالها يهوديا أولوية و هدف صهيوني فمع سقوط جنوب لبنان ستسقط دمشق تلقائيا في أيديهم حسب خطتهم ، و هذا كله يرتبط مع قناعات الصهاينة الدينية و بما يرتبط مع ديانتهم اليهودية.
والحقيقة الأخرى ان الولايات المتحدة الامريكية هي “خاتم” في يد “إسرائيل”، و هي الحاكمة و المسيطرة و القائدة عليها ف “قرار” واشنطن هو ف “تل ابيب” و ليس العكس، مع ملاحظة ان تصرفات و حركية الولايات المتحدة الامريكية مع حلف الناتو في الموقع الاوكراني هو موضوع مختلف عما تتصرفه وتتحرك به الولايات المتحدة الامريكية مع الكيان الصهيوني حيث ان حركية الامريكان مرتبطة كذلك مع المعتقدات الدينية حيث المسيحيين الانجلوساكسونيين او المسيحيين المتصهينين حيث هؤلاء يربطون بين اليهودية و المسيحية.”
من هذا كله؟ ما العمل؟ ماذا على سوريا الدولة والجيش وحزب البعث والشعب ان يقوم به؟ ماذا على الجمهورية الإسلامية المقامة على ارض إيران ان تفعل؟ ماذا على باقي العرب ان يؤمنوا به وان يمارسوه ايمانيا وعلى مستوى الحركة والتطبيق وفي خط التنفيذ، في ظل كل هذا الصراع الوجودي الذي يريد قتل العرب …كل العرب.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه القران الكريم:
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا
سورة النساء 84
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
سورة البقرة 216
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
سورة البقرة 190
۞ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
سورة النساء 74
د.عادل رضا
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية
اقرأ للكاتب
عادل رضا يكتب: مجدل شمس…الصهاينة يريدون استحمار عقول العالم!؟