الغرب بين الخوف من الاسلام والاستعمار الجديد

بقلم: أشرف أبو عابدة

أولت الصحف الغربية وبالأخص البريطانية اهتماما بعداد من القضايا العربية والشرق أوسطية، من بينها حالة من الخوف من الإسلام في الولايات المتحدة وأوروبا, ومن تنظيم داعش. وقد كتبت صحيفة الإندبندنت نقلا عن موقع البي بي سي تحت عنوان فزع من الإسلام, إذ أشارت الصحيفة إلى ان الولايات المتحدة الأمريكية تقف على حافة هاوية الخوف اللاعقلاني من الإسلام. وتضيف أنه بعد هجمات الشهر الماضي على باريس والهجوم على مركز للرعاية الاجتماعية في سان برنادينو في كاليفورنيا، ما أدى إلى ازدياد الحوادث ضد المسلمين بصورة كبيرة.

ورأت الصحيفة البريطانية بأن رجل الأعمال دونالد ترمب وهو أحد المرشحين عن الحزب الجمهوري يؤجج نيران كراهية المسلمين ويدعو لحظر هجرة المسلمين للولايات المتحدة. وتضيف أن مرشحا جمهوريا آخر، وهو كريس كريستي، حاكم نيوجيرسي، يدعو لرفض أي مهاجرين من سورية، حتى لو كان طفلاً في الخامسة. وهذه مبالغات أمريكية ناجمة عن قلق غير عقلاني لدي الرأي العام ومحاولة استخدام ذلك كدعاية انتخابية. في حين الواقع يشير إلى أن التدقيقات الأمنية على الهجرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا فعالة للغاية.

ولهذا نجد الخلط بين الإسلام و «الإسلاموية» دون التفرقة بين المصطلحين ويدخل في ذلك الجهل بديانة الآخر، كما يوازي البعض بين الإسلام والإرهاب إضافة إلى اتهام المسلمين بالرغبة في «أسلمة» المجتمع الغربي تدريجياً.

وتعود سياسات الخوف في الغرب إلى عدة عوامل منها الخوف من المجهول، وما يروج له المتطرفون عند الحديث عن الإسلام، وانزعاج الرأي العام عند رؤية أماكن للعبادة فقط بسبب أشكالها الهندسية المختلفة. هذه المباني بحجمها قد تثير حفيظة البعض مع ازدياد مشاعر الخوف من أن يستحوذ الإسلام كاملاً على أوروبا, كما لا ننسى تأثير رفض الحكومات بناء المساجد والمآذن في أوروبا وكذلك رفض الحجاب في أوقات سابقة. وبالتالي تأخذ هذه التصورات أشكالاً مشوهة عندما يعلن مسلمون متطرفون في عدد من البلدان الإسلامية عن رغبتهم في نشر الدين الإسلامي في أوروبا وتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية فيها كبديل عن الديمقراطية. ومثل هذه التصريحات يتم نشرها وتوظيفها كاملاً من الجهات المتطرفة الرافضة للإسلام والمسلمين. وأرى أن الرأي العام الغربي وقع في أتون العقلية الفسطاطية، التي ترى العالم من منظور العدو والصديق. وما لم يفهمه الغرب هو أن عداء المسلمين والخوف منهم يخدم أغراض الإسلاميين المتطرفين بدلاً من التصدي لهم.

ولكن أتصور أن الاعلام الغربي يستخدم سياسة موجهة بشكل منظم ضد الاسلام والمسلمين في الوطن العربي, وهي سياسات حكومية بامتياز, وهي تمثل السياسات المعلنة, و ذلك تبريراً لزيادة النفوذ والوجود العسكري في الوطن العربي بشكل كبير لمحاربة التنظيمات المتطرفة والمتشددة, ونشر ثقافة الديمقراطية والسلام في المجتمعات العربية, في حين السياسات الاصيلة تتمثل في الاستعمار الامبريالي للوطن العربي وإعادة رسم حدوده من جديد وتقاسمه وفقاً لمصالح القوى العظمى, ويعود ذلك لما للوطن العربي من أهمية تتمثل في:

أن منطقة الشرق الأوسط واحدة من أهم المناطق المؤثرة في توازن القوى والمصالح في العالم, حيث يشكل الوطن العربي الجزء الأكبر والأهم من الناحية الجيواستراتيجية والجيوبوليتيكية, فمساحة الوطن العربي تصل إلى أكثر من 14 مليون كيلومتر مربع تحتضن كل البحر الأحمر وتشرف على سواحل البحر المتوسط والبحر العربي والمحيط الاطلنطي وتسيطر على قناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز, ويوجد فيه أكبر مخزون عالمي من النفط والغاز ومواد خام ذات أهمية بالغة, بالإضافة للمقوم البشري حيث يسكنه أكثر من 260 مليون نسمة, الأمر الذي يبرز أهمية الوطن العربي.

عضو الشبكة العربية لكتاب الرأي والاعلام

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *