عقبات تواجه قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط

أحال البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد الذى حاز على موافقة المجمع المقدس الأسبوع الماضى، للجنة قانونية بالكنيسة، يرأسها المستشار منصف نجيب سليمان، عضو المجلس الملى العام، إلا أن مشروع القانون الذى خرج من رحم الكنيسة تشوبه الكثير من العقبات القانونية والدستورية، التى قد تحول دون خروجه إلى النور وتشريعه رسميًا.

بيتر النجار، محامى رابطة “أقباط 38″ وهى إحدى الائتلافات المطالبة بـ”طلاق الأقباط” تحدث لـ”اليوم السابع” عما قد يعوق القانون الجديد من مشكلات، أبرزها المادة 114 التى توسع أسباب الطلاق، وتعيد تفسير آية “لا طلاق إلا لعلة الزنا” التى كان معمول بها كسبب وحيد للطلاق منذ 2008 وحتى اليوم. وأوضح النجار، أن ما اصطلح على تسميته “الزنا الحكمى” فى مشروع القانون -وهى الدلائل التى تشير إلى وقوع علاقة آثمة بين زوج وطرف آخر أو زوجة وطرف ثانى، مع الأخذ فى الاعتبار المكاتبات المادية والإلكترونية كرسائل الـ”فيس بوك” والمحمول، وغيرها- يتعارض مع صحيح القانون المصرى، الذى لا يعترف إلا بالزنا المنصوص عليه فى الشريعة الإسلامية، أى وقوع جريمة الزنا بين رجل وامرأة وإثبات ذلك من خلال الشهود.

وأشار النجار، إلى أن ضم “الفرقة بين الزوجين أو الهجر” كسبب للطلاق، يطرح سؤالاً قانونيًا جديدًا، عن المستفيدين من هذا القانون، لأن فكرة إثبات الفرقة بين الزوجين تتطلب شهادات شهود تستمع إليهم المحكمة، ما قد يحرم الحالات التى افترقت فعليًا، ولا تستطيع إثبات ذلك من التمتع بمزايا اللائحة الجديدة التى تتيح لهم الطلاق لهذا السبب.

واعتبر النجار، أن إصرار الكنيسة على رفض تغيير الملة فى مشروع القانون الجديد، يتعارض مع المادة الثانية من الدستور التى تتيح حرية إلغاء الملة والاحتكام للتشريع الرسمى للدولة وهو الشريعة الإسلامية، موضّحًا أن رغبة الكنيسة فى الرجوع للمادة الثالثة من الدستور التى تعطى غير المسلمين الحق فى الاحتكام لشرائعهم لا يمكن أن تُطَبَّق بشكلٍ يتعارض مع المادة الثانية المتعلقة بالشريعة الإسلامية، كمصدر رئيسى للتشريع.

وتوقع محامى رابطة “أقباط 38″ أن يتعثر القانون أمام مجلس النواب، مع خلافات الطوائف المسيحية المختلفة على بنوده، ورغبة كل طائفة فى الاحتفاظ بشرائعها الخاصة فى الزواج والطلاق كالكنيسة الكاثوليكية، التى لا تبيح الطلاق لأى سبب.

وأكد بيتر النجار، أن الكنيسة حاولت الخروج من مأزق العودة إلى لائحة 1938 التى كانت تتيح 8 أسباب للطلاق، مع الاحتفاظ بما وضعه البابا شنودة الراحل، حين أقر الطلاق لعلة الزنا فقط، فأرادت أن تمسك العصا من المنتصف، وهو الأمر الذى يصطدم بعراقيل قانونية ودستورية كثيرة.

القس داوود نصر، رئيس اللجنة القانونية بالكنيسة الإنجيلية، قال إن الكنيسة الأرثوذكسية لم توجه الدعوة لكنيسته حتى اليوم من أجل التشاور حول مشروع القانون الموحد.

وأشار نصر، فى تصريحاتٍ صحفية إلى أن رئيس الطائفة الإنجيلية كَلَّفَهُ منذ شهور بإعداد لائحة أحوال شخصية للطائفة الإنجيلية، حيث تجرى اللجنة القانونية تعديلات على لائحة 1904 للأحوال الشخصية للإنجيلين. ورَجَّحَ نصر، فشل الاتفاق بين الكنائس المصرية على مشروع قانون أحوال شخصية موحد، نظرًا لتمسك الإنجيليين والكاثوليك بشرائعهم الخاصة فيما يتعلق بالطلاق، وهو ما يختلف بطبيعة الحال عن الأرثوذكس، الأمر الذى يجعل وضع فصل خاص بكل كنيسة ضمن مشروع القانون أمرًا مستحيلا يتسبب فى عوائق قانونية ودستورية بالمحاكم المصرية للمسيحيين الراغبين فى الطلاق ويعقد المشكلة أكثر مما يحلها فضلا عن صعوبة إقراره من الأساس.

وتعود مشكلة الطلاق فى الكنيسة المصرية إلى عام 2008 حين ألغى البابا شنودة الثالث لائحة عام 1938 التى أتاحت 8 أسباب للطلاق واستبدلها بآية “لا طلاق إلا لعلة الزنا” لتجعل الطلاق مقتصرًا على سبب واحد ما تسبب فى تضخم أعداد الراغبين فى الطلاق دون وجود حل وهو ما ترتب عليه احتجاج راغبى الطلاق فى الكاتدرائية أكثر من مرة، كان آخرها ما شهده شهر يوليو حين قاطع شباب عظة البابا تواضروس، وانتهى الأمر بإيداعهم قسم شرطة قبل أن يفرج عنهم بعد التفاهم مع الكنيسة.




شكرا للتعليق على الموضوع