د. ناصر اللحام يكتب :الانتفاضة تدخل مرحلتها الثالثة … تجاوزت مرحلة الاجهاض

بجذل الاطفال وغضب الثوار ، وسكاكين الفواكه التي تحدى بها الاطفال نخبة الكوماندوز الاسرائيلي بدأت انتفاضة القدس في خريف العام الماضي ، وقلق الكثير من المحللين انها لن تصمد لوحدها في برد الشتاء القارص بعد ان اوصدت ابواب الجميع في وجهها محليا وعربيا ودوليا وتنظيميا وماليا … وفيما أنكرت جميع القوى المنظمة ادارتها للاعمال الانتفاضية كما انكر بطرس المسيح ، تماسك الاطفال والشبان بطريقة مذهلة وسجلوا للتاريخ انهم قادرون من دون تنظيمات ومن دون قيادة موحدة ان يقودوا انفسهم ويغذون افكارهم ويواصلون مواجهة أقوى جيش في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، حتى تمكنوا من تغيير قواعد اللعب في غزة ورام الله وتل ابيب والقدس و دك حصون حكومة اليمين المتغطرسة وارباك قادته وتغيير معادلة .

استخبارات اسرائيل كانت توقعت انحسار الانتفاضة وتقهقرها ، وراهنت على ان الضغط المالي على السلطة واضراب المعلمين وتهلهل الجبهة الداخلية الفلسطينية وفشل الحوار الوطني سيقود الى التناحر على خلافة الرئيس عباس في سدة السلطة وهو كفبل بموت الانتفاضة لوحدها . ولكن الزخم الاخير الذي جاء للانتفاضة فاجأ الجميع .

احد اهم أسباب عودة هذا الزخم هو دخول الحاخام ” المتخلف ” بنفستي الى باحات المسجد الاقصى وعقد قران ولده هناك، ما جعل الدماء تغلي في عروق الشباب وأعاد الصراع الديني الى الواجهة .

ثاني اسباب هذا الزخم هو عدم وجود اي حل سياسي في الافق للقضية الفلسطينية ومحاولات نتانياهو افشال دعوة فرنسا لمؤتمر دولي للسلام .

ثالث سبب هو فشل زيارة كيري للمنطقة وان لقاءه مع الرئيس عباس في عمان كان “مسخرة ” في عالم الوساطات الدولية ، بل ان زيارات كيري للمنطقة تحوّلت الى نكتة صمجة عند العرب .

رابع سبب هو العنصرية الاسرائيلية وما يفعله المستوطنون بالعرب في الضفة الغربية والقدس ، وان ما يفعله جنود ومجندات الاحتلال باب العامود وطريقة تفتيش العرب تدفعهم للشعور بالقهر والظلم وتحثهم على الانتقام .

خامسا – ان مواصلة اسرائيل الحديث عن انهيار السلطة ( تصريحات الوزير زئيف ايلكين ) يدفع الشباب الفلسطينيين الى اخذ زمام المبادرة بأنفسهم وتولي القيادة والفعل .

لقد مرّت الانتفاضة حتى الان بمرحلتين، مرحلة التظاهرات الشعبية على الحواجز بدون عنف والتي قمعها الاحتلال بقسوة منقطعة النظير ، ومرحلة الطعن والدهس في الضفة الغربية والتي تعامل معها الاحتلال بعقلية الحرب وفرض بعدها قوانين عنصرية وأباح الاعدامات الميدانية ، والمرحلة الثالثة التي تدخلها الان وهي مرحلة الزحف نحو تل ابيب ونتانيا وبتح تكفا وعسقلان وهي مرحلة تعميق الجراح .

شكرا للتعليق على الموضوع