ناصر اللحام يكتب : حسبي الله ونعم الوكيل ” أنا مش قاسم انا عبد الله “

يحكى أن رئيس وزراء العراق الاول عبد الكريم قاسم زار يوما ، مستشفى الامراض العقلية ، وبعد أن تفقّد العنابر . وقف في ساحة المستشفى وقال مشاكسا : يجب نقل اليافطة ( مشفى الأمراض العقلية ) من الخارج الى الداخل . في اشارة الى ان سكان العنابر هم العقلاء وان الذين يسكنون خارج المشفى هم المجانين .

صديقي عبد الله من بيت لحم يسكن بجوار مشفى الامراض العقلية في الدهيشة ، وبينما كان يمرّ من امام المشفى بملابس العمل خلال جداد الزيتون ، وقف يستظل بفيئها ، وكان يتحدث مع نفسه ويعدّ نقوده . فما كان من بعض المرضى الى ان نادوا عليه باسم قاسم ” يا قاسم يا قاسم تعال هنا ، عد الينا يا قاسم ” . ويتضح لاحقا أن قاسم مريض عقليا هرب من المشفى قبل أيام ،

فما كان من الممرضين الا ان صدّقوا ظن المرضى وركضوا خلف صديقي لاعتقادهم انه قاسم وقد تخفّى بملابس العمل . وحاولوا الامسكاك به لاعادته عنابر العلاج .

صديقي عبد الله لم يتردد في الهرب فورا وألقى بنفسه من فوق جدار بارتفاع ثلاثة أمتار ، وقد تعرض لجروح وخدوش لكنه لم يتوقف عن الهرب ، بينما يلاحقه الممرضون بالرداء الابيض يحاولون الامساك به .

استمعت الى قصته باستغارب شديد ، وكان يرويها بألم واضح . وحين سألته لماذا هرب طالما انه ليس قاسم ؟؟

فأجاب : خشيت ان يصعقوني بالكهرباء قبل ان أثبت لهم أنني عبد الله ولست قاسم !!!! وان الحكومات ليس لديها طول بال لتتحقق من الهوية ، فالحكومات ( تقطع قبل ان تعدّ ) .

رويت الحادثة لوزير الصحة د. جواد عواد ، وكان لي مأرب ان أبلغه الى أي حد وصلت عدم ثقة المواطن بنفسه . وانا أعتقد اننا جميعا نعيش الان مرحلة عبد الله وقاسم ، ولا أحد فينا معصوم من النائبات . وربما في لحظة سنضطر جميعنا أن نثبت للحكومة أننا لسنا قاسم .

وفي غرفة التحرير أراد احد الزملاء كتابة خبر عن شرطي في غزة ، انه خالف سائق سيارة أجرة لانه قال : حسبي الله ونعم الوكيل . أوقفت نشر الخبر وقلت للزملاء ان الخبر مدسوس ولا يمكن ان يكون حدث في الواقع .

لكن احد الزملاء شعر بأن الامر يستحق المحاولة ، فبحث واتصل بغزة ليتضح ان القصة حقيقية ، وان الشرطي خالف المواطن بمبلغ 100 شكيل لأنه قال ” حسبي الله ونعم الوكيل ” .

وحين سأله المواطن : واذا قلت لا اله الا الله . كم تبلغ المخالفة ؟

فاجاب الشرطي ان هذه لا مخالفة عليها ، لكنه لو قال : اتق الله . لكانت مخالفتها كبيرة !!!!!

وبين مخيم الدهيشة ومخيم الشاطئ ، المواطن يهرب ويهرب ويهرب. خشية ان يمسك به الممرضون ويثبتون أنه قاسم ولا يستطيع ان يثبت لهم أنه عبد الله .

وقد شاهدت فلما قديما للفنان محمود عبد العزيز حين دخل عن طريق الخطأ مشفى العباسية ولم ينجح في اقناع الاطباء انه معافى وليس مجنونا ، ولكن من سخرية الموقف انه اصيب بنوبة ضحك . فتأكد الاطباء انه “مجنون” فعلا .

نصيحة لكل مواطن في الضفة الغربية لا تضحك كثيرا ، ولا تقف على قارعة الطريق تعدّ النقود وتحسب مصروف البيت لانك ستكون في دائرة الخطر .

ونصيحة اخرى لمواطني غزة لا تقولوا حسبي الله ونعم الوكيل ، ولا تقولوا اتق الله . ويمكن مؤقتا التدبر بعبارة : لا اله الا الله . الى حين يقضي الله أمرا كان مفعولا .

شكرا للتعليق على الموضوع