محسن عقيلان يكتب : حلم محطة غاز الشرق الاوسط يفقد تركيا توازنها
تحول دراماتيكي مفاجئ في السياسة التركية حيث تم تطبيق الاتفاق لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وارسال رسالة اعتذار للرئيس الروسي بوتين وملاطفة مصر بامكانية اجراء محادثات قريبا كل ذلك في اقل من 24 ساعة .
المتابع للشان التركي يرى في ذلك تسونامي سياسي بسبب كم التصريحات المتشددة لاردوغان عن رفضه التطبيع مع اسرائيل الا بتلبية شروطه الثلاث ومع روسيا رفض الاعتذار والتعويض لانه اتبع قواعد الاشتباك في اسقاط الطائرة الروسية ومصر لم ينفك اردوغان عن رفع شارة رابعة وتشدده واصراره على رجوع الرئيس المخلوع محمد مرسي للحكم .
هل هي مصادفة ان تكون الثلاث دول بها مشاريع غاز عملاقة واكتشافات ضخمة خاصة الاكتشافات الكبيرة قبالة السواحل المصرية والاسرائيلية ( الاراضي المحتلة ) .
وما هو الهدف المستتر الذي دفع القيادة التركية خلال 24 ساعة ان تفقد توازنها وتتنازل عن كبريائها الا اذا كان المراد عظيم فتركيا عندما اصبحت في عزلة وتفقد من حولها واحد تلو الاخر شعرت ان حلمها الذي طالما حلمت به يضيع ويتلاشى امام ناظريها فقامت بقفزة سياسية قفزت بها عن مبادئها وكرامتها وكبريائها في سبيل تحقيق حلمها بان تصبح محطة غاز الشرق الاوسط المركزية في امداد اسواق اوروبا بالطاقة تعتمد في مصادرها على خمس دول هي اذربيجان وقطر واسرائيل وروسيا ومصر .
اولا- اذربيجان : مشروعها جاري العمل به وهو خط تاناب وسيصل تركيا 2018 م
ثانيا – قطر : الخط التركي القطري الذى من المفترض ان يمر من سوريا صعب التطبيق في الوضع الحالي بسبب تعقيدات الازمة السورية وتغير الموازين على الارض .
ثالثا – مصر : بعد الاكتشافات الضخمة سالت لعاب تركيا وجعلتها تبدا بالملاطفة من خلال رئيس الوزراء بن علي يلدريم الذي صرح بامكانية اجراء محادثات مع مصر قريبا وعينه على الغاز المصري .
رابعا – روسيا : مشروع السيل التركي الذي يمر من البحر الاسود الى تركيا مجمد حاليا بسبب ازمة اسقاط الطائرة السوخوى الروسية ولم يتردد اردوغان في ارسال رسالة الاعتذار الى بوتين حتى يجمع بين تنازلين في نفس الوقت لتشتيت المعارضين والمنتقدين له ويكسب الوقت لانهاء الازمة مع روسيا واسرائيل ليمهد الطريق لاجراءات عودة العلاقات مع مصر وغير مستبعد مع سوريا ايضا .
خامسا – اسرائيل : الذي افقد تركيا اتزانها وتوازنها وعجل من نزول اردوغان عن برج رفضه وتشدده هو حلف الطاقة الذي حاولت اسرائيل انشاؤه من اليونان وقبرص لتصدير الغاز الاسرائيلي من خلالهما الى الاسواق الاوروبية مما استدرج اردوغان و عجل بمفاوضات عودة العلاقات خوفا من ان تكون قبرص بديل عنها واستغلت اسرائيل ذلك التلهف التركى للالتفاف على شرط كسر الحصار و واختزاله في مساعدات انسانية وتطوير البنية التحتية لغزة ومحطة تحلية مما جلب الانتقاد لاردوغان في الداخل والخارج لانه كان يتغنى بكسر الحصار عن غزة ويضعه شرط اساسي للتطبيع ولاهمية الموضوع وحساسيته ثم تجميع تصريحات اردوغان ضد اسرائيل حتى نوضح مدى التهرب و النفاق السياسى وهي
– ما دمت في هذا المنصب لن افكر ابدا بشيء ايجابي مع اسرائيل
– كيف سنطبع العلاقات معكم ؟ لن نطبعها لن نطبع العلاقات بين اسرائيل وتركيا مادام الظلم لا يزال قائما
– طالما انا في السلطة لن نطبع العلاقات مع اسرائيل
– ان تطلب الامر سنهاجم اسرائيل كيف سنطبع العلاقات معكم
(هذه التصريحات تم جمعها من موقع زمان التركي )
لو ان تركيا تملكت اعصابها وناورت لنالت مرادها من عودة العلاقات مع اسرائيل وروسيا لان عودة العلاقات هدف استراتيجي مشترك بينهم لكن اردوغان قدم مصلحته الشخصية على المصلحة الوطنية خوفا من ان يتهم انه سبب تراجع نفوذ تركيا واقتصادها مما افقد اردوغان اتزانه السياسي وتنازل عن كبريائه وضرب بوعوده ومبادئه عرض الحائط لان تحقيق حلمه بانشاء محطة غاز الشرق الاوسط سوف يجعله في اعتقاده انه الزعيم التركي الوحيد الذي تحكم في امدادات الغاز الى اوروبا ونسي انه وسيط وبالاتفاق مع دول المصدر يذهب حلمه ادراج الرياح .
الكاتب : باحث فى العلاقات الدولية