فاطمة المعدول: “دفرت النائم” لا تشبه نصوص محفوظ

في ندوة مكتبة الدقي الثقافية

د.عزوز إسماعيل: الكاتب أعطى لنفسه حرية رسم الحدث

ناقشت مكتبة الدقي الثقافية مجموعة ” دفتر النائم ” القصصية للكاتب شريف صالح، حيث ناقش المجموعة الناقد والأكاديمي د.عزوز علي إسماعيل والكاتبة المسرحية فاطمة المعدول بحضور أعضاء نادي الأدب في المكتبة.

قدم د.عزوز قراءة للمجموعةتركز على العناصر العجائبية والغرائبية حيث يسبح الكاتب في الوجود بحثًا عن الإنسان، وذكر د.عزوز أن صالح كان مبدعًا في بناء الحدث ولم يتقيد بطريقة معينة في بنائه، بل أعطى لنفسه الحرية  في كيفيه رسم الحدث لأنه أسقط على الواقع تلك القصص التي رآها بالفعل في أحلامه وكان يدونها أولاً بأول.

كما تناول عددًا من القصص فتوقف عند ” كوخ ست الحسن ” وهي قصة رمزية، تسبح في فضاء خيالي واسع، فالحلم بدأ وكأنه مشهد حقيقي يضم فتاة بارعة الحسن والجمال ترش المياه أمام الكوخ الموجود على ضفة النيل فيلمحها ذلك الشاب اليافع الذي نراه في نهاية القصة وقد شاب شعره وكأننا في زمن دائري يطوف بنا، ونلمح اكتناز الأزمنة والأمكنة وربط الزمان بالمكان أيضاً في زمن دائري نعرفه حين نلتقط بداية الخيط، بينما العمر يجري بسرعة البرق فهذا هو الشاب الذي شاب شعره والفتاة تسعل من التعب في سريرها وتطلب منه المزيد. وأفضل ما في القصة في رأي د.عزوز هو عنصر التكثيف اللغوي والذي هو خصيصة من خصائص القصة القصيرة وهو ما نلمحه في أكثر من عبارة:  ” تطلعت من كوة الكوخ.. إلى الخارج..فرأيت نفسي شاباً قادماً من بعيد”.

وتساءل: كيف بنى الكاتب حدث القرب والعشق من الفتاة؟ لا بد أن نرحل إلى تخوم الخيال ونعايش لحظات الحلم الجميل الذي نزل به الكاتب إلى أرض الواقع، ولا بد من قراءة مؤلفات تفسير الأحلام كي نفك شفرات مجموعة “دفتر النائم”. وإذا ما لاحظنا وجود الأغنية المرتبطة بالموروث الشعبي نعي أن الكاتب على دراية بماضيه وبما يكتبه. وهنا نرى ربط الصوت بالصورة، فست الحسن أمامه والخضرة والماء والوجه الحسن فماذا يا ترى يمكن أن نسمعه  حين طلب السقيا أكثر من مرة، وحين طلبت منه الفتاة الجميلة سقي النبتة الصغيرة التي هي عنوان للمستقبل؟

وأشار إلى ربط مفسري الأحلام بين الصوت والصورة، فهذه الأغاني الشعبية ترتبط بالسحر والجمال وعذوبة الكلمة وجمال الصوت مع جمال الصورة، فهذا محمد قنديل يغني ” سماح يا أهل السماح.. لوم الهوى جارح” وهذه أسمهان تغني ” نادي وردك يا خولي ..اوعى يجرحك شوكه واسهر عليه” ثم نستمع إلى عبدالوهاب.

لقد أوصته تلك الفتاة أن يداوم على ري نبتة ست الحسن فهي الرمز القادم الجميل لكن الزمان يدور ولم تعد تقوى على حمل الإبريق.. فكانت مستلقية على السرير. ثم التفتت نحو البطلوسألته وهي تسعل: “هل أزهرت النبتة؟” فرد عليها: “ما زلت أرويها”.

إن الكوخ هو المكان الذي يجب أن نرعاه ونحوطه بكل ما نملك من جمال وحنان فهو الوطن الذي يأوي إليه الإنسان المتعب والعاشق الولهان لترابه وكل ما به يجب أن نحافظ عليه ونرويه حتى يكبر وتراه الأجيال القادمة. إنه حلم جميل جاء به الكاتب إلى أرض الواقع، مرتبطاً بالخيال الذي هو الطريق إلى الفهم الحقيقي.

أما الكاتبة المسرحية فاطمة المعدول فرأت أن نصوص “دفتر النائم” عصية على التأويل الجاهز ومربكة لأي ناقد يتعامل معها.. كما إنها تحفل بمستويات متعددة من الترميز فعلى سبيل المثال قصة “الخالة اليابانية” يمكن تفسيرها في هزيمة قيمة العلم والعمل أمام الجهل والشعوذة.

ورأت المعدول أن بعض النصوص بدت أقرب للواقع منها إلى الحلم مثل قصة “زيارة صاحب العمل”. كما وصفت مشروع شريف صالح عبر ست مجاميع قصصية بأنه مشروع يخصه وحده نافية أن تكون “دفتر النائم” تشبه نصوص نجيب محفوظ عن الأحلام.. كما رفضت مقارنة “الخالة اليابانية” برواية “قنديل أم هاشم” ليحيى حقي.

وعقب ذلك كانت هناك مداخلات لمجموعة من الكتاب والمبدعين الشباب من بينهم: أحمد شوقي علي ومحمد عثمان الفندي وعلاء فرغلي وهناء نور وأيمن عامر.. أشادوا فيها بخصوصية تجربة شريف صالح وحرصه في كل مجموعة على صياغة عالم خاص متماسك في لغته وصوره وأحداثه ما يجعل كل مجموعة قصصية تبدو وكأنها رواية.

وفي الختام وجه شريف صالح الشكر لإدارة المكتبة على الاستضافة وكذلك للحضور.. ونفى أن يكون هناك دافع معين لكتابة أحلامه.. مشيرًا إلى أنه اعتاد على تسجيل أحلامه بشكل يومي.. وبعدما جمع أكثر من مائة حلم.. نشر أحلامه القصيرة في مجموعته “شق الثعبان” أما الأحلام الأكثر طولًا فضمها كلها في “دفتر النائم” وأوضح أن أهم ما يميز هذه المجموعة تحديدًا أنها اعتمدت بالفعل على 24 حلمًا لكنه تلاعب بها لإنجاز صياغة سردية وقصصية.

شكرا للتعليق على الموضوع