سفير مصر بالصين يؤكد الحرص على تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات

أكد السفير المصري لدى الصين أسامة المجدوب، حرص مصر على تعزيز علاقات التعاون مع الصين في المرحلة المقبلة في مختلف المجالات وبذات القدر من الاهتمام في ظل إدراك القيادة السياسية المصرية بحسها الوطني بأن تجربة الصين التنموية في العقود الثلاثة الأخيرة والمعجزة التي حققتها في هذا المجال تعد النموذج التنموي الأقرب لظروفنا.

وقال المجدوب اليوم الأربعاء: “يجب الإقرار صراحة بأنه في الوقت الذى بلغت فيه العلاقات السياسية بين الجانبين مستوى رفيعًا من التعاون، والتنسيق، تعاني العلاقات بينهما في مجالات أخرى – لاسيما مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي والعلمي – من نمو أبطأ وتيرة بالشكل الذي لا يتماشى أبدا مع العلاقات الوثيقة في المجال السياسي”، وفق ما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وأكد أن هذا ما يسعى الجميع للعمل على تفاديه في المرحلة المقبلة خاصة في ظل توافق الإرادة السياسية لدى الجانبين لتجاوز مثل هذه الحالة من النمو غير المتوازن في المجالات المختلفة لاسيما في ضوء وجود آفاق رحبة وفرص واعدة لدفع وتنمية العلاقات في تلك المجالات، وكذلك في ظل التنسيق رفيع المستوى القائم بين البلدين في المجال الاقتصادي من خلال تشكيل لجنة وزارية مشتركة للتعاون في مجال مشروعات الطاقة الإنتاجية بمشاركة وزير التجارة والصناعة ووزير الاستثمار من الجانب المصري ورئيس لجنة الإصلاح والتنمية ووزير التجارة من الجانب الصيني، وهى اللجنة التي تعمل على دفع مشروعات التعاون بين الجانبين في مجالات البنية الأساسية والصناعات المتطورة.

ووصف السفير المجدوب الذى كان قد وصل الى الصين يوم 19 سبتمبر الماضي لتسلم مهام منصبه، العلاقات المصرية الصينية بأنها عميقة الجذور وضاربة في أعماق التاريخ، حيث نشأت منذ فجر التاريخ بين حضارتين هما أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية، مشيرا الى أن تلك العلاقات كانت دوما علاقات تأثير وتأثير متبادل سواء على الصعيد الرسمي أو على الصعيد الشعبي، وهى علاقات سادها قدر كبير من التفاهم والتعاون عبر العصور ولم تعرف أبدا المواجهة أو الصراع.

كما أبرز حقيقة أن مصر، وكما هو معروف، كانت هي أول دولة عربية وإفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية في العام 1956 بعد سنوات قليلة من قيامها في عام 1949.

وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات المصرية الصينية نموًا كبيرًا وغير مسبوق كان أول مظاهره الموقف الصيني المتميز من ثورة الشعب المصري في 30 يونيو، إذ حرصت الصين في أكثر من مناسبة على تأكيد احترامها لخيارات الشعب المصري ورفضها الكامل لأى تدخل في شئونه الداخلية، وهو الموقف الذى كان موضع تقدير كبير من الجانب المصري رسميًا وشعبيًا.

وقال إنه أعقب ذلك قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية للصين في ديسمبر 2014 عقب أقل من 6 أشهر على انتخابه رئيسًا للجمهورية، وهى الزيارة التي شهدت توقيع الجانبين على اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين وهو أرفع أنواع الشراكة التي ترتبط بها الصين مع دول العالم الخارجي، وهو التطور الذى عكس حرص الدولتين على تعزيز العلاقات الثنائية بينهما ودفعها الى آفاق أرحب.

ونوه كذلك بما شهدته تلك الزيارة من تأكيد الرئيس للقيادة الصينية على دعم مصر الكامل لمبادرة الرئيس الصيني الرائدة لإحياء طريق الحرير البرى والحزام البحري لطريق الحرير، وهى المبادرة التي رأت فيها مصر محاولة جادة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول النامية ومحاولة لإضفاء قدر أكبر من العدالة على هيكل الاقتصاد الدولي.

وأشاد المجدوب بما شهده العامان الأخيران من تكثيف للزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين، حيث قام الرئيس السيسي بزيارتين آخريين إلى الصين في سبتمبر 2015 لحضور احتفال الصين بالذكرى 70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية وفى سبتمبر 2016 بناء على دعوة خاصة من الرئيس الصيني للمشاركة كضيف شرف في قمة رؤساء دول مجموعة العشرين التي عقدت في هانغتشو في 4-5 سبتمبر الماضي.

وأشار إلى انه في المقابل، زار الرئيس الصيني مصر في شهر يناير 2016 في أولى زياراته لمنطقة الشرق الأوسط، وهى الزيارة التي شهدت احتفال الجانبين بالذكرى 60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما وإطلاق فعاليات العام الثقافي المصري الصيني احتفالا بهذه المناسبة.

وتحدث السفير حول العلاقات الثقافية بين البلدين، قائلا” نعكف في الوقت الراهن بالتنسيق مع الجانب الصيني على الإعداد لحفل اختتام فعاليات العام الثقافي المصري الصيني والذى من المقرر أن يجرى في مدينة جوانجو بجنوب الصين في أواخر العام الجاري، مشيرا الى ان وفدا من وزارة الثقافة قام بزيارة الصين في شهر أغسطس الماضي بهدف مناقشة التفاصيل الخاصة بتلك التحضيرات مع الجانب الصيني”.

وتطرق المجدوب الى الدعوة الموجهة للجانب المصري للمشاركة كضيف شرف في معرض الصين والدول العربية الذى يقام في مدينة نينغشيا في سبتمبر 2017 ، قائلاً” إنه مما لا شك فيه أن المشاركة المصرية في هذا الحدث ستمثل فرصة كبيرة للتعريف بواقع الصناعة المصرية في الوقت الراهن وبالمنتجات على اختلافها من جانب، فضلا عن أنه من جانب آخر يمثل منفذا رائعا للترويج للمشروعات التنموية العملاقة وللفرص الاستثمارية الضخمة المتاحة في مصر والتي يأتي على رأسها مشروع تنمية محور قناة السويس في ظل مشاركة أعداد كبيرة من الشركات الصينية فيه والتي بلغ عددها نحو 10 آلاف شركة في الدورة الأخيرة للمعرض العام 2015.”

وأشار إلى أن المعرض سيتضمن تنظيم ليلة فنية وثقافية مصرية، فضلا عن تنظيم منتديات للتعاون السياحي والصحي ولرؤساء الجامعات الصينية والعربية.

وقال إن مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي فايزة أبو النجا قامت بزيارة خاصة لمقاطعة نينغشيا في أواخر سبتمبر الماضي للوقوف على التحضيرات لهذا الحدث خاصة في ظل تشكيل الجانبين المصري والصيني للجنة مشتركة تتولى الإعداد له على النحو الأمثل.

كما تطرق الحديث الى مشروع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، فقال السفير أسامة المجدوب إن وفدًا برئاسة رئيس شركة “سي أف إل دي” الصينية ذات الخبرة في إنشاء المدن الذكية قام بزيارة مصر في شهر سبتمبر الماضي والتقى بالرئيس السيسي حيث أعلن رئيس الشركة عن الاستعداد لضخ استثمارات بقيمة 20 مليار دولار تخصص للمشروعات ذات الصلة ببناء العاصمة الجديدة.

وأشار المجدوب كذلك إلى قيام شركة “تشاينا ستيت كونستركشون انجينيرينج كوربوريشون(CSCEC) التي تعد من أكبر الشركات العاملة في قطاع المقاولات في العالم حاليا بتنفيذ عدد من المشروعات المتفرعة عن مشروع العاصمة الإدارية من بينها إنشاء قاعة المؤتمرات وإنشاء أرض المعارض “إكسبو”(Expo) ومبنى البرلمان ومشروع إنشاء مباني لعدد من الوزارات المصرية، مؤكدا أن العمل في تلك المشروعات يسير بوتيرة جيدة.

وردًا على سؤال حول مدى التعاون بين السلطات في مصر والصين للوقوف ضد وجود بعض التجار المصريين وبعض الصناع الصينيين من اصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يهمهم إلا المكسب السريع، قال السفير المجدوب” إنه فيما يتعلق بإقبال نسبة غير قليلة من التجار المصريين على المنتجات الصينية منخفضة الجودة وإغراق السوق المصرية بهذه المنتجات، فهذه الظاهرة مرتبطة بشكل وثيق بسعي هؤلاء التجار إلى تحقيق مكاسب كبيرة باستخدام رءوس أموال محدودة رغم ما ينطوي عليه نشاطهم من إضرار بالاقتصاد المصري”.

وأضاف” أن التطور الجيد في هذا الموضوع هو أن الصين ذاتها تعمل منذ وقت غير قصير على محاربة ظاهرة اقتران الصورة الذهنية للمنتج الصيني بانخفاض الجودة من خلال ملاحقة منتجي مثل هذه السلع والتشدد في مراعاة مدى تطابق السلع المصدرة من الصين مع معايير الجودة المتعارف عليها عالميا”.

وتابع “من جهة أخرى تكثف الجهات الرقابية المصرية التابعة لكل من وزارة التجارة والصناعة ومصلحة الجمارك من تعاونها مع الجانب الصيني من أجل العمل على مكافحة نشاط تجار هذا النوع من السلع، وهو ما سيفضى الى تراجع هذه الظاهرة واضمحلالها بمرور الوقت”.

وحول احتمالية إقامة معرض للآثار المصرية في الصين في العام المقبل يضم 70 قطعة فرعونية، قال” توجد شركة صينية تسعى منذ أكثر من عامين لتنظيم معرض للآثار المصرية في أربع مدن صينية مختلفة على مدار عام كامل، وقد قامت السفارة والمكتب الثقافي التابع لها بتقديم كافة أوجه المساعدة الممكنة لتلك الشركة بالتنسيق مع الجهات المصرية المعنية، إلا أن وتيرة التقدم في هذا الموضوع ما زالت دون مستوى الطموح”.

وتابع قائلاً “إنه يتمنى صادقا أن يتم تنظيم معرض الآثار المصرية في الصين خلال العام القادم خاصة في ظل ما لمسه من وجود شغف واهتمام صيني كبير بآثارنا وبالتاريخ الفرعوني والحضارة المصرية القديمة”.

شكرا للتعليق على الموضوع