بنوك مصر المتعطشة للدولار تعرض أسعار السوق لشراء العملة الأمريكية

مع تعطشها للدولار بعد قرار البنك المركزي المصري يوم الخميس تعويم الجنيه تعرض البنوك المحلية شراء العملة الأمريكية بأسعار السوق في الوقت الذي تحاول فيه بناء احتياطياتها قبل أن تبدأ التعاملات بين البنوك غد الأحد.

لكن بعض المصرفيين حذروا من أن تراكم الطلب من قبل الشركات قد يعيد السوق السوداء إلى المشهد من جديد ما لم يضخ البنك المركزي دولارات في النظام المصرفي للمساعدة في تسيير عملية تعويم العملة بسلاسة.

وكان واحد من أهداف التخلي عن ربط الجنيه المصري بالدولار هو القضاء على سوق سوداء في العملة الأمريكية انتعشت بعدما فرض البنك المركزي قيودا رأسمالية العام الماضي. وهوى الجنيه إلى مستوى قياسي في السوق غير الرسمية بلغ 18 جنيها للدولار يوم الأحد الماضي.

وقال أحد المتعاملين في السلع الأولية “اشترينا دولارات من النظام المصرفي بأسعار تراوحت بين 14.7 و16 جنيها ومن ثم فإن الأمر ينجح بالفعل… أغلقنا الصفقة التي تتجاوز مليون دولار وحصلنا على جزء من المبلغ يوم الخميس وسنحصل على الجزء المتبقي يوم الأحد، وفقًا لما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء.

“آمل بأن تختفي السوق السوداء. لا يوجد سبب لاستمرارها الآن بعدما صارت البنوك تشتري بأسعار التعادل.

وسمحت مصر بهبوط عملتها من 8.8 جنيه للدولار إلى حوالي 14.65 جنيه في يوم واحد متخلية عن نظام الربط الذي أدى إلى نضوب احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة واضطره إلى ترشيد استخدام المعروض من الدولارات.

وأغلب ما باعته البنوك من دولارات يوم الخميس كان موجها للشركات مما خلق حالة من الارتباك بين العملاء العاديين غير أن البنوك فتحت أبوابها أمام مودعي العملة الأمريكية وبائعيها اثناء العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت بينما لم تطرح دولارات للبيع للأفراد.

وخفض البنك المركزي يوم الخميس العملة المحلية إلى 13 جنيها للدولار قبل أن يسمح بأن تهوي أكثر في معاملة بيع بقيمة 100 مليون دولار متخليا عن سياسة الربط.

وستبدأ البنوك تداول العملة بحرية في نظام المعاملات البينية اعتبارًا من الأحد.

وانتابت بعض المصرفيين حالة من خيبة الآمل لأن البنك المركزي لم يغرق النظام المصرفي بالعملة الصعبة للمساعدة في استقرار الجنيه في الأسابيع الأولى للتداول بعد تحرير سعر الصرف قائلين إن السوق السوداء ستعود إذا لم تتمكن البنوك من تغطية طلب متزايد على العملة الصعبة من الشركات.

وقال متعاملون في السوق السوداء إنهم عرضوا يوم الجمعة دولارات للبيع بسعر تراوح بين 16.75 و16.95 جنيه بينما تراوح السعر الذي عرضوه للشراء بين 16.25 و16.30 جنيه غير أن حجم التداولات كان منخفضا.

وقال متعامل آخر في سوق السلع الأولية “إذا لم يضخ البنك المركزي ما يكفي من الدولارات للبنوك للبدء في البيع بسعر أعلى -وليكن مثلا في نطاق العشرين- حتى فستعود السوق السوداء لتغطية طلب الناس.

“وأيا ما كان فإن الأمر يعتمد على قرض صندوق النقد الدولي لأن السيولة الدولارية في البنك المركزي غير كافية”.

وتوصلت مصر إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أغسطس آب بشأن قرض قيمته 12 مليار دولار لكنها لم تحصل بعد على الموافقة النهائية.

ورحب صندوق النقد بقرار التعويم وقال رئيس بعثة الصندوق إلى مصر كريس جارفيس إن القرض سيُرفع لمجلس الصندوق في غضون أسابيع.

وتوقع معظم من أُجريت معهم مقابلات من المصرفيين والتجار عدم عودة السوق السوداء مادام البنك المركزي يقاوم أي إغراء للتدخل ويترك السوق خالصة عبر البنوك.

وقال آلن سانديب رئيس الأبحاث لدى نعيم للوساطة إن البنك المركزي سمح بانخفاض الجنيه لاجتذاب الدولارات المحتفظ بها خارج البنوك حاليا للعودة إلى النظام المصرفي.

ولأن المصريين كان بمقدورهم بيع الدولارات في السوق السوداء والحصول على مثلي ثمنها بالعملة المحلية مقارنة مع السعر الرسمي الذي كانت تبيع به البنوك قبل التعويم فقد كانوا يحجمون عن البيع للبنوك.

وقال سانديب “من المنطقي بالنسبة لهم أن يبقوه (الجنيه) ضعيفا في الوقت الحالي إذ أن مصدرهم الأوحد للدولار… هو الأشخاص الذين يأتون للإيداع. هؤلاء هم المصدر الرئيسي للتدفقات لحين عودة المستثمرين والسياح لكن ذلك قد يستغرق شهورا”.

وتبذل مصر قصارى جهدها لجذب التدفقات الدولارية منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من عزوف السياح والمستثمرين عن البلاد وهما مصدران أساسيان للعملة الصعبة. وتأمل القاهرة في عودة الثقة من خلال التعويم.

لكن لم يتضح بعد حجم السيولة الدولارية التي تدفقت إلى النظام المصرفي الرسمي منذ قرار التعويم. وقالت بضعة بنوك إن التداولات بطيئة.

وقال مصدر بالقطاع المصرفي يوم الجمعة “لم يأت أحد لبيع دولارات لنا طوال اليوم. بالأمس باع أشخاص دولارات لنا خلال ساعات العمل لكن ليس بالكم الكبير. الإجمالي بلغ نحو 20 ألف دولار”.

شكرا للتعليق على الموضوع