لا دليل على “ارتباط المجازر” في شرق الكونغو بالتيار المتطرف
تبدو أعمال العنف في منطقة بيني في شرق الكونغو الديموقراطية بالغة التعقيد، لكن لا دليل يثبت التفسير الرسمي لها بوجود تمرد أوغندي للمسلمين مرتبط بالتيار الإرهابي الدولي.
وتشهد مدينة ومنطقة بيني في شمال اقليم شمال كيفو منذ أكتوبر 2014، سلسلة من المجازر التي ترتكب بالسلاح الأبيض وقتل فيها أكثر من 700 مدني.
وكانت هذه المنطقة الواقعة في إقليم تمزقه الحروب وعنف السلاح منذ أكثر من 20 عاما، شهدت في 1995 حركة تمرد أوغندية مسلمة مسلحة معادية للرئيس الأوغندي يوييري موسيفيني، تحمل اسم “القوات الديموقراطية الحليفة”.
وعلى مر السنين، أقام رجال هذه الميليشيا التي أنشئت للدفاع عن المسلمين الذين يؤكدون أن رجل كمبالا القوي ينتهك حقوقهم، علاقات تجارية وصلات مصاهرة مع السكان المحليين وغالبيتهم من اتنية الناندي، مثل معظم مقاتلي الحركة.
ومع بدء موجة عنف جديدة ضربت المنطقة اعتبارا من أكتوبر 2014، اتهمت كينشاسا وبعثة الأمم المتحدة لإحلال الاستقرار في الكونغو مقاتلي “القوات الديموقراطية الحليفة” بأنهم مرتكبو أعمال العنف هذه “المفترضون”.
بعد سنتين، تبين أن الحكومة الكونغولية وجنود حفظ السلام الدوليين عاجزون عن حماية السكان المحليين، وبقيت فرضية تورط حركة التمرد الأوغندية التفسير الرسمي الوحيد، مع تشديد من قبل الحكومة على الطابع “الإرهابي” و”الجهادي” لهذه الهجمات.
وقال دبلوماسي مطلع على قضايا الكونغو والمسائل الأمنية إن محاولة ربط تمرد “القوات الديموقراطية الحليفة” بالتيار الجهادي الدولي هو من صنع الاستخبارات الأوغندية، على أمل إثارة اهتمام الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، باسم “المكافحة الدولية للإرهاب”.
وحذت سلطات الكونغو حذو الأوغنديين بينما تستقطب المعركة ضد “التيار الجهادي الدولي” اهتمام الغربيين الذين شهدت علاقاتهم الدبلوماسية مع جمهورية الكونغو الديموقراطية توترا، بسبب مسألة بقاء الرئيس جوزف كابيلا في السلطة بعد انتهاء ولايته في 20 ديسمبر.
و”القوات الديموقراطية الحليفة” تستخدم العنف العشوائي عادة، وحسب مصادر كونغولية وفي الأمم المتحدة، بذلت هذه المجموعة جهودا لتجنيد عناصر في تنزانيا وبوروندي وكينيا وحتى في الصومال.
لكن أحد رجال الاستخبارات وممثلين عن تجمع المجتمع المدني (يضم منظمات محلية) في شمال كيفو، قالوا إن عمليات التجنيد هذه لم يكن لها أي أساس عقائدي في البداية.
فهي تشمل شبانا مسلمين خدعوا بعدما تم إغراؤهم بإرسالهم للدراسة في السعودية ووقعوا في فخ “القوات الديموقراطية الحليفة”، بدون أن يكون لديهم خيار آخر سوى الانضمام إلى هذه الميليشيا.
وتبقى “القوات الديموقراطية الحليفة” واحدة من أكثر المجموعات المسلحة سرية في العالم، ولم يتم تبني أي مجزرة ارتكبت في منطقة بيني، ولم يتمكن أي خبير يعمل في الكونغو الديموقراطية من إثبات وجود صلة بين المجموعة والتيار الجهادي الدولي.
وقالت مجموعة خبراء الأمم المتحدة حول الكونغو الديموقراطية في ايار “لا دليل على هذه الادعاءات”.
وصرح أحد ممثلي المجتمع المدني في بيني بأن هذا الأمر “يناقض” ما تفعله جماعة “بوكو حرام” أو حركة الشباب الصومالية أو غيرها من الحركات الإسلامية التي تتبجح بعملياتها المسلحة.
وأضاف ممثل المجتمع المدني، الذي طلب عدم كشف هويته خوفا على أمنه مثل كل الكونغوليين تقريبا الذين تحدثوا إلى فرانس برس، أن التفسير الجهادي “يبدو لنا مفرطا في التبسيط”.
ونشرت مجموعة دراسات عن الكونغو في جامعة نيويورك، في مارس تقريرا يشير إلى تعقيد أعمال العنف في بيني ويقول إن “عدة مجموعات” لا علاقة لها بحركة التمرد الأوغندية متورطة على ما يبدو في المجازر، بينها أعضاء من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديموقراطية، إلى جانب ميليشيات محلية أخرى”.
أ ف ب