نصائح لتحصين البيت المسلم

لا شكَّ أن بيوتنا نعمة من الله تعالى تَستحِقُّ منا أن نَشكُر الله عليها؛ قال الله تعالى ممتنًّا على عباده بهذه البيوت الثابتة والمنتقِّلة: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾ [النحل: 80].

وبيت المسلم يجب أن يكون متميِّزًا عن غيره من البيوت، بفعل ما شرَعه الله للمسلمين في بيوتهم من: ذِكْر الله، والإكثار من صلوات النوافل فيها، وقراءة القرآن، وخُلُوها من وسائل الفساد… وغير ذلك.

لذا رأيتُ أن أَذكُر بعضًا من الأمور التي تُحصِّن بيوتنا وتحميها.

1- الإكثار من ذكر الله تعالى:

عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل البيت الذي يُذكَر الله فيه، والبيت الذي لا يُذكَر الله فيه مَثَل الحي والميت))؛ رواه مسلم.

وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عشاء، وإذا دخل الرجلُ فلم يَذكُر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتُم المبيتَ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء”؛ رواه مسلم.

2- إلقاء السلام عند الدخول:

قال تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور: 61]، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلِّم؛ يكن بَركة عليك وعلى أهل بيتك))؛ رواه الترمذي.

3- الصلاة فيها (صلاة النوافل):

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتَّخِذوها قبورًا))؛ رواه مسلم؛ “أي: صَلُّوا فيها من النوافل، ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة”.

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قضى أحدُكم الصلاةَ في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا))؛ رواه مسلم.

وحديث ((فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خيرَ صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة))؛ رواه البخاري ومسلم.

4- الإكثار من قراءة القرآن وخاصة سورة البقرة:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يَنفِر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة))؛ رواه مسلم.

عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل شيء سِنامًا وإن سِنامَ القرآن سورة البقرة، مَن قرأها في بيته نهارًا لم يَقْرب بيتَه الشيطانُ ثلاثة أيام ومن قرأها في بيته ليلاً، لم يدخل بيته الشيطان ثلاثَ ليالٍ))؛ صحيح ابن حبان.

5- تطهير البيت من التصاليب:

لأنها شعار النصارى؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “لم يكن النبي الله صلى الله عليه وسلم يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقَضه”؛ رواه البخاري.

6- ومما يجب أن يُصان عنه البيت المسلم الصور والكلاب:

لما رواه أبو طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة))؛ رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تماثيل)).

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو ضارٍ، نَقَص من عمله كل يوم قيراطان))؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: أتيتُك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قِرام فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يُقطَع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فيقطع فيجعل وسادتين منبوذتين توطآن، ومُرْ بالكلب فليُخرَج))؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح.

7- إغلاق الأبواب وتغطية الآنية وإطفاء المصابيح:

فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان جُنْح الليل أو أمسيتم فكُفُّوا صِبيانَكم؛ فإن الشياطين تَنتشِر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم، فأغلِقوا الأبوابَ، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، وأوكوا قرَبكم، واذكروا اسم الله وخمِّروا آنيتكم، واذكروا اسمَ الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئًا، وأطفئوا مصابيحكم))؛ رواه البخاري.

8- عدم ترك النيران مشتعلة عند النوم:

عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتركوا النارَ في بيوتكم حين تنامون))؛ رواه البخاري.

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: احترق بيتٌ بالمدينة على أهله من الليل، فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذه النار إنما هي عدوٌّ لكم فإذا نِمْتم فأطفئوها عنكم))؛ رواه البخاري.

9- تطهير البيت من صوت إبليس:

قال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾ [الإسراء: 64]، قال مجاهد: “صوت الشيطان الغناء”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليكونن في أمتي أقوام يَستحِلون الحرَ والحرير والخمر والمعازف)) رواه البخاري.

وأورد ابن القيم في “إغاثة اللهفان” لابن ماجه بسند صحيح عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليَشربنَّ أناسٌ من أمتي الخمرَ، يُسمُّونها بغير اسمها، ويُعزَف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يَخسِف اللهُ بهم الأرضَ، ويجعل منهم قردةً وخنازير)).

10- الحرص على نظافة البيت:

قال تعالى: {﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

وعن صالح بن أبي حسان قال: سَمِعتُ سعيدَ بن المسيب يقول: إن الله طيب يُحِب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجودَ، فنظِّفوا – أراه قال: أفنيتكم – ولا تَشبَّهوا باليهود))، قال: فذكرتُ ذلك لمهاجر بن مسمار، فقال: حدَّثنيه عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مِثلَه، إلا أنه قال: ((نظفوا أفنيتكم))؛ رواه الترمذي.

إذا حرصنا على هذه الأمور في بيوتنا من كثرة الذِّكر والصلاة وقراءة القرآن وغيرها في البيوت، أصبحت مدرسة للخير يتربَّى فيها مَن يَسكُنها من الأولاد والنساء على الطاعة والفضيلة، وتدخلها الملائكة، وتَبتعِد عنها الشياطين.

وإذا خلتِ البيوت من هذه الطاعات صارت قبورًا مُوحِشة وأطلالاً خَرِبة، سكنها موتى القلوب، وإن كانوا إحياء الأجسام، يُخالِطهم الشيطان وتَبتعِد عنهم ملائكة الرحمن.

ديننا – حسن عبد العال محمود

شكرا للتعليق على الموضوع