كأس القارات تدخل مرحلة السطوع بعد أزمة البداية
رغم كونها حاليا ثاني أهم البطولات التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، إلا أن بطولة كأس القارات شهدت خلال السنوات الماضية، رفض عدد من المنتخبات المشاركة فيها، لتكون من البطولات الدولية القليلة التي تشهد تاريخا حافلا بالمشاكل.
ولكن كأس القارات عبرت هذه المشاكل، ودخلت مرحلة السطوع، خاصة بعدما بدأ إقامتها كل 4 سنوات.
وإلى جانب رفض بعض المنتخبات المشاركة فيها، شهدت البطولة السادسة من كأس القارات في عام 2003، واقعة هي الأولى من نوعها في البطولات الدولية عندما توفي اللاعب الكاميروني مارك فيفيان فويه.
وتقام بطولة كأس القارات حاليا مرة واحدة كل أربعة أعوام، بمشاركة أبطال القارات الست، بالإضافة إلى حامل لقب بطولة كأس العالم، ومنتخب الدولة المضيفة، وهذه المرة روسيا التي تعتبر البطولة أفضل اختبار لاستعداداتها قبل عام واحد فقط من استضافتها لبطولة كأس العالم 2018.
وأقيمت بطولة كأس القارات كبديل للمواجهة بين بطلي أوروبا وأمريكا الجنوبية، وهي البطولة التي كانت تعرف باسم “كوبا دورو”.
واستضافت السعودية البطولة الأولى لكأس العالم للقارات عام 1992، وشارك فيها إلى جانب المنتخب السعودي كل من منتخبات الأرجنتين والولايات المتحدة وكوت ديفوار.
وتنافست الفرق المشاركة على كأس الملك فهد التي أحرزها في النهاية المنتخب الأرجنتيني.
وفي البطولة الثانية التي استضافتها السعودية أيضا، ارتفع عدد المنتخبات المشاركة إلى ستة منتخبات هي السعودية ونيجيريا واليابان والدنمارك والمكسيك والأرجنتين، وتوج المنتخب الدنماركي بلقب البطولة.
وفي عام 1997، أقيمت البطولة تحت رعاية وتنظيم الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) للمرة الأولى، واستضافتها السعودية أيضا بمشاركة منتخبات السعودية، جنوب أفريقيا، البرازيل، أوروجواي، المكسيك، التشيك، الإمارات وأستراليا حيث ارتفع عدد المشاركين إلى ثمانية منتخبات.
ورغم هذا، شهد تاريخ البطولة رفض بعض المنتخبات المشاركة فيها، حيث رفض المنتخب الألماني المشاركة مرتين كانت الأولى في بطولة عام 1997، والتي كان مقررا أن يشارك فيها بصفته بطل أوروبا والثانية في بطولة عام 2003، والتي كان مقررا أن يشارك فيها بصفته وصيف بطل العالم.
كما رفض المنتخب الفرنسي المشاركة في البطولة الرابعة التي أقيمت عام 1999، والتي كان مقررا مشاركته فيها بصفته حامل لقب بطولة العالم.
ولذلك، اضطر الفيفا لإعادة النظر في قواعد تنظيم البطولة، وتقرر أن تقام مرة واحدة كل أربع سنوات بدلا من عامين، على أن يكون عام إقامتها هو العام السابق لبطولة كأس العالم مباشرة.
وتقرر أيضا أن تقام البطولة في نفس الدولة المضيفة لكأس العالم، مما يسمح لها باختبار استعداداتها لكأس العالم رغم الفارق الكبير في حجم البطولتين.
وأكد الفيفا في عام 2005 أن المشاركة في كأس العالم للقارات ستكون إجبارية لجميع أبطال القارات الست، باستثناء بطلي أوروبا وأمريكا الجنوبية.
ولم يعد من المرجح أن ترفض أي دولة المشاركة في بطولة القارات، نظرا لأنها تمثل استعدادا جيدا لكل المنتخبات المشاركة فيها قبل عام واحد من كأس العالم.
وأقيمت البطولة الرابعة في المكسيك عام 1999 ونجح المنتخب صاحب الأرض في حسمها لصالحه بالتغلب على نظيره البرازيلي 4 ـ 3 في المباراة النهائية للبطولة، التي شهدت حضورا جماهيريا كبيرا بلغ نحو 60 ألف مشجع في المباراة الواحدة، من بين 16 مباراة شهدتها البطولة.
وكانت بداية استغلال البطولة كبروفة للدولة المضيفة قبل استضافة كأس العالم في عام 2001 ، عندما حصلت كوريا الجنوبية واليابان على شرف التنظيم المشترك للبطولة الخامسة.
وأحرز المنتخب الفرنسي لقب تلك البطولة ليضيفها إلى لقبي كأس العالم 1998 وكأس الأمم الأوروبية (يورو 2000) وذلك بعد تغلبه على المنتخب الياباني 1 ـ 0 في المباراة النهائية.
وأقيمت البطولة السادسة عام 2003 في فرنسا ولكنها شهدت وفاة اللاعب الكاميروني فويه، الذي سقط على الأرض أثناء مباراة فريقه أمام المنتخب الكولومبي في الدور قبل النهائي للبطولة.
وتعرض السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا لانتقادات عنيفة وقتها، بسبب تأكيده عقب وفاة فويه إقامة المباراة النهائية في موعدها قبل التحدث إلى المنتخبين الفرنسي والكاميروني طرفي المباراة النهائية.
وفي محاولة لحفظ ماء الوجه، قال بلاتر إن هناك خطوات جارية لإطلاق اسم فويه على البطولة التالية.
وقال بلاتر وقتها: “لدينا بالفعل اقتراح بأن تحمل بطولة كأس القارات القادمة اسمه (فويه)، وهي فكرة ممتازة وسندرسها”.
وكانت المباراة النهائية نفسها كئيبة حيث أبدى لاعبو الفريقين تقديرهم لفويه، كما لم يحتفل لاعبو المنتخب الفرنسي بإحرازهم اللقب بعد الفوز على المنتخب الكاميروني 1 ـ0.
وشهدت البطولة السابعة أول نهائي في تاريخ كأس القارات يجمع بين منتخبين من نفس القارة، وحقق فيه المنتخب البرازيلي فوزا ساحقا 4 ـ 1 على منافسه العتيد المنتخب الأرجنتيني في مباراة من جانب واحد.
وكانت المباراة رقم 22 للحارس البرازيلي ديدا في بطولات كأس القارات.
وخاض ديدا جميع المباريات التي لعبها المنتخب البرازيلي في المشاركات الخمس الأولى له على مدار تاريخ البطولة، باستثناء ثماني دقائق فقط.
واتجهت الأنظار في منتصف عام 2009 صوب جنوب أفريقيا لمشاهدة البطولة الثامنة لكأس العالم للقارات.
وانتابت الشكوك كثير من الأوروبيين حول مدى الاستعدادات لاستضافة بطولة كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، التي عانت لعقود طويلة من العزلة بسبب انتهاج حكومتها لسياسة الفصل العنصري.
ولكن كأس القارات 2009 كانت فرصة رائعة للجنة المنظمة لمونديال 2010 لإسكات جميع المنتقدين.
واستغلت جنوب أفريقيا كأس القارات 2009 بأفضل شكل ممكن في الرد على المنتقدين، بعد ما حققته البطولة من نجاح هائل على المستوى التنظيمي، كما شق أصحاب الأرض طريقهم إلى المربع الذهبي ولكنهم اصطدموا بالمنتخب البرازيلي ليطيح بهم من الدور قبل النهائي.
كما فجر المنتخب المصري مفاجأة رائعة بالأداء القوي له في الدور الأول، حيث خسر بصعوبة بالغة 4 ـ 3 أمام البرازيل، ثم حقق فوزا تاريخيا 1 ـ 0 على إيطاليا بطلة العالم، ولكنه سقط في اختبار اللياقة البدنية أمام نظيره الأمريكي الذي تأهل للمربع الذهبي.
وفجر المنتخب الأمريكي مفاجأة أخرى عندما ألحق الهزيمة الأولى بالمنتخب الإسباني بطل أوروبا، والمرشح الأول للبطولة بعدما حافظ الماتادور الإسباني على سجله خاليا من الهزائم في 35 مباراة متتالية.
وأطاح المنتخب الأمريكي بنظيره الإسباني من المربع الذهبي لكنه سقط أمام السامبا البرازيلية 3 ـ2 في النهائي ليتوج راقصو السامبا بلقبهم الثاني على التوالي، والثالث في تاريخ مشاركاتهم بكأس القارات.
وعلى غرار ما حدث في جنوب أفريقيا ، استغلت البرازيل النسخة التاسعة في تاريخ كأس القارات كوسيلة للرد على الانتقادات التي وجهت إلى البرازيل، بسبب التأخيرات العديدة في الاستعدادات الخاصة باستضافة كأس العالم 2014، ومنها أعمال الإنشاءات والتحديثات في الاستادات، وكذلك مشروعات البنية الأساسية.
ولم تشهد البطولة مشاكل حقيقية على مستوى التنظيم كما كانت فرصة مثالية للمنتخب البرازيلي للاستعداد الجاد قبل عام واحد من خوض فعاليات بطولة كأس العالم على أرضه، حيث حقق الفوز في جميع المباريات الثلاثة التي خاضها بالدور الأول للبطولة ثم أسقط منتخب أوروجواي بالضربة القاضية 2 ـ 1 في المربع الذهبي، قبل أن يسحق نظيره الإسباني حامل اللقب العالمي آنذاك بثلاثة أهداف نظيفة، في النهائي ليحرز اللقب للمرة الثالثة على التوالي وهي الرابعة في تاريخ مشاركاته بالمسابقة.
ورغم فوز السامبا البرازيلية بلقب كأس القارات في 2013 ، تلقى الفريق صدمة بالغة القوة في المونديال الذي استضافته البرازيل في العام التالي حيث خسر الفريق 7 ـ1 أمام نظيره الألماني في المربع الذهبي، ثم 3 ـ 0 أمام الطاحونة الهولندية في لقاء تحديد المركز الثالث.
ولكن مجرد الوصول إلى المربع الذهبي أو دور الثمانية سيكون مكسبا كبيرا للمنتخب الروسي في المونديال المقبل الذي تستضيفه بلاده في 2018.
ولهذا، ستكون النسخة العاشرة من كأس القارات، والتي تستضيفها روسيا من 17 يونيو الحالي إلى الثاني من تموز/يوليو المقبل، بمثابة فرصة جيدة أمام الدب الروسي لاختبار قوته الحقيقية في مواجهة الكبار.
وتقام البطولة هذه المرة بمشاركة منتخبات الكاميرون بطل أفريقيا، وأستراليا بطل آسيا، وألمانيا بطل العالم، والبرتغال بطل أوروبا، وتشيلي بطل أمريكا الجنوبية، ونيوزيلندا بطل أوقيانوسيا، والمكسيك بطل اتحاد منطقة كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي)، وروسيا ممثل الدولة المضيفة لتشهد البطولة بهذا مشاركة ثلاثة منتخبات من القارة الأوروبية وهو ما يزيدها قوة.
DPA