ناصر اللحام يكتب : تجاعيد على وجه القمر
بما لها وما عليها، لا تزال الثورة الفلسطينية من أطول ثورات التاريخ المعاصر. انتصاراتها أكبر من أن تعدّ وتحصى، وأخطاؤها أكبر من خطيئة احيانا.
ولكنها الحقيقة الثابتة وارادة شعب قرر ان يكسر الاحتلال ويصبو الى الحرية والاستقلال. ومهما كثرت عثراتها، الا ان التاريخ يشهد انها تسير في الاتجاه الصحيح، وان انتصارها حتمي مهما طال الزمن وأن اندحار الاحتلال الصهيوني مسألة وقت مهما طال الزمن.
تجربة السلطة مليئة بالأفكار وتحتاج الى استخلاص العبر، وخزان تجربة ربع قرن مضى لا يمكن أن تنحصر في كلمة جيد او سئ، لان فيها من هذا وفيها من ذاك.وان التفكير بنمطية مسبقة تجاهها سيؤدي الى عدم الاستفادة من هذه التجربة بتاتا. ومن يكتفي بامتداحها فقط يخدع نفسه، ومن يعيش على انتقادها فقط يخدع نفسه أيضا.
ولان تجربة السلطة تتعدى سكان الارض المحتلة وتمتد الى الجاليات الفلسطينية ( نحو 7 مليون فلسطيني يعيشون في الخارج ) فان من حقهم الان ان يكونوا شركاء في التقييم والعصف الفكري وصولا الى رسم استراتيجية جديدة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والسيكولوجية والاعلامية والسوسيولوجية. فهؤلاء الفلسطينيون في أنحاء الارض كنز ثوري وديموغرافي وعلمي ومالي كبير، وهم رافعة الاسناد الحقيقي للمستقبل. ومنهم العلماء الذين سيخططون لبناء الدولة، ومنهم المهندسون الذين سيبنون المدن ومنهم الاطباء والاغنياء والمدراء والعمال والاساتذة والكفاءات. ولغاية الان لم نسمع كيف حسمت القيادة أمر حقيبة المغتربين وهل قضي الامر واصبحوا تابعين لوزارة الخارجية ولماذا نعم؟ ولماذا لا؟ ام انهم لا يزالون تحت جناح منظمة التحرير واللجنة التنفيذية. والاهم أننا لم نعرف بعد ما هي الخطة التي سنعتمدها في نظم العلاقة معهم. وهل هناك خطة اساسا؟
هل نسأل الرفيق تيسير خالد عن الخطة السابقة ونسبة نجاحها؟ أم نسأل الدكتور رياض المالكي عن الخطة المستقبلية في التعامل مع الجاليات وهل هناك خطة اساسا وما هي خطوطها العريضة؟؟ ومن الذي وضع هذه الخطة؟ وهل هي سرّية؟ ولماذا لا يعرف 13 مليون فلسطيني عنها شيئا؟
أرقام قد تفيد للنقاش والبحث. هناك 50 الف خريج جامعي فلسطيني أنهوا تعليمهم في المانيا وينطقون باللغة الالمانية.
هناك 39 جمعية صداقة فلسطينية مع الشعوب الاخرى في العالم فما هو تأثرها الان ولماذا لا نسمع عن نشاطاتها ومن هو المسؤول عن دعمها وتشجيعها؟. هناك 2000 جامعي فلسطيني انهوا تعليمهم في الهند وينطقون بلغتها.
هناك 16 الف فلسطيني أنهوا تعليمهم الجامعي في روسيا وينطقون بلغتها وهناك 8 الاف فتاة روسية تزوجن من فلسطينيين ويسكن هنا في هذا البلاد. هناك 45 الف خريج فلسطيني من الباكستان لوحدها .
هناك نحو مليون فلسطيني يعيشون في امريكا الشمالية. وهناك مليون فلسطيني يعيشون في امريكا اللاتينية. هناك نحو مليون فلسطيني يعيشون في اوروبا. وهناك مليون فلسطيني يعيشون في الدول العربية.
من يرعاهم؟ من يتابع أفكارهم السياسية؟ من يقنعهم ان يأتوا ويستثمروا أموالهم في بناء منازل ومصانع في الارض المحتلة؟ من يتولى التفاهم معهم واحترامهم واحترام استثماراتهم؟ هل هي الحكومة؟ ام وزارة المالية؟ ام وزارة الخارجية؟ ام الرئاسة؟ ام منظمة التحرير الفلسطينية؟
على الاقل وقبل انعقاد المجلس الوطني القادم، نأمل من الجهات المسؤولة ان لا تلقي مرة اخرى واخرى بكل العبء على الرئيس وخطاب الرئيس وتكتفي بذلك، وأن تقدم للشعب والاعلام تقارير مفصلة عن الجاليات الفلسطينية وكيفية التواصل معهم وفق استراتيجية تخطيط متفق عليها وان تشاركهم في وضعها ليكونوا هم أصحاب الافكار وهم ادوات تنفيذها.
وبدلا من التنازع المقيت والمؤسف في القارات وبلدان العالم بين الحركات الاسلامية ومنظمة التحرير وبعض التيارات، يجب ان نفكر في كيفية تحويلهم الى أكبر وأقوى لوبي موحّد داعم لفلسطين وصمود اهل القدس في وجه المخطط الصهيوني.
هؤلاء فقط، ومعهم فلسطينيو 48 يستطيعون لوحدهم أن يصنعوا أقوى اقتصاد فلسطيني هنا، وان يجعلوا من الحلم حقيقة، ولو أن هناك من يرعاهم ويتابعهم ويوجه افكارهم ومشاركاتهم ويحترم وجودهم.
بقلم : د. ناصر اللحام
اقرأ للكاتب :
لماذا لا تطرد السلطة والاردن بطريرك اليونان الروم الارثوذكس ؟