موازنة السعودية تلحظ نفقات قياسية لتحفيز النمو بعد انكماش الاقتصاد
قالت وزارة المالية السعودية، إن الاقتصاد السعودي سيشهد انكماشا للمرة الأولى في ثماني سنوات وذلك بسبب اتباعها سياسات تقشفية، إلا أن الرياض عادت وأعلنت عن نفقات عامة قياسية بغية تحفيز النمو.
وقالت الدولة الرائدة في منظمة الدول المصدر للنفط (اوبك) إن اقتصادها يشهد انكماشا بنسبة 0,5% في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 بسب تراجع انتاجها النفطي مع اتفاق دول المنظمة على تخفيض الانتاج في مسعى لرفع الأسعار.
وتراجع قطاع النفط في ميزانية 2017 بنحو 2 بالمئة، حسب ما اعلنت وزارة المالية.
وشهد الاقتصاد انكماشا للمرة الأخيرة في العام 2009، حين تراجع الناتج المحلي الإجمالي 2,1 بالمئة بعد الأزمة المالية العالمية آنذاك التي أثرت على اسعار النفط.
كما أعلنت الرياض التي تحاول تنويع الاقتصاد عجزا في موازنة عام 2018 للسنة الخامسة على التوالي. وحذرت من ان العجز سيكون اكبر مما كان متوقعا بالنسبة للعام 2017.
وقدمت السلطات السعودية ميزانية توسعية للعام 2018، متوقعة اكبر نفقات حكومية في تاريخها رغم انخفاض اسعار النفط، في مسعى لتحفيز الاقتصاد الراكد، مشيرة إلى أنها تتوقع نموا في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 2.7 بالمئة.
وقالت الحكومة في جلسة ترأسها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ان موازنة العام المقبل ستكون “الأكبر في تاريخ” المملكة مع توقعات ان تبلغ النفقات 260,8 مليار دولار (978 مليار ريال) بزيادة 10 بالمئة عن تقديرات 2017، والايرادات 208,8 مليار دولار (783 مليار ريال).
وقدرت وزارة المالية العجز في ميزانية 2018 بنحو 52 مليار دولار.
وأكد الملك سلمان أن بلاده، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، “ستستمر في تقليل اعتمادها على النفط إلى أن يصل إلى 50 بالمئة فقط” من إجمالي الايرادات.
من جهته، قال ولي العهد الامير محمد بن سلمان ان “الإعلان عن أكبر برنامج للإنفاق الحكومي في تاريخ المملكة يعتبر دليلا راسخا على نجاح جهودنا في مجال تحسين إدارة المالية العامة، رغم تراجع أسعار النفط بشكل كبير عن السنوات السابقة”.
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية ان “الميزانية التوسعية تضمنت مجموعة شاملة من المبادرات التنموية الجديدة، التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي الذي رسمت ملامحه رؤية 2030″، خطة التنويع الاقتصادي.
وأعلن أن “برامج الإصلاح الاقتصادية تحت رؤية المملكة2030 بدأت تحقق نتائج ملموسة حيث سيتم تمويل ما يقارب من 50 % من ميزانية هذا العام من دخل ومصادر غير نفطية”.
ويأتي الإعلان عن هذا الانكماش الاقتصادي في حين تحاول السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم التعاطي مع العجز المتواصل في الميزانية الذي بدأ العام 2014 مع تراجع أسعار النفط.
وخلال الاعوام الاربع السابقة، بلغ مجموع العجز في ميزانية السعودية نحو 258 مليار دولار، ما اضطر الرياض إلى سحب 240 مليار دولار من احتياطها النقدي كما انها اقترضت نحو 100 مليار دولار من هيئات محلية ودولية.
وبعدما كان من المتوقع ان يبلغ العجز في الموازنة السعودية للعام 2017 كاملا 52,8 مليار دولار، اعلنت الحكومة ان قيمة العجز بلغت 61,3 مليار دولار، أي أكثر من ثمانية مليارات دولار من المتوقع ونحو 9,2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
والعجز البالغ 61,3 مليار دولار لا يزال أقل بنحو 25 بالمئة من عجز العام الذي سبق والبالغ 82 مليار دولار.
وأبلغ الملك سلمان الحكومة أن السعودية تتوقع استمرار العجز حتى العام 2023.
ومن المتوقع أن تبلغ الايرادات في العام 2018 نحو 208,8 مليارات دولار (783 مليار ريال)، أي بزيادة قدرها 13 بالمئة من توقعات العام الفائت.
وأفاد مركز الابحاث الاقتصادية “كابيتال ايكنومكس″، ومقره لندن، “بعد التقشف الشديد في 2015-2016 يبدو ان الحكومة اضفت ليونة على سياستها النقدية في 2017″، متوقعا ان يستمر ذلك للعام المقبل أيضا.
وارتفعت الايرادات الفعلية للعام المالي الجاري بنحو 34 بالمئة مقارنة بالعام 2016 لتبلغ 185,6 مليار دولار بسبب الزيادة الحادة في الايرادات النفطية وغير النفطية.
وبلغت الايرادات غير النفطية الفعلية المحصلة في 2017 نحو 68,3 مليار دولار، أي بارتفاع يبلغ 38 بالمئة عن العام الفائت، ما يعكس تأثير ارتفاع الاسعار وفرض الرسوم.
وفي حزيران/يونيو الماضي، بدأت المملكة للمرة الاولى في تاريخها فرض ضرائب على التبغ ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية. ثم شرعت في فرض ضريبة شهرية على عائلات المقيمين الاجانب الذي يعملون في القطاع الخاص وعلى موظفيهم. كما قلصت الدعم الحكومي ورفعت اسعار والطاقة والخدمات.
كما ستبدأ السعودية فرض الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة عام 2018.
وأعلنت وزارة المالية أن البطالة بين السعوديين وصلت الى 12,8 بالمئة في حزيران/يونيو الفائت، ما يشكل ارتفاعا طفيفا عن العام الفائت.
كما خصصت الرياض مبلع 13,9 مليار دولار لدفع مبالغ نقدية لـ3,7 ملايين عائلة سعودية تمثل 13 مليون نسمة من عدد السكان البالغ 20 مليونا، كتعويض لمواجهة زيادة الاسعار ضمن برنامج “حساب المواطن”.
وأعلن الأمير محمد بن سلمان، مجموعة من المشروعات العملاقة بما فيها مدينة مستقبلية عملاقة يزدهر فيها استخدام الروبوتات والسيارات المسيرة دون سائق، وهو ما يستلزم استثمارات كلفتها نحو 500 مليار دولار، وفقًا لما نقلته وكالة “فرانس برس”.
لكن حجز الزاوية في برنامج الإصلاح السعودي يكمن في طرح خمسة بالمئة من اسهم شركة النفط الوطنية العملاقة ارامكو للاكتتاب العام في 2018.
ويقف ولي العهد وراء قرارات جريئة وغير مسبوقة لرفع الحظر على قيادة المرأة للسيارات والغاء حظر فرض قبل 35 عاما على دور السينما.
والثلاثاء أيضا، أعلنت السعودية أنها تفتح أبوابها للسياح الأجانب اعتبارا من الربع الاول من العام المقبل، في خطوة تشكل ركيزة أساسية في التحول الاقتصادي في المملكة التي لطالما اقتصرت السياحة فيها على الحج والعمرة.
والشهر الفائت، شنت السلطات بقيادة ولي العهد الشاب حملة واسعة على عشرات من افراد النخبة السعودية فاحشي الثراء، تستهدف بشكل ظاهري مكافحة الفساد، لكن خبراء عدوها محاولة لأحكام قبضته على الحكم في أكبر بلدان شبه الجزيرة العربية.