المجهول يطارد ألعاب القوى بعد وداع أسرع رجل في العالم

مع اعتزال يوسين بولت الذي أسهم بصورة هائلة في إخراج ألعاب القوى من نفق مظلم في 2017، أصبحت هذه الرياضة تواجه مستقبلًا غامضًا بعد تنحي نجمها العملاق وخروجه من المشهد.

وأسدل الستار على مسيرة النجم الجامايكي المعجزة مع اعتزاله في بطولة العالم في لندن الصيف الماضي، بعد فشله في الحفاظ على هيمنته والتمسك بلقب أسرع رجل في العالم، وحصوله فقط على برونزية في سباق 100 متر.

كما أن أداءه في آخر سباق له في البطولة، جاء مخيبًا للآمال أيضًا إذ تعثر في نهائي سباق التتابع أربعة في 100 متر وسقط على المضمار بسبب تقلص في العضلة الخلفية للفخذ، ولم يكمل المرحلة الأخيرة من السباق.

ورغم ذلك تلقى بولت تحية حارة، ودعمًا هائلًا من الجمهور ورد هو بالتصفيق للمشجعين في مشهد لخص العلاقة الفريدة من نوعها بين أفضل ما أنجبت ألعاب القوى وجماهير المشجعين.

وبالنسبة لبولت (30 عامًا)، ورغم التعثر فإن المشاهد الأخيرة له على المضمار عززت صورته وسمعته، ليترك المشهد شامخًا بعدما تقبل الهزيمة بكل كرامة تمامًا، مثلما كان يفعل عند الاحتفال بالفوز الذي تحقق 19 مرة في المضمار.

وبحرارة بالغة قدم بولت التهنئة لجاستن جاتلين الفائز بسباق 100 متر، بينما أطلقت الجماهير في استاد لندن صيحات الاستهجان بوجه العداء الأمريكي الذي سبق له مخالفة لوائح المنشطات مرتين، وهنا تتضح المعضلة الجديدة لألعاب القوى.

فعبد اعتزال بولت أصبح جاتلين (35 عامًا) خليفته الذي يحمل لواء سباقات السرعة حاليًا يواجه موقفًا غريبًا من جانب ألعاب القوى، التي تبدو أنها غير قادرة على الثقة في البطل الجديد أو التسامح مع ما سبق له القيام به.

وبهذا فمن أين سيأتي أبطال الرياضة الجدد، ومن الذي سيحظى بهذا السحر والإعجاب الذي كان يحظى به بولت الذي يحلم الآن باللعب لمانشستر يونايتد في الدوري الانجليزي الممتاز لكرة القدم.

ولم تقدم بطولة العالم لألعاب القوى سوى إجابات جزئية لمثل هذه الأسئلة، رغم إصرار إيد وارنر الرئيس المشارك للجنة المنظمة لبطولة العالم الأخيرة بأن “بطولة لندن 2017 أعادت الثقة لألعاب القوى من جديد”.

وهذا صحيح. فقد كانت البطولة نابضة بالحياة واجتذبت جمهورًا هائلًا وحفلت بالعديد من المفاجآت، لكنها رغم كل ذلك لم تقدم كل المطلوب لهذه الرياضة، التي كانت لا تزال تئن تحت وطأة أزمة كبيرة أبقت روسيا أكبر دولة في العالم خارج المنافسات.

وبالتأكيد قدمت بطولة لندن لمحة عن مستقبل واعد من خلال نجوم من نوعية عالية، أبرزهم الرياضي القطري معتز عيسى برشم الذي قدم أداءً متميزًا بكل المقاييس ولم يتفوق أحد عليه طوال الصيف في القفز العالي.

وهناك أيضًا النرويجي كاشتن فارهولم الذي حقق فوزًا باهرًا في سباق 400 متر حواجز، ورياضية السباعي البلجيكية نافي تيام التي كسرت حاجز 7000 نقطة في النمسا قبل القدوم إلى لندن والهيمنة من جديد، لكن التشكيك في القدرة على النهوض من العثرة رغم ذلك استمر في لندن وواجه حماس وتفاؤل كو الكثير من الشكوك والتساؤلات أيضًا.

فعلى سبيل المثال عندما أنهى عداء المسافات الطويلة المتميز مو فرح مسيرته في سباقات المضمار بصورة متميزة بالفوز بذهبية سباق عشرة الاف متر وبفضية خمسة الاف متر وجد العداء البريطاني نفسه في موقف أضطر فيه للدفاع عن نفسه.

فقد وجهت إلى فرح من جديد أسئلة عن تلقيه التدريب على يد ألبرتو سالازار، الذي تحقق معه سلطات مكافحة المنشطات الأمريكية حول أساليبه التدريبية ليرد فرح على ذلك غاضبا “لماذا تطرحون هذه الأسئلة عاما بعد عام لتحتل العناوين من جديد، لقد حققت ما حققت وأنتم تحاولون تدمير إنجازاتي”.

أما بالنسبة للرجل الذي يرشح لحمل الراية بعد بولت، وهو وين فان نيكيرك فقد فشل في سعيه للجمع بين ذهبيتي سباقي 400 و200 متر، عندما فاز بذهبية السباق الأطول واحتل المركز الثالث في السباق القصير لينخرط في البكاء حزنًا على ضياع الفرصة.

لكن تعرض نجم المستقبل المرتقب في أكتوبر تشرين الأول الماضي لإصابة في الركبة خلال مشاركته في مباراة استعراضية للرجبي، أنهت موسمه مبكرًا وستبعده عن المنافسات مدة تصل إلى تسعة أشهر.

وفي ظل هذه الانتكاسة غير المرغوب فيها لعداء جنوب افريقيا المتميز، إضافة إلى استمرار الجدل القديم خارج المضمار، وقصص المنشطات التي لا تتوقف، فلابد فعلًا أن تكون هذه الرياضة أصبحت بالفعل تفتقد نجمها الجامايكي الأسطورة.

رويترز

شكرا للتعليق على الموضوع