من أراضي “تورا بورا” الحدودية .. “داعش” يهدد إيران
قالت وكالة أنباء “رويترز″، اليوم الاثنين، إن تنظيم “داعش” ربما يكون بسبيله للانحسار في العراق وسوريا غير أن خطره لا يزال قويًا في إيران ويتركز على المجتمعات الكردية على امتداد الحدود العراقية الإيرانية التي تحرك المتشددون انطلاقا منها في السنوات الأخيرة.
ونقلت الوكالة عن مسؤول أمني عراقي كبير في المنطقة الحدودية: إن “السكان المحليين يطلقون اسم ”تورا بورا“ على المنطقة على اسم المخابئ الجبلية التي فر إليها أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بعد أن غزت الولايات المتحدة أفغانستان في العام 2001”.
وأضافت الوكالة: أنه “في أواخر يناير/كانون الثاني سقط ثلاثة من أفراد الحرس الثوري قتلى في منطقة بامو في اشتباك مع 21 من مقاتلي داعش الذين تسللوا من العراق. وقال الحرس الثوري إن ثلاثة من المتشددين الانتحاريين فجروا أحزمة ناسفة ولقي اثنان آخران مصرعهما في الاشتباك”.
وقبل ذلك بأيام عثرت وزارة المخابرات الإيرانية على مخبأ للأسلحة في مدينة مريفان على الجانب الإيراني من الحدود كان فيه كميات من المتفجرات من مادتي تي.إن.تي وسي4 ومفجرات إلكترونية وقنابل يدوية وشرائط ذخيرة لبنادق كلاشينكوف وقاذفات صاروخية.
ويشير الاشتباك واكتشاف المخبأ إلى أن التنظيم لا تزال لديه القدرة على اختراق شبكة الأمن المحكمة في الجمهورية الإسلامية التي تمكنت إلى حد كبير من تفادي الدمار الذي تسبب فيه التنظيم في العراق وسوريا.
وقال حسين دهقان وزير الدفاع السابق الذي يعمل الآن مستشارا للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي في مقابلة مؤخرا مع وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء: ”اليوم لا يسيطر تنظيم داعش على بلد … ولكي يؤكد وجوده فربما ينفذ هجوما في أي يوم“.
وحلبجة أكبر المدن الواقعة على الجانب العراقي من الحدود تعيد إلى الأذهان ذكرى ما شهدته من هجوم كيماوي أمر به صدام حسين في العام 1988 وسقط فيه آلاف القتلى.
ووجود متطرفين دينيين في المنطقة حول المدينة ليس بالأمر الجديد فعند مدخل المدينة علقت صور رجال أمن من أكراد العراق المعروفين باسم البشمركة قتلوا في المعركة مع التنظيم.
وقبل غزو العراق عام 2003 كان أبو مصعب الزرقاوي المتشدد، الذي يحمله كثيرون مسؤولية إشعال نيران الحرب الأهلية بين السنة والشيعة في العراق، يقود مجموعة في المنطقة تسمى أنصار الإسلام اندمجت فيما بعد مع تنظيم داعش في 2014.
وقال مسؤولون أمنيون عراقيون وقادة من البشمركة مطلعون على الأمر، إن كثيرين من أكراد العراق وإيران الذين يقاتلون الآن مع التنظيم يمثلون الجيل الثاني من المتطرفين الذين تأثروا بإرث الزرقاوي الدموي.
ويعتبر المتطرفون السنة في التنظيم الشيعة الذين يمثلون غالبية السكان في إيران كفارا وقد هددوا مرارا بتنفيذ هجمات في الجمهورية الإسلامية. ويمثل الأكراد حوالي عشرة في المئة من سكان إيران وأغلبهم من السنة.
وقال هماي هاما سعيد أحد كبار قادة البشمركة وعضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي، إن المتشددين أعضاء التنظيم من الأكراد يستغلون معرفتهم باللغة والمنطقة وصلاتهم القوية عبر الحدود.
وقال سعيد لرويترز في قرية طويلة الحدودية العراقية على مسافة بضع مئات من الأمتار من الحدود الإيرانية: ”من المؤكد أن هناك روابط بين المتطرفين الإيرانيين والعراقيين على جانبي الحدود“.
وأضاف: ”المتطرفون استغلوا هذه المنطقة لأنها جبلية وصعبة وكثيفة الأشجار“.
ويقول مسؤولو الأمن العراقيون وقادة البشمركةـ إن كثيرين من الشبان لم يتلقوا تعليما كافيا ولا تتاح لهم فرص اقتصادية تذكر الأمر الذي يتيح للمتطرفين نجاح مساعيهم في التجنيد.
وتقول السلطات الإيرانية، إن مخبأ الأسلحة الذي عثرت عليه على الحدود كان سيستخدم في مهاجمة المدنيين في أماكن عامة بعد الهجوم المباغت على البرلمان في العاصمة طهران وضريح مؤسس الثورة الإيرانية آية الله روح الله الخميني في يونيو/حزيران الماضي والذي أسفر عن مقتل 18 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن ذلك الهجوم وهدد بشن المزيد. ورد الحرس الجمهوري على الهجوم بأن أمطر مواقع للمتشددين في سوريا بالصواريخ وألقى القبض على عشرات المشتبه بهم في إيران.
وقالت وزارة المخابرات الإيرانية، إن هجوم يونيو حزيران دبره متشدد عراقي يستخدم الاسم الحركي أبو عائشة وهو قائد كبير في وحدة من وحدات داعش التي تقاتل في العراق وسوريا مؤلفة من الأكراد بالكامل.
وقالت الوزارة، إن منفذي هجوم طهران شاركوا في القتال في الموصل والرقة وتدربوا خارج إيران.
وتظهر صور منشورة على الانترنت أبو عائشة عضو جماعة أنصار الإسلام قبل انضمامه لداعش وهو يقطع رؤوس جنود من البشمركة وهو يرتدي الزي التقليدي الكردي.
وفي خريف 2016 وصل عدد من مقاتلي داعش الأكراد بقيادة أبو عائشة إلى قرية حدودية عراقية قرب حلبجة لمحاولة إقامة قاعدة للعمليات يمكن أن ينفذوا منها هجمات في إيران والعراق وذلك وفقا لما قاله مسؤولون أمنيون عراقيون مطلعون على هذا الأمر.
وقال المسؤولون الأمنيون العراقيون والناشط الكردي مختار هوشماند الذي سجن في إيران باتهامات تتعلق بالأمن الوطني في الفترة من 2010 إلى 2012 والتقى عشرات من المتطرفين السنة خلف القضبان إن قوات البشمركة قتلت أبو عائشة في ديسمبر/كانون الأول 2016.
وأضاف هوشماند عبر الهاتف من خارج إيران أن ما حدث بعد ذلك هو، أن سيرياس صادقي، الذي كان يدير مخبزا على بعد نحو 15 كيلومترا من الحدود، أصبح المسؤول الأول عن التخطيط لهجمات طهران.
وكان صادقي يعرف أبو عائشة وعبر الحدود ذهابا وإيابا معه أكثر من مرة.
وقال هوشماند: ”كان صادقي لا يزال حريصا للغاية على أن تنفذ هذه العملية. لعب دورا كبيرا“.
وخلال الهجوم على ضريح الخميني فجر صادقي سترة ناسفة مما أطلق كرة من اللهب تم تصويرها على مقطع فيديو صوره أحد الهواة. وقتل المهاجمون الأربعة أيضا.
ويقول منتقدون للحكومة الإيرانية إن الجمهورية الإسلامية تحصد ما زرعت في المنطقة إذ تقاعست عن شن حملة في وقت سابق ضد المتشددين لأنهم كانوا قوة مضادة للجماعات العلمانية التي تعارض الحكومة المركزية.
ونشر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وهو جماعة إيرانية معارضة تسعى لمزيد من الحكم الذاتي للأكراد، تقريرا على الإنترنت في 2014 عن نشر المتشددين دعاية لتنظيم داعش ومحاولتهم تجنيد الشبان للتنظيم في إيران. وذكر الحزب اسم صادقي باعتباره فردا يمارس أنشطة التجنيد في باوة.
وقال محمد صالح قادري وهو مندوب عن الحزب في أربيل: ”كانوا في معظم المساجد في كردستان وكانوا ينشرون الدعاية لكن الجمهورية الإسلامية لم تعتقل أحدا منهم“.
وفشلت محاولات الوصول إلى مسؤولين من وزارة الداخلية الإيرانية للتعقيب لكن وثائق تظهر أن السلطات الإيرانية كانت على علم بالخطر المتنامي.
وأشار تقرير أصدرته وزارة الداخلية الإيرانية في 2014 إلى أن ”الكثير من الأكراد الإيرانيين السلفيين أعلنوا استعدادهم للانضمام إلى تنظيم داعش في العراق. وسافر كثيرون منهم إلى سوريا“.
وقال التقرير: ”الجماعات السلفية والتكفيرية الإيرانية تدفع بالشباب الكردي الإيراني إلى صفوف الدولة الإسلامية وترسلهم إلى العراق“.
وأضاف التقرير: ”لا يمضي يوم إلا وتقام فيه جنازات لهم في كردستان إيران أو كردستان العراق… في المستقبل سنشهد انضمام عدد كبير من الأكراد الإيرانيين… إلى داعش“.