مدحت محى الدين يكتب : التعليم فى مصر
استوقفتنى قصة تحكى فيها أم عن تجربتها مع معلمة ابنها الطالب فى المرحلة الإعدادية فى أحد المدارس الدولية ، حيث تم استدعائها من قبل المديرة لتجلس أمام أخصائى اجتماعى وطبيب نفسى وإحدى المعلمات والمديرة نفسها ليخبروها بأن ابنها قد حصل على 47 من 70 فى أحد المواد ، وليس هذا فقط بل شكوا لها من فرط حركته وعدم تجاوبه مع المعلمين داخل الفصل وختموا حديثهم معها بأنهم قد يئسوا تماماً من التعامل معه وأن عليها التصرف حيال ذلك .
عادت الأم الحزينة إلى بيتها وهى تشعر بالعجز الشديد والحيرة فإذا كان كل هؤلاء لا يستطيعون التعامل مع ابنها فمن يستطيع ؟! ، وماذا يجب عليها أن تفعل وكيف تتصرف ؟! ، هى أدخلته النظام الأمريكى لأنه فى نظر الجميع أفضل من النظام العادى وينصح به أخصائيين تعديل السلوك للأطفال الحركيين فما الذى يجب أن تفعله أكثر من ذلك ؟! ، بعد قليل دخل عليها ابنها يريد أن يريها بعض الاوراق استوضحت منه ما الذى تحويه هذه الأوراق فتفاجأت به يخبرها بأن لديه مشروعين ، أولها هو مشروع لتوفير المياه فى المنازل والآخر لاستخدام الطاقة الشمسية كبديل للبنزين !! ، وأعطاها الأوراق التى رسم بها المشروعين وأخذ يشرحهم لها !! ، دمعت عينا الأم وسألته لماذا لم تريهم لمعلمة العلوم ؟ ، أخبرها بأن المعلمين لا يستمعون إلا لأنفسهم وأن ليس لديهم أى استعداد للاستماع للطلبة وأنهم يفتقرون إلى الصبر وطول البال ، أصبحوا كالماكينات التى تشرح الدرس وتخرج وأنه يجلس بالفعل وهو شاعر بقمة الملل وبدلاً من أن يستمع لهم يظل يرسم ويخطط لمشاريع مثل التى شرحها لها ! .
ختمت الأم قصتها بأنها حزينة لتردى مستوى النظام التعليمى فى مصر للدرجة التى أصبح القائمين عليه مهتمون فقط بتحصيل الدرجات على حساب طريقة التعليم نفسها وعلى حساب الاهتمام بإستيعاب الطلاب وأنها فخورة بإبنها …عندما سمعت هذه القصة وجدت التفسير المنطقى لخروج مصر من التصنيف الدولى للتعليم بعد ان كانت مصر قديماً ترسل البعثات للتعليم بالخارج وبعد أن كان لنا الريادة فى العلوم أصبحت مصر فى مستوى متردى للغاية ، فى كل سنة نسمع ادعاءات من جانب وزارة التربية والتعليم أنه سيتم التطوير ثم نجد أنهم عام يلغون سنة سادسة ابتدائى وعام يرجعونها ! .
المناهج ما زالت تحتكر صفة ” الحشو ” ويوم يفكرون فى التطوير يقومون بإنزال منهج سنة ثانية ليدرس لسنة أولى !! ، مثلهم مثل الذى يلعب لعبة ” التباديل والتوافيق ” ، ليس هناك تطوير فعلى للمناهج بحيث يساعد الطالب على توسيع مداركه وعلى استخدام عقله بدلاً من ” الحفظ ” ، والمدرسين أنفسهم أصبح شغلهم الشاغل هو البحث عن لقمة العيش ، والمدارس الدولية أصبح شغلها الشاغل هو ” البيزنس ” وجمع الأموال وأدخلوا موضة الاستعانة بأطباء نفسيين لا يهتمون حقيقة بنفسية الطفل قدر ما يهتمون بجمع الأموال ، أين ذهبت التربية الحق ؟ وأين ذهب التعليم الحق ؟ أين ذهب المعلم القادر على التدريس وفى نفس الوقت قادر على استيعاب طلابه ؟ متى تطبق وزارة التعليم نفس الأساليب المتبعة فى الدول المتقدمة تعليمياً كفنلندا مثلاً ؟ للأسف المسئولين أثبتوا أنهم لا يستطيعون أن يحذو حذو الدول المتقدمة ولا أساليبهم فهم يقومون بتدمير أى أساليب بسوء التطبيق كما حدث مع تجربة المدارس اليابانية التى فشلت قبل أن تبدأ ، متى سيستقيم المعوج ؟ وإلى متى ستظل مصر تعليمياًُ فى هذا المستوى المخزى ؟ ، العالم المصرى الحائز على جائزة نوبل أحمد زويل له مقولة ” الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء ، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل ” إلى متى سيظل الهرم مقلوب ؟ !!! .
اقرأ للكاتب :
مدحت محى الدين يكتب : سكان العشوائيات ليسوا صعايدة فقط