لؤي ديب يكتب : كلام في الممنوع “صفقة القرن – الجزء الأول”

كثير هو الجدل الذي يدور في الشارع العربي عامة والفلسطيني خاصة حول صفقه القرن ويتخيل الجميع ما يمكن أن تُلقي علي الفلسطنيين والمنطقه .

كان دوماً في كل كتاباتي تلميح لعواقب وخيمه تنتظرناً حتي أصبحت أخجل ما تعصب نظرتي التشاؤميه للقادم ، وأنا اعلم وكثير يعلمون أنني اركز فقط علي حقائق داغمه لا تقبل الشك، ولكن ما دفعني للكتابه عن هذه الصفقه هو التطورات الدراماتيكيه حولها وتسارع الأحداث وغباء التعامل معها .

أولا : ليكن معلوماً قبل كل شيء أن صفقة القرن ليست وليده أفكار ترامب وفريقه وإنما هي تنفيذ لاستراتيجيه قديمه وضعها الكونجرس كقانون تنفيذي في عهد جون كيندي الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة من 20 يناير 1961 حتى اغتياله في 22 نوفمبر 1963 ، وقد جاء هذا القانون والذي سُمي وقتها بقانون ( صفقة القرن) كمصالحة بين الكونجرس والرئيس كيندي علي اثر نتائج لجنه تحقيق اثبتت تراسل كيندي مع عبد الناصر للاضرار باسرائيل بعد الكشف عن تبادل كينيدي لرسائل مع جمال عبد الناصر تتعلق بالقضية الفلسطينية.

 حيث اتفق كينيدي وعبد الناصر على حل للقضية الفلسطينية، يتم تطبيقه بإشرافهما وكان سيضع الاسرائيلين في بقعه جغرافيه ضيقه ويعيد للفلسطنين أغلب حقوقهم ، وعندما اكتشفت اسرائيل الأمر وبعد نتائج التحقيق ضغطت من اجل وضع قانون يحميها ويوفر رؤية مشروعها تنفيذياً ، وكان المشروع يفترض أن يصل نهايته بعد سبعين عام من البدء بتنفيذه ، وهناك بند يسمح للرؤساء الامريكيين بتسريع تطبيقه أو اختزال الزمن اذا كانت الفرصه سانحه ، وكان أغلب رؤساء امريكا قد ابطئوا خطواته ، إلي أن جاء اجتماع ترامب مع رؤساء الاجهزه الامنيه في امريكا ولجنه الامن القومي بالكونجرس وواجهه سؤال غير مباشر منهم حول موقفه من تنفيذ خطه تفرض لاسرائيل سيطره في الشرق الاوسط وتنهي المشكله الفلسطينيه ، المفاجأه كانت برد ترامب عليهم عندما قال : اذا كنتم تقصدون قانون “صفقه القرن” فسيكون أول قرار تنفيذي لي هو تسريع تنفيذه واختزال 30 عاماً لينجز قبل نهاية ولايتي ، وقد فعل! .

هذا لمن لا يعملون عن ماذا يتكلمون وما الذي يواجهوا ، وهم لا يدركون ان أغلب الأحداث التي يعيشوا هي تنفيذ دقيق لهذا القانون وانه لا يحق لاي اداره امريكيه تغير السياسه الاستراتيجيه نحو اسرائيل في او فلسطين وانما ينفذ ليصل الي النهايه ، حتي اصغر الاحداث وهذا ما نعييش منذ العام 1962 اي قبل عام من إغتيال كيندي والذي تردد الكثير من الأقاويل ان اسرائيل اغتالته وعاقبته بسبب ما سبق ، في احاديث وروايات تكتب منذ عشرات السنين في امريكا ، والمفجع المضحك أننا نعتقد انها رهينه بترامب وهناك من يراهن علي اللعب بالزمن لرحيله او يتواطأ اخرون لانجاز مكاسب علي حساب الشعب الفلسطيني . لذا فلنتوقف أولا عن الحديث بأن الصفقه تتعثر بل تتقدم .

ثانيا: ما لا يعلمه الكثيرين أن الكونجرس ادخل تعديلاً سريا علي القانون في عهد ترامب ليشمل العالم كله لانشاء نظام عالمي يتبع أمريكا ، وهو ما منح ترامب ميزانيه سريه مرعبه وفريق عمل متفرغ وسلطات علي سلطات تنفيذيه لتنفيذ الصفقه ، لذا نحو نواجه عملا منظما وتُسخر له امكانيات وموارد هائله .

ثالثا: كي تتثعثر الصفقه فعلا فهي تحتاج إلي عمل علي الأرض في تغير واقع مفاصل فيها تجعلها تنشرخ وتتحطم لا أن تتعثر ، ويمكن أن تلقن الكونجرس درساً بأن لا يتدخل في تقرير مصير الشعوب وتخلق فضيحه في أمريكا وتضع الشعب الأمريكي في مأزق مع من يحكمونه لأنهم سيكون عليهم تقديم تفسير للشعب الأمريكي عن الالاف المليارات التي صرفت بشكل سري منذ العام 1962 حتي تاريخنا ، بشكل سري لأجل عيون إسرائيل قبل أن يحول لقانون عالمي في عهد ترامب ، ولكن للاسف هناك أداء غربي فيما يتعلق بهم جيد في الأداء ، واداء عربي واسلامي وفلسطيني ضعيف جعل تطبيق المرحله الأخيره قاب قوسين وفاجأ حتي القائمين عليها.

رابعا : الجولات المكوكيه في المنطقه ليس لرسم معالمها او استسقاء وجهات النظر وانما لتهيئه خطوات تنفيذيه قادمه وهناك تغيرات مهمه في العالم ومواقف كانت تُتخذ للوصول إلي نهايات الصفقه ، لذا فالجميع العربي والفلسطيني في الكمين ، حتي ان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أدخلت، تعديلا مبدئيا في القائمة الرسمية لمهامها، من دون أن تعلن عن ذلك رسميا وقد اقدم البنتاجون علي شطب من قائمة مهامه مصطلح “ردع الحرب” ووضع مكانه مصطلح “دعم النفوذ الأمريكي في الخارج”.

النسخة السابقة من قائمة مهام البنتاجون، التي تم إقرارها قبل سنين كانت تنص على أن مهمة وزارة الدفاع تكمن في “تهيئة قوات مسلحة لردع الحرب وضمان أمن الدولة”، بينما أصبحت في النسخة الجديدة “تهيئة قوات قتالية مشتركة لضمان أمن الدولة ودعم النفوذ الأمريكي في الخارج” وكأن العرب لا يدركون أنهم سيواجهون مراحل صعبه في الخطة ، وأننا سنري قريبا قوات امريكيه في عمق المنطقة تدخل حروب الي جانب اسرائيل ضدهم وليس ضد ايران كما يعتقدون، فايران هي ايضا من ينفذ الجزء المطلوب منه في الخطه .

خامسا: نعم هناك طرف فلسطيني غير متوقع منغمس حد التسليم في الصفقه ليكمل دوره المطلوب منذ الانقسام ، نعم غزه تنتظرها سنوات مشميشيه والضفه سنوات طاعونيه ، نعم هناك فشل في التعامل وادارك للاستراتيجيه من البعض الفلسطيني ، والرافض والمتامر كلاهما منغمس بتنفيذ الخطه الأول عن جهل والآخر عن علم لذا فنحن امام كارثه .

سادسآ : فيما يتعلق بفلسطين شبه دوله في غزه وسيطره اسرائيليه شامله علي الضفه ، وتهجير للكثيرين وتقليص للدور المصري وسحب رعايه المقدسات من الاردن ونفوذ لدول اخري منها دوله سحبت في ثلاث اعوام فقط من كفاءات غزه 45 الف شخص ، واستقبلت استثمارات من فلسطين ب 4.5 مليار دولار، يا من تهللون لزعيمها الذي يكرر جرائم اجداده معكم وكأننا لا نعطف الماضي الي الحاضر لنري المستقبل .

سابعآ : نعم لا يوجد ابداع سياسي فلسطيني في خطه بديله تقلب الموازين وتعيد الحسابات كتغير المطلب الاستراتيجي من الدولتين الي حل الدولة الواحدة وتغير الموازين وخلق نقاش جدي في امريكا حول الاساس في المشروع ، يمكن ان تعطي تطمينات وتخلق نقاش وتضع جدول زمني ، مثل اخذ مثال من جزر وراء البحار التي تخضع للولايه الامريكيه او الفرنسيه او البريطانيه والتي اندمجت وحملت جنسات هذه الدول وانتظرت سنوات ليسمح لها بالتصويت في الانتخابات كعامل ثقه وحصلت علي الجنسيه وكل الحقوق وهو ما سمي بالاندماج التدريجي الذي يزيل المخاوف ، وانا هنا لا أدعو لذلك بل اخذ امثله للابداع ، او أن ينتخب الشعب الفلسطيني مفاوضيه فيما يتعلق بحق تقرير مصيره في التفاوض علي مسوده اتفاق لا تنفذ الا باستفتاء فلسطيني شامل لكل فلسطيني الداخل والخارج مما كان سيعني مواجهة الضغوط ووضع الاداره الامريكيه امام شعبها في مواجهة الشعب الفلسطيني واخرج الموضوع من يد القيادات وتحررههم من الضغوط والاستسلام والمتاجره ، وجعل التنظيمات تتفرغ لتنفيذ اراده الشعب بدلا من استلابه حقوقه ، وهناك من يتسابق للفوز بالامريكي علي حساب اخيه وكأنهم لا يعلمون أنه ليست كل المعارك التي نفوز بها تعطينا ربحاً فهذا فوز يورد المهالك ، وصراحة فوز حماس بذلك علي السلطه في التهاوي للاتفاق انما يشكل خسارة ولا يعطينا أي ربح ، وعلي الارض انقسام وعناد غريب يشطر الوطن أكثر مما سوف تشطره الصفقه وتنظيمات أصبح الحكم لها هدف والوطن وسيله ، وشعب فتك به الاحباط وصعوبه المعيشه ، لذا فالمشكله لا تكمن في الصفقه ولكن باولئك الذين لا يعرفوا اللعب معها او الاستفاده منها استراتيجيا بفتح الملف لتغير قواعده ، وجربوا كل الاوراق الا الورقه الرابحه وهي الشعب الفلسطيني .

نعم تعب الشعب ومن حقه ان يعرف خياراته ويفاوض علي مستقبله ممثلين حقيقين له وليس خاطفي حقوق ، فامريكا وضعتكم جميعا في الخطه وتتعامل معكم ومع شهواتكم وتمارس ضغوطها ولعبها علي كل من حولكم ولو اردتم تصديقي اسألوا اصدقائكم في ماليزيا عندما حاولوا الضغط لصالحكم كيف اخرجت لها امريكا ملف الاتجار بالبشر فتهوات وتراجعت ، والموقف العربي والاسلامي يتهاوي ويتداعي وهناك تراجع مغربي مثلا علي وعد علي دعم مشروعها في الصحراء ، وهناك ضغوط اقتصاديه في الصفقة علي دول الخليج وتغير ديموغرافي في التركيبه السكانيه لبعض دولها واقصي ما وصل اليه الجهد العربي هو حولوا ضغوطكم للفلسطنيين وابلغونا بالمطلوب منا لتحقيق ذلك ، ونحن سنتبع موقف فلسطيني ولا تضعونا في احراج مع شعوبنا وعندما كانت مصر اكثر صراحه في التعامل طالها الغضب وفُتحت ملفات قديمه وتعطلت صفقات واعيد تمويل حركات معارضه ، ويتم العمل علي افشال مشروعها البديل في جنوب السودان في تشكيل البحيرة الرادفه وسترون ذلك قريبا ومن يشارك فيه ، والاردن كان امامكم عينة وما يحدث في طهران من مظاهرات لن يسقط النظام هناك بل سيفضي الي تفاهم حول اسرائيل لوقف التظاهر ويسهل تنفيذ الصفقه حتي سوريا فيها تفاهمات تجري مقابل الصفقه، فتغيرآ ينتظر العالم بعد اتمام الجزء الخاص بنا ، فهل يدرك الفلسطنيين في أي ملعب يلعبون وفي أي حقل الغام يعبثون.

يتبع …. الجزء الثاني

اقرأ للكاتب : 

لؤي ديب يكتب : كلام في الممنوع

شكرا للتعليق على الموضوع