يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

دعونا لا نخلط الأوراق …

بعيداً عن اداء منتخب الفريق المصرى لكرة القدم المذرى والسئ والذى لا يختلف عليه أحد

وبعيداً عن الأسباب اللا نهائية التى أدت الي تلك النتيجة الحتمية وخروجنا من دور الاول بهذا الشكل المخذى والمهين واللذان أديا الى شعورنا نحن كشعب مصرى بالانكسار والاحباط والخيبة 

الا ان من بين جميع المشاهد والبوستات والتعليقات والتعقيبات والتحليلات وما الى ذلك ، استوقفنى وأحزنني بالأخص مشهد قد حدث بعد هزيمتنا امام منتخب السعودية وعودة منتخبنا الى الفندق ونزوله من الحافلة التى استقلته الي هناك …..

رأيت بعض مشجعى الكرة المصرية من المصريين طبعاً ، يهتفون ضد اللاعبين ويوجهون اليهم الفاظ بذيئة للغاية …

مما ترك فى نفسى أضعاف الحزن الذى كان قد طالنى بسبب هزيمتنا واضعاف مضاعفة من الشعور بالخذى والعار

لما … لانى ان كنت قد حزنت وشعرت بالخذى فى اول الامر من أداء الفريق ، الا ان أداء هؤلاء الأشخاص -كممثلى للجمهور المصرى – بعد النتيجة كان اكثر إحباطا ،

فكما فشل المنتخب المصرى فى تمثيل الكرة المصرية بشكل لائق امام العالم، فقد اخفقت تلك الجماهير أيضاً فى تمثيلنا نحن كشعب مصرى امام العالم …

فشلوا فى الالتزام بقواعد الأدب والاخلاق والتحلى بالروح الرياضية وأخفقوا فى تشريفنا

قد ينسى العالم يوماً ما ، ما فعله منتخب كرة قدم فى الملعب ، لكنى اكاد اجزم انه لن ينسى ابدا ما قامت به جماهير منتخب ما من تعديات وإهانات لمنتخبه اثر سقوطه !!!

ربما يعكس فشل منتخب ما : سوء تدريب ، سوء تخطيط ، ضعف فريق ، او إمكانيات محدودة …. كل هذا مغفور ويمكن اصلاحه اذا ما أردنا ذلك حقاً

ولكن ردة فعل الجمهور تعكس : ثقافة شعب متدنية ، سوء اخلاق ، روح رياضية غابت وفى الأغلب لن تعود حتى إشعار اخر

فكيف سينسى العالم ذلك وكيف سنغير نحن ما بأنفسنا ؟!!! هذا هو السؤال المعضل

ولهذا اجتاحنى هذا الشعور العميق بالغضب والثورة تجاه المشجعين … ان جاز التعبير واستطعنا ان نلقبهم بمشجعين … فكلمة مشجع تأتى من الفعل “شجع” … شجعَ يشجع مشجِع (معروفة)

فإذا كنت سأقف كالأبله أسب لاعبى منتخب وطنى هكذا على مرأى ومسمع من الجميع وامام مشجعى الدول الاخرى … فهل استحق لقب “مشجع”

بالاحرى ان ألقب بال ” المحبط ” وألقاب اخرى كثيرة سأمتنع عن سردها حتى احتفظ بأخلاقى امام العالم !!!

والسؤال الاخر الذى جعلتنى اجابته أستشيط غيظاً … هو لم ردة الفعل الهوجاء تلك !؟ فأتت الإجابة بسيطة سهلة ….

لاننا وبمنتهى البساطة اعتدنا ان نعلق أخطاءنا على شماعة الآخرين و نجيد كشعب فن الإسقاط بحرفية تامة ….

اى نعم … فشل المنتخب المصرى فى اداء مهمته على اكمل وجه ، ولكن من منا لم يخفق يوماً فى اداء مهمته على اكمل وجه !!!

هل أصبحنا جميعاً معصومون من الخطأ !؟

هل نجحنا فى كل الأدوار التى أسندت لنا …

هل نجحنا جميعاً فى دراستنا وكنا دوماً من الأوائل … الم نذق كلنا يوما طعم الرسوب بشكل او اخر

الم نجد مئات الأسباب والمبررات لانفسنا حينها !؟

الم نقل لانفسنا انها ليست نهاية العالم … فلماذا هى اذن نهاية العالم بعد عدة مباريات لكرة القدم ؟!؟

هل استتب الأمن فى جميع النواحى الاخرى من معيشتنا ولَم يتبق سوى الرياضة وخصوصاً رياضة كرة القدم لنندب حظنا عليها !!!

هل المنظومة التعليمية فى بلادنا رائعة وهل يضرب المثل بالمنظومة الصحية فى بلادنا مثلاً !؟

هل تفوقنا وبرزنا فى جميع المجالات ولَم يتبق سوى الكرة !؟

هل نجحنا فى عملنا ووصلنا الى اعلى المراكز بالجد والاجتهاد … أم تظل “الكوسة بالبشميل ” تتصدر العوامل الرئيسيّة حتى يومنا هذا فى النجاح والتفوق !!!!!

هل نحن سعداء حقاً و راضون بِمَا آلِ اليه حالنا … بمرتباتنا الشهرية ، بمستوى معيشتنا ، بحياتنا بصفة عامة …

اعتقد لا ….. فأنا واحدة من الملايين الذين اصابهم الاحباط الشديد وكادوا يرفعون الراية البيضاء ويستسلموا طوعاً للاستسلام

انا واحدة من هؤلاء الذين امتلأوا يوماً بكم هائل من الطاقة الإيجابية ولَم يعد لديهم منها اليوم شئ يذكر !!!!!

كلنا نشعر بذلك ، كلنا نبحث عن بداية جديدة، عن امل وليد ينمو ويصبو أمام اعيننا

عن قشة نتشبث بها، بينما نغرق فى بحور الخيبة وقلة الحيلة

وكانت قشتنا ، المنتخب المصرى لكرة القدم … وضعنا على عاتقه تلك المسئولية الثقيلة …

نحن حزانى فعليك ان تفرحنا …

نحن محبطون فعليك ان ترفع من معنوياتنا … نحن فشلنا فى بلوغ القمة ، فابلغها انت نيابة عنا ….

نحن حطام بشر ، فكن انت الكيان الراسخ لنا

هل هذا من العدل … ان نسقط كل شئ عليه

أليس هذا المنتخب جزء من نسيج هذا الوطن

ألم نفكر للحظة انه ربما ربما ، يمر لاعبيه أيضاً بنفس تلك المشاعر المتضاربة !!

ألم نفكر ان ما اصابنا هو فى الأغلب ما اصابهم …

الم نفكر انهم ربما يكونوا مثلنا ، مشروع نجاح لم يكتمل ، بذرة طموح لم تنمو ، لان أحداً لم يعتنى به اعتناء صحيحاً

والاعتناء لَيْس فقط عبارة عن دخل جيد وراتب مغرى … فمنا من يتلقون راتباً جيداً ولكن هل يشعرون بالنجاح حقاً !!!

الاعتناء يكون باشياء اخرى كثيرة لن أتطرق اليها لانها ليس مجال للنقاش الان ، ولكن دعونى اذكر واحدة منها وهى الرعاية الصحيحة وتبنى القدرات

هل نشعر ان هناك من يلتفت الى قدراتنا حقاً وينمى تلك القدرات او ينظر الى نقاط تطوير داخلنا فيعملون على تطوير تلك النقاط !!!

دعونا لا ننسى ان افضل الفرق الموسيقية ” هتنشز ” لو لم يكن لديها مايسترو محترف يقود تلك الفرقة ويوجهها توجيهاً صحيحا ويوظف جميع الاَلات توظيفاً ذكياً حتى تخرج الى النور اروع السمفونيات ….

ختاماً ، حتى لا أطيل عليكم الحديث ، دعونا نكف عن جلد بعضنا البعض ، فكلنا فى “الهوا سوا”

دعونا نتوقف عن البحث عّن “الشماعة ” التى نلقى عليها جميع همومنا واوجاعنا وانكساراتنا … فربما تكون الشماعة هى الاخرى مكسورة !!!!

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة : 

يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شكرا للتعليق على الموضوع