مروان أبي عاد يكتب : سلبية الخوف “أسبابها وطريقة معالجتها”

الخوف هو أكثر ما يعاني منه الأغلبية الساحقة من البشر، ولو تعمقنا قليلًا في فهمه ودراسة نتائجه وتأثيراته على المرء، لاكتشفنا أنّه المسبب أو الدافع الأكبر لارتكاب سلبيات حياتية أخرى عديدة. فالخوف أكان ظاهرًا واضحًا أو خافيًا عميقًا، تأثيره مدمّر على صاحبه في الدرجة الأولى، وربما على من حوله. هذا مع العلم أنّ معظم الأشخاص يخْفون هذه الصفة السلبية لديهم، ربما خجلًا من البوح بها.

ولكن مما نخاف؟ وكيف يجب أن نعالج هذه المسألة بصدق وجدّية؟ 

الإنسان بشكل عام يخاف من المجهول، أي أنَّ كل ما يجهله يشكّل له نقطة ضعف قد تصبح أرضًا خصبة لتنامي الخوف وتبعاته. في تلك الحالة لا بد أن نتساءل، هل تفتيح الوعي وتوسيع نطاق المعرفة في النفس يحدّان من تفشّي سلبية الخوف فيها وسيطرته على تصرفات الفرد؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟

 مع تعرّف الفرد إلى علوم الايزوتيريك، إن من خلال قراءة مؤلفاته التي ناهزت المئة مؤلف حتى تاريخه (وهي صادرة باللغة العربية توقيع الدكتور جوزيف مجدلاني – ج ب م – كما أن بعضها ترجم إلى ثماني لغات أجنبية)، أو من خلال حضور المحاضرات الإيزوتيريكية العامة، تتكشف له السلبيات الكامنة في نفسه. ومن أهم ما أضاء عليه منهج علم الإيزوتيريك ثلاثية سلبيات هي: الخوف، الخجل، التردد. ومن يبدأ بالعمل على وعي سلبيات نفسه وتحديدها من منطلق الجديد الذي تقدّمه معرفة الإيزوتيريك لمتتبعيها، يُساعد بشكل كبير على فهم الخوف في النفس، كسلبية أساس تحجب امكانية التطور في الوعي عن مريد المعرفة.

للوهلة الأولى ومع المثابرة على تطبيق منهج علوم الإيزوتيريك عمليًا كأسلوب حياة، يكتشف مريد المعرفة أن إزالة سلبية ما من النفس – ومنها سلبية الخوف – يحتاج إلى المثابرة والتعمق في فهم النفس أو معرفتها (جوهر ما يقدّمه منهج علوم الإيزوتيريك أي تقنية إعرف نفسك).

وإذا ما أردنا معالجة الموضوع من زاوية مغايرة، نطرح السؤال ما هو الخوف؟

علوم الايزوتيريك هي علوم الأسباب قبل النتائج، بالتالي فإن معالجة النتائج تستوجب الغوص في مسبّباتها لمعالجتها من جذورها. فالخوف الذي نحن بصدده هنا هو الخوف العميق، الخوف الخفي وربما المبطّن في النفس… وهو قد يستوجب مواجهات داخلية وخارجية، حيث المواجهة الخارجية تساعد المرء الذي يعاني من الخوف على تطوير مقدرة التعبير في المكان والزمان المناسبين. أمّا المواجهة الداخلية، فهي فعل الإرادة الراسخة في مواجهة سلبيات النفس، بعد الاعتراف بها، بمحبّة الوعي- الهدف الأهم على الصعد كافة.

في المواجهة الداخلية، من المهم ألا يسعى مريد المعرفة الالتفاف حول السلبية التي باتت تعيق تقدّمه وتطوّره وارتقائه. بل مواجهتها مباشرة بحيث لا يظهر شيئًا مغايرًا لحقيقة نفسه الخافية. هذا وتشرح علوم الإيزوتيريك أنّ الخوف مشاعري المنطلق، لكنّه يؤثّر سلبًا بالفكر فيعطل عمل المنطق فيه… ولتفادي هذا التأثير السلبي للفكر من المهم ابقاء الفكر نشيطًا متوثبًا واعيًا هدفه القريب والبعيد في آن.

الفكر الواعي يدرك أنّ الخوف عامة وهم أو سراب. فمع تفتُّح النفس تتنقّى المشاعر فيخف تأثّرها بالخوف. وكلما تقدّم المرء على درب الوعي، اتضحت الرؤيا نتيجة التعمق في معرفة نفسه وتطوّر مقدرته على ربط الأسباب بنتائجها.

ومن بعض الأمور العملية التي تساعد في رأيي على اضعاف الخوف في النفس لازالته، الوسائل العملية الآتية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:

– النظام والتنظيم والانتظام. كثلاثية تساعد على كشف ألاعيب اللاوعي في النفس. فهذه الثلاثية تساعد على ملء فراغ الفكر والمشاعر فلا يعود يتسلّل إليها الخوف.

– وضوح الهدف في الحياة، على أن يصب هذا الهدف في رفع مستوى الوعي الفردي.

– المثابرة على تقوية الشخصية الفردية من خلال إزالة السلبيات من النفس وإحلال الإيجابيات مكانها بموجب منهج علم الإيزوتيريك.

– اقتران الأقوال بالأفعال، من دون استنسابية في التطبيق العملي لمعرفة علم الإيزوتيريك.

معالجة سلبية الخوف أو سلبيات أخرى هو تعمق في معرفة النفس، ومثابرة على تطبيق المعرفة عمليًا لاكتساب المقدرة على ربط النتائج بمسبّباتها، فلا تنتفي السلبية فحسب وإنّما يرتقي المرء في وعيه تطبيقًا عمليًا في الحياة.

الكاتب باحث في علوم الايزوتيريك 

اقرأ ايضا

ندى شحادة معوّض تكتب : حس الجمال … كيف نصقله؟

شكرا للتعليق على الموضوع