ناجي وزوزو..شاعر الأطلال يعشق “سكينة” بطلة الرعب!
أشهر قصص الحب بين المشاهير..يرويها محمد رفعت
من كتاب : اقاصيص العشق
دخل الشاعر الرقيق إبراهيم ناجي حياة الممثلة السينمائية زوزو حمدي الحكيم شاهرا قلبه.. وقلمه.. لم تكن زوزو هي أولي ملهماته.. ولم تكن آخرهن.. لم تكن أول حب يدق قلبه.. ولم تكن أيضا آخر حب.. لكنها كانت أعظم حب في حياته!
الفارق بين عمريهما تجاوز سبعة عشر عاما؟
كلاهما ينتمي الي شهر ديسمبر.. برجهما واحد.. وقلبهما عاشقان.. قلبها لم يفتح أبوابه من قبل.. وقلبه لم يكن يوما منغلقا.. أحب الفنانة زينب صدقي.. فنظم في غرامها قصيدة وداع المريض.. وأحب الراقصة سامية جمال فكانت قصيدة »بالله مالي ومالك«.. ووقع في غرام الممثلة زوزو ماضي فألف قصيدته صخرة المكس.. ثم عشق الشاعرة أماني فريد فكانت قصيدة »أمل« وأحب العازفة الموسيقية »أنعام« فنظم قصيدة »صولة الحسن؟
تخرج ابراهيم أحمد ناجي في مدرسته الثانوية بحي شبرا ليدخل كلية الطب ليتخرج فيها عام 1922 ثم عمل طبيبا في مصلحة السكك الحديدية ومنها الي وزارتي الأوقاف والصحة.. كان الشاعر ابراهيم ناجي يتعيش من مرتبه كطبيب ويعيش علي قصائده كشاعر.. بزغ نجمه بعد أن ترجم لأول مرة أشعار شكسبير و بودلير و ديموسيه ولامرتين، ذاع صيته بعد أن أصدر ديوانه الأول “زوراء الغمام”، ثم” ليالي القاهرة” ومن بعدهما ديوان “في معبد الليالي” و”الطائر الجريح”.
أصبح الطبيب الشاعر نجما فوق صفحات الجرائد والمجلات.. وبين سطور دواوين الشعر وداخل صالونات الفكر والأدب.. وبدأت تهفو إليه فنانات مصريات.. وبدأ قلبه يتسع لحبهن واحدة بعد الأخري.. كان يري في كل واحدة منهن جمالا تنفرد به عن غيرها.. كل امرأة من نساء الدنيا لها موطن للجمال لا يدركه غير قلب مرهف بين ضلوع رجل عاشق وكان وحي الشعر يغزو عقل ناجي مع كل حب جديد.. كانت الأبيات تنهمر فوق رأسه كالمطر.. وكان يسرع بالتقاط ورقة.. أو حتي علبة سجائر ليكتب أشعار اللحظة التي يعيشها!.. كتب في الفنانة نجوي سالم أرق وأصغر قصيدة حب وخطها لها بقلمه فوق علبة سجائرها! فانصرفت دون أن تعيد له علبة السجائر التي ظلت تحتفظ بها حتي سكرات الموت!
لكن حكايته مع زوزو حكاية؟
أحبها بعنف منذ النظرة الأولي.. أحب صورتها قبل أن يسمعها وأحب عينيها قبل أن تبادله نظرات الهيام!.. لم تكن زوزو حمدي الحكيم تحظي بالجمال الذي تحظي به فتيات الأحلام وملهمات الشعراء.. لم تكن ساحرة العين ولا طويلة الشعر ولا ذهبية الخصائل.. ولا حلوة التقاطيع.. لكن ناجي كان يبحر فيما وراء الملامح والشعر والعينين .. كانت سفينة غرامه لا تبحث عن الموانئ التقليدية المبهرة بل اعتاد العوم في بحار تئن فيها الرياح.. ضاع فيها المجداف والملاح؟
زارته زوزو في عيادته.. وأدمنت الزيارات؟
كان ناجي يدون قصة حبه لها كلما زارته وهي تتواري خلف الفحص الطبي؟
كتب ناجي لها خلف روشتة الدواء بعد شهر واحد من ترددها عليه وقال:
يا حبيبا زرت يوما.. أيكه.
طائر الشوق مغني.. ألمي.
لك إبطاء المذل المنعم.
وتجني القادر المحتكم.
وحنيني لك يكوي.. أضلعي.
والثواني جمرات.. في دمي؟
وفي زيارة أخري كتب لها يصور غرامها قائلا: هل رأي الحب سكاري.. مثلنا.
وكتب خلف إحدي روشتاته يصور موقفا آخر من غرامها فقال..
ومشينا في طريق مقمر.
تعدو الفرحة فيه.. قبلنا.
وضحكنا.. ضحك طفلين معا.
وعدونا.. فسبقنا ظلنا.
ويمر عام.. وراءه عام.. والحب الكبير.. يعصف بقلب الشاعر الرقيق.. وينساب نغما في رسائله الي ملهمته الفنانة زوزو حمدي الحكيم حتي يفترقا يوما.. ومازالت قصيدة الأطلال بلا نهاية.. أبيات عنده.. وأبيات عندها.. وأبيات مازالت في علم الغيب!.. الي أن جاء يوم صنعت فيه الصدفة لقاء خاطفا بين ناجي وزوزو داخل أحد محال الزهور.. كان هو مع زوجته وكانت هي مع ابنتها!.. حالت بينهما قيود صنعتها الأيام.. وعلاقات الزواج.. زوجة ناجي وابنة زوزو ورغم ذلك تحرك قلب الشاعر الكبير بعد أن مر اللقاء هادئا وهو الذي كان بالأمس بركانا ونارا.. لم يتبادلا كلمة واحدة.. كل منهما عاد الي بيته.. زوزو لا يبرح خاطرها طيف زوجة ناجي وناجي يحترق ويكتب الأبيات التي أجلها القدر حتي كان هذا اللقاء.. أمسك سماعة التليفون وراح ينشدها لزوزو الحكيم:
يا حبيبي.. كل شئ بقضاء
ما بأيدينا.. خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم
بعدما.. عز اللقاء
فإذا أنكر خل.. خله
وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضي كل إلي غايته.. لا تقل شئنا.. فإن الحظ شاء!
زوزو تتكلم!
ابتعدت الفنانة الكبيرة زوزو حمدي الحكيم عن الأضواء كثيرا في سنواتها الأخيرة.. تفرغت لاحتضان ابنتها الوحيدة.. لكنها لم تنف يوما حكايتها مع الأطلال.. واخيرا وقبيل وفاتها بدأت تبوح بالأسرار وكانت تتمني الا تنشر في حال حياتها .
تقول زوزو حمدي الحكيم:
** تظل قصتي مع الشاعر الطبيب ابراهيم ناجي من أشهر القصص.. لن أقول قصص الغرام لأنه لم تربطني بناجي أي علاقة حب!!.. الحكاية كلها بدأت عندما كان يأتي الي المسرح الذي أعمل به يشاهد ويتابع أعمالنا الفنية لاهتمامه بالفنون مثل اهتمامه بالطب.. ثم تولي بعد ذلك مهمة علاج أعضاء الفرقة ومن هنا بدأت العلاقة تتوطد بيننا خاصة بعد مرض والدتي.. أخذ يتردد علي منزلنا لعلاجها ونحن نتردد علي عيادته.. بعدها أصبح صديقا لنا!
وتكمل زوزو حديثها قائلة:
** في إحدي المرات سمعت أغنية السيدة أم كلثوم الجديدة “الأطلال”.. وإذا بي أكتشف أنني قرأت هذه الأبيات من قبل!.. لكن أم كلثوم تغنيها بطريقة مختلفة.. عدت إلي الروشتات التي كان يكتبها ناجي لوالدتي.. وجدت كل بيت من أبيات القصيدة علي كل روشتة من الروشتات!!.. ويناديني فيها بزوزو أو حياتي أو صديقتي الحبيبة أو صديقتي المقدسة!.. لا أنكر أنني بادلته بعض أبيات الشعر لكنه ليس كشعر الغرام الذي يكتبه لي وهذا لولعي بالشعر وإحساسي العالي به.. ناجي لم يكن يكتب الشعر لي فقط.. بل كتب في إحدي المرات لواحدة غيري وعندما سألته عن صحة هذا الخبر أرسل لي رسالة من ثماني صفحات.. يقول في آخر جزء فيها:
لو كنت أحببتها فعلا لرأيت أنت ذلك.. لأنك أيتها العزيزة تكشفيني بثلاث عيون.. عين المرأة وهي وحدها تكفي.. وعين الذكاء النادرة.. وهذه تكفي.. وعين الصديقة الحبيبة التي تحب أن تعرف الي أين امتد ويمتد ظل هذا الصديق.. وهذه عين جبارة!!
ثم تستطرد زوزو الحكيم قائلة:
واختتم ناجي رسالته قائلا لي: “إذا استطعت أن أكون الدليل الذي يريك الفن والجمال والخير والحق والنبل فأنت أعطيتني ذلك القليل.. وأنا كنت لك ذلك الدليل.. فأنا استعنت بروحك السمية علي آدميتي.. وإذا أنا استطعت أن أملأ عليك حياتك فشعرت بالعزة والاستغناء.. يوم ذاك نكون أربابا يا زوزو.. ويبقي حبنا يا زوزو.. إني أحبك«!.
لكن صاحبة الأطلال أحبت رجلا آخر غير ناجي!
تزوجت مرتين من فارس الصحافة الكبير محمد التابعي الذي كان زوجها الأول! ولكنهما افترقا لأن كليهما كان مشغولا عن الآخر بعمله.. ثم تزوجت موظفا كبيرا من بعده اسمه حسين عسكر ابن عائلة كبيرة ذو جاه ومال.. أحبته بجنون.. وها هي تقول عنه:
“عشت معه أسعد وأجمل أيام عمري.. حسين عسكر هو صاحب القلب الوحيد الذي أخلصت له وأخلص لي.. ابتعدت عن الناس جميعا واكتفيت به وبحبه الكبير وباحتوائه لي.. وكدت أعتزل التمثيل لأتفرغ له بعد أن امتلك روحي وقلبي وعقلي برجولته وشهامته وقوة شخصيته وقوة ثقته في نفسه.. لكنه مات قبل أن أتخذ القرار! لم يكن زوج الفنانة الكبيرة يغار من حب ناجي لها؟!
تقول زوزو حمدي الحكيم بالحرف الواحد:
كان زوجي يقرأ قصائد ناجي التي أرسلها لي.. وخطابات الحب التي يلاحقني بها.. وما كان ليغار منه!!.. أولا لأن ناجي ماض وانتهي.. وثانيا لأن ناجي كان هزيلا، ضئيلا، نحيلا، لا يملأ عين امرأة ولا يثير غيرة رجل!.. فقط كان شاعرا غير عادي وروحا شفافة!
اقرأ للكاتب
مفاجأة: قاسم أمين مات منتحراً بسبب الفشل في قصة حب