فؤاد الصباغ يكتب : القمة العربية التنموية الإقتصادية و الإجتماعية ببيروت
إنعقدت مؤخرا بالعاصمة اللبنانية بيروت قمة عربية تنموية إقتصادية و إجتماعية تهدف بالأساس إلي إزالة الصراعات العربية الداخلية و إلي المزيد من تعزيز التعاون الإقليمي و العربي في مجال التنمية الإقتصادية و التضامن الإجتماعي.
ففي أجواء من التفاؤل لمستقبل أفضل كسرت دولة قطر الحصار و عادت إلي الحضن العربي و ذلك بمشاركة الأمير تميم بن حمد آل ثاني شخصيا و هذا يعد إنجاز هام للم الشمل و التوافق العربي بعد هذا الحصار الجائر و الجاثم علي نفوس جميع القطريين.
إن هذه القمة التي خرجت بوثيقة لتعزيز التعاون الإقتصادي في فضاء عربي مشترك ضمن تحالف جديد صامد و قوي ضد الأزمات و الصرعات تعتبر إنتصارا عظيما و تاريخيا.
كما تقدم في الجلسة الإفتتاحية لوزراء الشؤون الخارجية العرب النائب المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي برسالة للقمة تدعو إلي تكريس مبدأ التعاون الدبلوماسي المشترك.
أيضا أكد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إستعداد جميع الدول العربية من أجل توطيد الشراكة الإقتصادية لتحفيز عجلة التنمية و ردع الصدع نتيجة لتراكم الأزمات الداخلية و الصراعات الإقليمية و خاصة منها الحرب في سوريا و اليمن و الحصار ضد دولة قطر و أيضا ملف دعم اللاجئين السوريين في المنطقة العربية.
أما من أهم ما ورد في هذه القمة هو الدعوة لإنشاء صندوق إستثمار عربي في مجال التكنولوجيات الحديثة و الإقتصاد الرقمي برأس مال يقدر ب 200 مليون دولار ساهمت فيه كل من دولة الكويت بمبلغ 50 مليون دولار و دولة قطر ب 50 مليون دولار.
فالإستثمار في مجال التكنولوجيات الحديثة مع تطوير تقنيات المعلومات و الإتصال يعد رهان مستقبلي ناجع و فاعل قصد سد الفجوة الرقمية بين الدول العربية ذات الإقتصاد الصاعد و الدول المتقدمة الصناعية.
كما يمثل اليوم الإقتصاد الرقمي في عالمنا المعولم هذا العمود الفقري للتنمية الإقتصادية الحديثة بحيث يساهم في التجديد و الإبتكار قصد خلق مشاريع صغري ذات جودة عالية و مردودية فاعلة.
بالإضافة إلي ذلك تشمل البنية التحتية الرقمية علي قاعدة بيانات تساعد الإدارة المركزية العربية بتنظيم معلوماتها و إتصالاتها خاصة في مجال مكافحة الإرهاب و أيضا من أجل تسهيل الحركية للأشخاص و للسلع بين مختلف الدول العربية.
فعلي الرغم من أن الإنفتاح علي الفضاء السيبراني العالمي له تأثيرات إيجابية، إلا أنه أيضا في المقابل له تأثيرات سلبية مباشرة علي المستهلكين و المتلقين للمعلومات في الدول العربية. فمن جهة تتمثل التأثيرات الإيجابية في الإستفادة من قاعدة البيانات العلمية مع تطوير البرمجيات و الإبداع في إنتاج مشاريع رقمية أو تجارية إلكترونية مربحة.
أما من جهة أخري فالتأثيرات السلبية تكون أكثر خطورة خاصة إذا تحولت تلك الوسائل إلي قاعدة لتوجيه العمليات الإرهابية أو أيضا للإحتجاجات الشعبية و الإعتصامات الفوضوية بحيث تدخل بعض الدول في نفق التمرد الشعبي و العصيان المدني.
إن رهان هذه القمة العربية علي التنمية الإقتصادية خاصة منها في البنية التحتية المعلوماتية و الرقمية مع تطوير تكنولوجيات الإتصال الحديثة تعد في مجملها مكسب عظيم لمستقبل أفضل تسوده العولمة الرقمية الشاملة و الكاملة في شتي القطاعات الحيوية للإقتصاد.
كذلك يساهم العمل العربي المشترك في مجال التضامن بتكريس قيم العدالة الإجتماعية و الحد من نسبة الفقر بين الجهات و الطبقات و أيضا يساعد المحرومين و المتضررين خاصة منهم اللاجئين من الحروب و الصراعات الإقليمية علي النفوذ.
فمن الواجب الوطني علي الدول الغنية و النفطية المساهمة الإيجابية في ميدان الإغاثة الإنسانية خاصة و أن دول الجوار السوري تشهد مأساة حقيقية للاجئين السوريين نتيجة للصقيع و لتهاطل الأمطار و الثلوج بكميات كبيرة.
فؤاد الصباغ : باحث اقتصادي و كاتب تونسي
اقرأ للكاتب
فؤاد الصباغ يكتب : طهران تغزو الفضاء بقمرين صناعيين