وسيم ونّي يكتب: أقصانا يلفظ أنفاسه الأخيرة
واحد وخمسون عاماً مضت على جريمة إحراق المسجد الأقصى . انقضت تلك الأعوام وما زال الأقصى يعاني قساوة الاحتلال ، فمنذ عام 1967 عندما احُتلت القدس ، وقرّرت الحركة الصهيونية العالمية اتخاذ فلسطين وطنًا قوميّا ليهود العالم ، والأقصى يعاني مرارة الاحتلال ، كونه اتخد من مزاعمه التي روّجها ، ويروجها بأن ” فلسطين هي أرض بلا شعب ” وذلك ليبرّر للعام احتلال القدس وطرد سكانها الأصليين منها واغتصاب منازلهم .
جميعنا يعرف ثورة البراق عام 1929 ، وغيرها من المواجهات التي قام بها أبناء شعبنا الفلسطيني ضد القوات البريطانية والعصابات الصهيونية ، والتي ارتقى فيها الكثير من الشهداء. كل ذلك في سبيل طرد المحتل البريطاني ومنع قيام كيان الاحتلال من إقامة دولته على أرض فلسطين ، أرض الآباء والأجداد .
وها قد بتنا اليوم نشاهد بشكل شبه يومي قطعانًا من المستوطنين ، والمتطرفين اليهود وهم يدنسون باحات المسجد الأقصى بحجة إقامة صلواتهم التلمودية تحت أعين ومرأى وحراسة قوات الإحتلال ؛ والعالم أجمع يغض طرفه عن هذه الممارسات ، بالرغم من أن الأمم المتحدة تعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة لا يحق للاحتلال تغيير معالمها ، أو مسّ مقدّساتها الدينية وخاصة المسجد الاقصى ، وكنيسة القيامة ، إلا أن كيان الاحتلال لايكترث ، ويعيث بها فساداً ضارباً بعرض الحائط احترام قدسية القدس ومنزلتها عند العرب والمسلمين .
ورغم ذلك لا تزال الولايات المتحدة تدعم كيان الاحتلال ، وأضف إلى ذلك الوضع الراهن في الدول العربية حيث الأزمات الداخلية وانتشار الخراب ، والفوضى ، والإرهاب .. والتطبيع العلني واستقبال قادة الإحتلال .
كل ذلك جعل كيان الإحتلال يمارس ما يحلو له من من انتهاكات ومسّ للمقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك ، والحرم الإبراهيمي الشريف محاولًا تقسيم الحرم الشريف مكانيا بعد تقسيمه زمانيا، كما فعل ويفعل حاليا بالحرم الابراهيمي في الخليل .
وهانحن اليوم بتنا نرى وبشكل علني ما يقوم به كيان الاحتلال من حفر للأنفاق أسفل المسجد الأقصى وتهديد بناه التحتيه وصولاً إلى هدمه لإقامة مايسمى بالهيكل المزعوم أن مكانه هنا .
ورغم تلك الحفريات إلا أن علماء الأثار الصهاينة في القدس لم يعثروا من خلالها على دلائل تدل على أي آثار لليهود وهيكلهم المزعوم ، إلا انهم وبشكل علني مازالوا يصرّون على المس بالاقصى وبالقدس، مدعومين بشكل علني من الولايات المتحدة ، وخاصة ادارة الرئيس ترامب التي اعترفت بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ، ونقلت سفارتها للمدينة متحدية بذلك قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ، الأمر الذي يهدد الأمن والسلم العالميين ويعرضهما للخطر ويمس بالمنظمة الدولية ، والمبادئ التي تحملها ، والتي اقيمت من أجلها، وهي منع الحروب ، والاستيلاء على الأراضي بالقوة العسكرية .
أخيراً إن من يراهن على استكانة شعبنا الفلسطيني ، فهو واهم ، فمنذ حوالي القرن وأكثر والمسجد الأقصى والقدس وفلسطين بأكملها تعرضت وتتعرض لاعتداءات لا تعد ولا تحصى من الجرائم ، والتي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب ، وشعبنا الفلسطيني مايزال يصر على حقه في فلسطين ، وطرد الإحتلال منها ، فشعبنا الفلسطيني في القدس سيُسقط هذه المؤامرة التي تستهدف أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين ، كما أسقط مؤامرة البوابات وغيرها من محاولات النيل من الاقصى وبقية المقدسات الإسلامية والمسيحية رغم أنف الاحتلال ومن يسانده .
كما ويتوجب على العالمين العربي والإسلامي مساندة أبناء الشعب الفلسطيني في معركته بالدفاع عن الاقصى ، والقدس ، وبقية اراضي دولة فلسطين ، لأن الاقصى ليس للفلسطينيين فقط ، بل هو لجميع المسلمين ، وهو أيضا مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
فالاقصى بات الآن يلفظ أنفاسه الأخيرة وعلى الجميع التحرك على كافة الأصعدة ، المحلية والعالمية ، والدولية .. لإنقاذه من براثن الاحتلال وأعوانه .
بقلم : د. وسيم ونّي – مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث – لبنان .
اقرأ ايضآ
فتح :اتفاق العار المعلن بين الامارات وحكومة الاحتلال تنكر للحقوق الفلسطينية وخيانة للمسجد الاقصى