فؤاد الصباغ يكتب : أنقذوا أطفال غزة..المازوت فقط!
في هذه الأجواء الشتوية القارصة و الصقيع المدقع يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية تهدد حياة و أرواح العديد من الأطفال الرضع و المسنين المساكين. فمجمع الشفاء الطبي بغزة يشهد منذ قرابة ثلاثة أسابيع أزمة وقود حادة نظرا لنفاذ كميات المخزون العام المشغلة لمولداته الكهربائية و الدخول في الخط الأحمر بإستغلال كميات المخزون الإحتياطي.
إن هذا المركب الطبي يحتوي علي العديد من الأقسام الإستشفائية و لعل أبرزها مستشفي الأطفال الذي يضم العديد من الرضع و النساء الحوامل.
ففي هذا الصدد و مع بداية إستنفاذ الإحتياطي من المازوت في المخازن المنتجة للطاقة الكهربائية وجهت إطارات المستشفي نداء إستغاثة لجميع الجهات الدولية المحلية، الإقليمية و الدولية من أجل إنقاذ أرواح هؤلاء الأطفال الأبرياء.
إذ من المعروف أن الحصار الإقتصادي الذي فرضته سلطات الإحتلال الإسرائيلي علي هذا القطاع تسبب في مأساة إنسانية ثلاثة في منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت تنزف جروح الهم و الغم و لا أحد يبالي. فالظلم و التهميش نخر جسم الأمة العربية التي أصبحت تتخبط في أزمات و كوارث منها الطبيعية أو البشرية.
فقد ساهمت الصراعات الإقليمية علي النفوذ و الحروب الدائرة في المنطقة في بروز كارثة إنسانية عالمية باليمن حولت أطفاله إلي هياكل عظمية و جماجم بشرية بحيث كان في الأمس القريب يلقب باليمن السعيد ليصبح اليوم يلقب باليمن التعيس.
أما الأزمة الإنسانية العربية الثانية فهي تلك أزمة اللاجئين السوريين بالمخيمات الأردنية و التركية و خاصة منها اللبنانية بعرسال و التي تضم حاليا قرابة 60 ألف لاجئ يعانون من الصقيع نتيجة الثلوج المتراكمة علي أكواخهم و من الفيضانات التي جرفت سيولها مخيماتهم البلاستيكية نتيجة للأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة برمتها.
أما أحدث تلك الأزمات الإنسانية و ثالثها فقد بدأت تبرز ملامحهما بمستشفيات قطاع غزة نتيجة للحصار الجائر و الظلم القاهر من قبل العدوان الإسرائيلي علي الأطفال و المسنين بهذا القطاع الصغير من حيث المساحة و الذي يعاني بدوره من كثافة سكانية رهيبة.
إذ تسبب هذا الحصار في تفقير و تحقير أغلب سكان مخيمات القطاع التي أصبحت تعاني الأمرين من إحتلال و ظلم لا مثيل له عالميا و أصبح سكانه يعيشون فقط علي مساعدات وكالة تشغيل و غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الأونوروا.
كما ساهمت عدة عوامل أخري في هذه الأزمة الإنسانية من أهمها تراخي المواقف العربية في دعم القضية الفلسطينية. بالنتيجة كانت لعملية إغلاق المعاملات و التحويلات المالية من المساعدات و الهبات العربية أو الدولية لسكان هذا القطاع الضرر الكبير علي الوضع المعيشي العام الذي تسبب في التدهور الكلي للأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية. بالإضافة لذلك ساهمت عملية غلق المعابر منها معبر كرم أبو سالم و رفح في إعاقة مرور الشاحنات المحملة بالمازوت لتلك المستشفيات المتضررة من هذا الحصار الجائر.
بالتالي كان منسوب المخزون العام من الوقود المستغل لتوليد الكهرباء بمجمع الشفاء الطبي يقدر ب 114 ألف لتر لينخفض مؤخرا إلي حدود 14 ألف لتر و هي كمية ضئيلة جدا و لا تكفي بحيث تغطي إلا أيام معدودة فقط. فمن الواجب الإنساني العربي توجيه المساعدة السريعة لهؤلاء الأطفال التي لا تحتاج في هذه الظروف المأسوية إلا المازوت فقط لتشغيل الآلات الكهربائية من أجل إنعاش الرضع و تدفئتهم من برودة هذا الصقيع الملعون.
فالنداء موجه إلي جميع دول الجوار و علي رأسهم مصر و الأردن و إلي الدول الخليجية من أجل تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لسكان هذا القطاع المحرومين و المساكين و المساهمة الإيجابية في عمليات الإغاثة الدولية عبر تزويد القطاع بالمازوت الذي يمر حاليا بفترة تقشف في كمياته.
فؤاد الصباغ : باحث اقتصادي و كاتب تونسي
اقرأ للكاتب
فؤاد الصباغ يكتب : القمة العربية التنموية الإقتصادية و الإجتماعية ببيروت