بعد هجوم نيوزلاندا.. كيف يمكن للناجين أن يتعافوا نفسيًا؟
تقارير – التلغراف
بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع على مسجدي في مدينة كرايست تشيرش في نيوزلاندا.. سيأتي السؤال الأهم كيف يمكن للناجين أن يتعافوا نفسيًا من آتار هذا الهجوم بعد أن رءوا أمامهم مظهر إطلاق النار وسقوط الضحايا؟
يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي وأمراض المخ والأعصاب، إن الأشخاص الناجين من أحداث القتل الجماعي كما يحدث في الحروب أو الحوادث الإرهابية، يصابون بقلق وتوترات نتيجة ما تعرضوا إليه، وفقًا لموقع “الكونسلتو”.
اضطراب القلق الحاد
فبعيدا عن مشاعر القلق الخفيفية التي تزول مع الوقت من الممكن أن يتعرض الفرد الذي نجا من حادث قتل جماعي أو حادث إرهابي إلى اضطراب القلق الحاد، والذي تشمله أعراض مثل المزاج السلبي والشهور بالتهيج والشعور بالتفكك والرغبة في تجنب الآخرين، وتتستمر هذه الأعراض لمدة ثلاثة أيام على الأقل وتصل إلى شهر بعد التعرض للحادث الإرهابي، بحسب موقع “Psychology Today”.
مشكلة اضطراب القلق الحاد أنه يؤثر على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد فيجعله خائفا ومنطويا على ذاته، تتأثر علاقته وعمله بسبب الحادث.
ويختلف اضطراب القلق الحاد عن اضطراب ما بعد الصدمة في أنه يستمر لمدة شهر واحد فقط، بينما يستمر اضطراب ما بعد الصدمة لعدة أشهر بعد الحادث وتشتمل أعراض على إعادة تجربة الحادث الصادم مع الذكريات المؤلمة والكوابيس.
كيف تتجاوز مشاعر القلق؟
النجاة من حادث قتل جماعي ليس بالأمر السهل على الإطلاق من الناحية النفسية، فالكثير من مشاعر الخوف والقلق سوف تهجم على رأسك، وإن لم تستطع إدارتها جيدا فستمنعك من أن تعيش حياتك بطريقة طبيعية، وفيما يلي بعض الخطوات التي تساعدك على تجاوز هذه المشاعر السلبية:
تقبل مشاعرك
مشاعر القلق التي ستشعر بها بعد التعرض لحادث قتل حماعي هي مشاعر طبيعية بالتأكيد، فمن الطبيعي أن تنتابك مشاعر القلق التي يجب أن تتقبلها وتتعامل معها، وهذه المشاعر تأخذ وقتها وتتلاشي مع الزمن، بحسب ما يذكر موقع “Huffington post”.
مع العلم أنه لا يجب الخوف من هذه المشاعر التي تراودك وأن تخبر الآخرين بها، فالحصول على الدعم النفسي من المقربين، من أكبر العوامل التي تستساعدك على التغلب على هذه المحنة.
العودة للروتين الطبيعي
لا يجب أن تمنعك مشاعر القلق من العودة إلى نشاطك الطبيعي من عمل أو دراسة، فالاستغراق في الروتين الطبيعي للحياة يساعد العقل على الدخول في منطقة من الراحة تشعرك بالأمان وتخفف من مشاعر القلق التي تهجم عليك من حين لآخر.
فكلما كانت حياتك أكثر تنظيما ومليئة بالانشطة اليومية التي تشغل عقلك وتفكيرك، زاد نشاط عقلك اللاواعي لخفض مستويات انعدام الأمان.
استمتع بالأشياء البسيطة
على الرغم من أن مشاعر القلق التي تعقب النجاة من حادث قتل جماعي هي مشاعر سلبية ومنهكة للغاية، ولكن يجب أ تمنع عقلك من الانجراف معها وأن تأخذ وقتك في الاستمتاع بالأشياء البسيطة حولك، فهذا الاستمتاع البسيطة يساعد على إفراز هرمون الإندروفين في جسمك والمسئول عن الشعور بالراحة والاسترخاء والتخلص من مشاعر القلق، بحسب ما يذكر موقع “Huffington post”.
كرب ما بعد الصدمة
وبعيدا عن اضطراب القلق الحاد الذي يزول بعد شهر، هناك من يصابون بأمراض نفسية وخيمة، كما يقول “فرويز” موضحا أن هذا يعود إلى وجود جين وراثي أو مرض نفسي لم يظهر إلا من خلال تعرضه للحادثة.
وأضاف أن هؤلاء المرضى يعانون من مرض يسمي” عصاب ما بعد الصدمة”، موضحاً أنه مرض يحدث نتيجة التعرض لصوت عالي شديد، كصوت طلقات النيران، أو المشاهد الدموية العنيفة، مما يتسبب في حدوث بعض الأعراض للشخص، كزيادة في ضربات القلب، والصداع، وجفاف الريق، عرق غزير، رؤية الكوابيس أثناء النوم، بالإضافة إلى التبول اللارادي، لافتاً إلى أنه بعد حرب أكتوبر، عانى بعض الناجين من الحرب من هذه الأمراض.
ونصح فرويز بأهمية الذهاب إلى طبيب نفسي، للتشخيص السليم للحالة وتقديم لها العلاج المبكر.
وفي السياق ذاته قال دكتور محمد الشامي، استشاري الأمراض النفسية، إن تعرض الشخص لحوادث القتل الجماعي، يدخل في مرحلتين، أولاً “مرحلة حزن ما بعد الحادثة”: وهي مرحلة طبيعية يظل فيها الفرد يشعر بالحزن لفترة قصيرة من الوقت لا تتجاوز ال 3أشهر وينسى مع الوقت، مؤكداً أن هذا الشعور طبيعي ولا يعد مرض نفسي ويتعافى الشخص منه بمرور الوقت
وثانياً مرحلة تُسمى ” كرب ما بعد الصدمة”: وفي هذه الحالة يدخل الشخص في حالة نفسية شديدة السوء وتظهر عليه بعض الأمراض كألم في المعدة، وصداع مزمن واضطرابات في القلب، تحدث به كلما تذكر الحادثة أو تعرض لموقف شبيه لها.
وأكد الشامي أن الأطباء النفسيين في هذه الحالات، يقومون بعمل جلسات علاجية، يتم فيها التحدث مع المريض وتقديم له بعض الإرشادات، أو عمل إعادة تكيف للمريض ببعض التجارب، لمحاربة الخوف، على سبيل المثال يخاف البعض من التقرب من مكان الحادث، فهنا يتم تشجيعه بالتجربة ومتابعة تصرفاته، بالإضافة إلى إعطاؤه بعض الأدوية، التي من شأنها خفيف حدة التوتر وتحسين المزاج، مشيراً إلى أهمية دعم الأهل والأصدقاء للمريض.