وليد صلاح يكتب : العزلة
يقال ان العزلة لها أوجه كثيرة، منها العزلة الجغرافية فهى تجذب صاحبها أحياناً نحو أوطان بعيدة او مدنِ بعيدة او حتى مساكن بعيدة او أحياء بعيدة، ففهى كل أحوالها العزلة واضحة ببعدها عن الحياه القديمة المُقدمة من الدنيا و الأهل و الظروف المُحيطة، و لكن فى آخر الأمر يُدرك المرء أنه أتخذ القرار للفُراق دون رَاجعة سواء كان مُصاحب لأسرته او حتى زوجته او بمفرد بمتاعه الحياتية و الشخصية، و لكن فى كل الأحوال يتمتع بقوة القرار الذى أتخذه او بصلابة موقفه، و هنا يعيش المرء مستمتعاً بأختياره و قراره، و يبدأ تشكيل جديد لنمط حياته المُقررة التى من الممكن جداً ان تصبح شبه سعيدة إن نجحت، و لكن للعزلة وجها آخر غير مُقرر و غير مُختار من المرء و هنا هو لا دخل له بالسبب مما يستدعى للألتفات و الأنتباه و الظرف الذى يجذب صاحبة للعزلة.
من المؤكد توجد ظروف و تقلبات و محن فى الحياه تشكل الأنسان من مهاراته و صفاته و مبادئه و شخصيته بشكل عام، و لكن تظهر بعد الأشخاص و هم ليسو ضعفاء او جبناء بعد مرورهم بتجربةٍ ما او محنةٍ ما او حتى بدون اى مرور بأى ظرفٍ ما يقفوا كثيراً مندهشين من نمط الحياه الشخصية الخاص بهم او نمط الحياه المحيطة من أشخاص و مواقف و تصرفات بشكل عام، و يبقى واقفاً لفترة من الزمن قد تزيد او تقل مندهشين من النمط و الوتيرة و الترتيب بشكل عام، و أحياناً هنا ينتهى الأمر بالدخول فى كبسولة الصمت و تبدأ المشاهدة فقط دول أدنى تفاعل او حتى تكيف، ولا يتبقى إلا الشعور طوال الوقت بالغضب و الأعتراض و الرفض لما يحيط من أحداث و تصرفات، و يبدأ تحول الحوار من بين المرء و المحيط إلى بين المرء و نفسه فى سياغ جديد من نوعه و هو طرح التساؤلات الأستنكارية طارة و الأعتراضية طارة و أستهزائية طارة أخرى، و لكن فى النهاية يرحب بشخص جديد بالداخل لتلقى كل هذة الأسئلة الغضوبة الأستنكارية، هل تعلم من هذا الشخص؟ فهذا هو العزلة التى تجذب صاحبها و جذبته لشبه زيجة كاثوليكية غير وارد الأنفصال فيها، فتتشكل تلك الزيجة من المرء و عزلته فقط و لا أحد بينهم، و هنا فقد تشكلت حياه المرء و يبدأ الترحاب بالنمط الجديد و الغريب أيضاً من أحاديث داخلية و أسئلة أستنكارية و وجودية.
فمثلما تُوٌجَتْ هذه الزيجة بالصمت و الرفض و الأعتراض و عدم الرغبة فى التعبير، فتنجب أنسان مثلما لم يعلم التعبير و الأعتراض و أياً من أنماط التعبير، فتكون حياته بلا اى رد فعل او بمعنى أوضع بلا تعبير ورغم أدراكه و شعوره بالمحيط و بكل تعافلاته و لكن يجهل وسائل لتعبير عن تلك التفاعل و الأحتكاك، و مع الوقت و التكرار و الأعتياد يبدأ الأدراك و الشعور بالأحداث بقل بالتدريج مع تكراره، و هنا بدخل الأنسان فى كبسولة أضيق قواعدها و أُسسها هى عدم التعبير او بمعنى ادق الجهل فى التعبير و الجديد ايضاً فى عدم الشعور و الأدراك و الأحساس، فبوصف تجريدى يمكن ان نصف تلك الزيجة بأنجابها الأبن البكرى وهو اللامبلاه فى التعبير و الأبن الأصغر بل المُدلل وهو التبلد فى الأحساس و الشعور و الأدراك، و المباركة فى تلك الزيجة هى الأحداث و الظروف و تفاعلات الحياه و محنها.
الكاتب : مسئول شئون التعليم لدى الإتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل
اقرأ للكاتب
وليد صلاح يكتب : هجمات العلاج الحر على مؤسسات التأهيل