الحرب بالمرض من أهم الأسلحة الفتاكة عبر التاريخ وفي كل أنحاء العالم

الحروب البيولوجية عبر التاريخ بدأها الآشوريين في القرن ال13 قبل الميلاد

تقرير: د. عبدالله الناصر حلمى

الحرب البيولوجية (بالإنجليزية: Biological Warfare)‏ وتعرف أيضًا باسم الحرب الجرثومية أو الحرب الميكروبية، هي الاستخدام المتعمد للجراثيم أوالفيروسات أو غيرها من الكائنات الحية الدقيقة وسمومها التي تؤدي إلى نشرالأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات، وسبل مقاومة هذه الأوبئة ومسبباتها.

ويطلق البعض على هذا النوع من الحروب اسم الحرب البكتيرية، أوالحرب الجرثومية، غير أن تعبير الحرب البيولوجية أكثر دقة وشمولية.

والاستخدام المتعمد للعوامل البيولوجية في الحروب قديم جدا، إذ كثيرا ما لجأ المحاربون القدماء إلى تسميم مياه الشرب والنبيذ والمأكولات، وإلقاء جثث المصابين بالأوبئة في معسكرات أعدائهم.

ولقد استمر اللجوء إلى هذه العوامل حتى القرن العشرين، حيث استخدمها البريطانيون والأمريكان في جنوب شرقي آسيا لتدمير المحاصيل والغابات التي توفر ملجأ للقوات المحاربة لهم.

وتؤدي الحرب البيولوجية إلى صعوبات بالغة ليس على صعيد الدفاع فحسب، بل وعلى صعيد الهجوم كذلك، إذ إن من الصعب ضبطها وتحديد مناطق تأثيرها عند اللجوء إليها.

ولذا فإنها تعتبر أكثر خطورة من الأسلحة الكيماوية من ضمن أسلحة الدمار الشامل.

ولقد كانت هذه الحقيقة وراء الجهود التي بذلت طيلة القرن العشرين للحد من إمكانات استخدامها وتطوير الأسلحة الخاصة بها.

ولقد وقعت الدول الكبرى في العام 1925 “اتفاقية جنيف” التي تمنع اللجوء إلى الأسلحة البكتريولوجية في الحروب. وذلك بالإضافة إلى منع الغازات السامة وغيرها. ولقد أقرت 29 دولة هذه الاتفاقية.

وكانت الولايات المتحدة أبرز الممتنعين عن الانضمام إليها. كما اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا في ديسمبر، 1966، يقضي بضرورة الالتزام بالبروتوكول المذكور، وبذلت بريطانيا خلال الستينات جهودا باتجاه نزع السلاح البيولوجي، ولاقت تلك الجهود دعما واسعا، لا سيما من الاتحاد السوفييتي.

ومن جهة ثانية، قام الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في العام 1969 بإعلان استنكار الولايات المتحدة لاستخدام الأسلحة البيولوجية، وأمر بتدمير مخزون بلاده منها. وتجدر الإشارة إلى أن “إسرائيل” ليست من البلدان التي انضمت إلى مجموعة “اتفاقية جنيف”.

وعلى الرغم من كافة هذه الجهود، فإن خطر استخدام الأسلحة البيولوجية لايزال ماثلا في مطلع الثمانينات. ولا تزال الدول الكبرى تتبادل الاتهامات حول إجراء اختبارات على الأسلحة البيولوجية وتطويرها.

ومما لا شك فيه أن من الصعب ضبط انتشار الأسلحة البيولوجية نظرا لسهولة تطويرها، الأمر الذي يفاقم المعضلات التي تواجه الجهود المبذولة لنزعها على الصعيد الدولي، كما يزيد من احتمالات استخدامها في نزاع قد يكون “محليا”.

اقرأ ايضآ | صحف ألمانية: رواية روسيا عن الهجوم بالغاز في سوريا غير مقنعة

المؤامرة

في ربيع 1763، كان الجدري قد أصاب عدداً من التجار والمستوطنين في “فورت بيت” في ديلاوير، حيث كان هؤلاء يتقدمون في أراضي الهنود الحمر. في تموز أرسل الهنود وفداً لإقناع المستوطنين بترك المنطقة بسلام. رفض المستوطنون عروض الهنود الحمر مغادرة “فورت بيت”. وقدموا للهنود بدلا من ذلك بعض الهدايا، وكان ضمن تلك الهدايا، بطانيات تم تحميلها بجراثيم الجدري!

وتسبب المرض في القضاء على عدد كبير جدا من الهنود الحمر الذين لم تكن لديهم مناعة من المرض!

كالعادة، هناك حملة قوية لإنكار ما حدث، او التشكيك بتأثيره. لكن الوثائق الرسمية بالتواريخ والأسماء، لا تدع أي مجال للشك.

الفكرة بدأت باقتراح من السير جيفري أمرست الى الكولونيل هنري بوكيت للاستفادة من المرض ضد هؤلاء الهنود الغاضبين، مؤكداً: “علينا ان نفعل ما نستطيع لنقلل اعدادهم”. فرد عليه بأنه سيحاول نشر المرض بين الهنود من خلال إرسال بطانيات ملوثة بجراثيم، مضيفاً: “يجب أن انتبه أن لا أصاب بالعدوى بنفسي”.

رد عليه قائده أمرست مرحباً، ومضيفاً: “..واستعمل كل الطرق الأخرى التي يمكن أن تساعدنا على إبادة هذا الجنس الملعون”.

ما لم يكن بوكيت وإمرست يعلمانه ان هناك من كان قد سبقهما بالضبط إلى تلك الفكرة ونفذها!

تاجر ومضارب أراضي وكابتن مرتزقة اسمه وليام ترنت، كتب في مذكراته عما حدث في محادثات “السلام” أعلاه، وأكد قصة هدية البطانيات والمنديل التي تم أخذها من غرفة الجدري المعزولة في المستشفى، مضيفاً عبارة: “آمل أن يكون لها أثرها المطلوب”!

وكتب يطلب ثمن “بطانيتين ومنديل اشتراهما بدلا من التي أخذت من المستشفى لنقل الجدري إلى الهنود”.

لا غرابة أن يتساءل الناس اليوم إن لم تكن قصة الكورونا تكرار لهذا التاريخ وأساليبه. والحقيقة أن مجرد التساؤل، واعتبار الأمر محتملا، يشي بمدى الخطر الذي تمر به البشرية اليوم.

عبدالله الناصر حلمى
عبدالله الناصر حلمى

اقرأ ايضآ

أبطال استخدام “الكيميائي” عبر التاريخ .. ألمانيا وأمريكا قتلتا وشوهتا ملايين البشر

شكرا للتعليق على الموضوع