البتول جمال ال تركي تكتب: إهداء إلى قلب أختي الغالية سميرة

قلب الإنسان مثل المزرعة التي تقبل زراعة كلَّ أنواع الفواكه أو الخضروات ، فهناك قلوب بيضاء نقية لم يلوثها الاختلاط بالآخرين لم تتلون بأنواع الخبائث ، رغم كثرتهم من حولها وغالباً ما نُجبر على الاحتكاك معهم والقلوب تختلف باختلاف أصحابها فمنهم من يحمل قلباً نقيّاً ومنهم من يحمل قلباً أسوداً خبيثاً والعياذ بالله منه ، ومنهم من يحمل قلباً مليئاً بالحقد والحسد والكراهية ومنهم من يحمل قلباً طفح فيه الكِبر والغرور ، ولكن يبقى التحدي العظيم لصاحب القلب النقي الأبيض بألا يتأثر بهؤلاء الذين ذكرناهم ولا تؤثر طاقاتهم السلبية عليه فيتغير لون قلبه الأبيض إلى ألوان أخرى .

 انتقلت أختي الكبرى سميرة إلى الرحاب الأعلى نسأل الله تعالى لها الرحمة والمغفرة وأن يسكنها الحق الرحيم الكريم فسيح جنانه ، لأنها كانت من أصحاب القلوب البيضاء النقية ( لا أقول هذا لأنها أختي ) إنما هذه شهادة من جميع من عرفها يرحمها الله تعالى كانت تحمل قلباً أنقى من الثلج في بياضه ونقاء أصفى من الزجاج في شفافيته ، وكانت لا تعاتب أحداً قطعها من أصحاب القلوب الملونة أولم يزرها بل كانت متسامحة بلا حدود رغم مرضها العضال وقعودها بالبيت بسبب المرض ، لقد كانت يدها بيضاء على الجميع كريمة النفس سَحَّاءَة اليد في العطاء وكانت يرحمها الله تعالى بحراً ليس له أطراف من التفاؤل والثقة بالله وبما عند الله ، كان لديها إيمان راسخ قلَّ أن نجده في هذا الزمان رغم أنها لم تقرأ ولم تكتب ولكنها عفوية في حبها وودادها وتوددها لمن حولها وكانت تقول في دعائها : يارب لا أعرف القراءة حتى أدعوك فسامحني وتجاوز عني باللهجة الجدواية القديمة .

حالة أختي سميرة يرحمها الله تعالى ذكرتني بالحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة حيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يدخل علينا غداً رجل من هذا الباب من أهل الجنة ” فلمّا كان من الغد دخل علينا رجل رثَّ الثياب فقير الحال فلما رآه رسول الله تبسم وقام فصافحه ورحب به فقال الرجل : أُدع الله  لي يا رسول الله  ، فقال رسول الله : ” اللهم أكتب له الفردوس الأعلى واجعله رفيقي في الجنة ” فقال أبو هريرة : أهو هو يارسول الله ؟ فقال رسول الله : ” نعم هو ” فقال أبو هريرة : هذا عبد مملوك عند آل فلان هلا أعتقته يارسول الله فقال أشرف الخلق : ” وماذا أصنع إن كان هذا نصيبه من الدنيا وله عند الله مقام الملوك ” فتعجب أبو هريرة من قول النبي فقال فلحظه رسول الله فقال : ” إنَّ من عباد الله من يحبه الله تعالى ” فقال أبو هريرة : من هم يارسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ” هم الأصفياء الأخفياء إذا حضروا لم يُعرفوا وإذا غابوا لم يٌفقدوا مجهولون عند أهل الأرض معلومون عند أهل السماء ” فقال أبو هريرة : دُلني على واحد منهم يارسول الله .. فقال رسول الله : ” أويس القرني منهم ” فنظر الصحابة إلى بعضهم لعل أحدهم يعرفه فلم يعرفه أحداً منهم فوصفه لهم رسول الله ووأضاف بأنه كان بّاراً بوالدته وقال يأتي البارّون بوالديهم يوم القيامة فيدخلون الجنة ويأتي أويس القرني فيقال له قف لا تدخل فينتظر برهة ثم يقال له : يا أويس اشفع بمن تريد من الناس فيشفع لقدر كبير من الناس … ثم قال رسول الله للصحابة : ” من رآه منكم فليطلب منه أن يدعوا له “.

أسأل الله تعالى لها الرحمة وأن يحشرها مع الصافية قلوبهم فأنا أشهد لها بذلك وجميع من يعرفها أيضاً رحمك الله أختي الحنونة سميره وجمعنا وإياك المولى تعالى الجنان بصحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى .

اقرأ ايضآ

أسامة ال تركي يكتب: أنا وأمي العزيزة<
/p>

شكرا للتعليق على الموضوع